منذ أن اتضح بأن جو بايدن هو الرئيس المنتخب، أرسلت حملة دونالد ترامب كماً هائلاً من الرسائل النصية، وطلبات البريد الإلكتروني التي تسعى للحصول على تبرعات لدفع الفواتير القانونية التي تكبدتها أثناء محاولتها، دون جدوى، إلغاء نتائج الانتخابات. وقد جمعت هذه الجهود بالفعل ما بين 150 و170 مليون دولار، وفقاً لصحيفتي «واشنطن بوست» و«نيويورك تايمز». فما هي احتمالية استخدام كل هذه الأموال فعلياً لدفع فواتير ترامب القانونية؟
كما ذكرت «بلومبرج نيوز» وغيرها قبل أسابيع، فإن معظم التبرعات للجنة ترامب «فلنجعل أميركا عظيمة مرة أخرى» يتم تحويلها إلى لجنة العمل السياسي الجديدة التابعة لترامب والتي تحمل اسم «أنقذ أميركا». ويذهب الباقي إلى اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري. لا يُطلب من لجنة العمل السياسي الخاصة بترامب استخدام الأموال حصرياً لسداد الرسوم القانونية، بل يمكن استخدامها أيضاً لتغطية النفقات السياسية مثل السفر وجمع الأموال والتبرعات لمرشحين آخرين.
وبينما يواصل فريق ترامب طلب المال من مانحين صغار متعلقين بفكرة أن شخصاً ما تمكن بشكل غير عادل من توجيه حوالي 7 ملايين صوت إلى بايدن، فيما كان ينبغي لهذه الأصوات أن تذهب إلى ترامب.. فإن الواقع قد تدخّل. قال المدعي العام «وليام بار»، وهو نفس الرجل الذي ساعد ترامب في تفادي تحقيق المستشار الخاص السابق «روبرت مولر»، قال لوكالة «أسوشيتيد برس» الأسبوع الماضي، إن «وزارة العدل لم تكشف عن أدلة على وجود تزوير واسع النطاق للناخبين من شأنه تغيير نتائج الانتخابات الرئاسية لعام 2020».
وبالإضافة إلى بار، فقد ترامب أيضاً مسؤولين محليين يتسمون بالشجاعة من كلا الحزبين كانوا يعملون على ضمان تمتع البلاد بانتخابات آمنة وموثوقة. أما الولايات المحورية التي كان ترامب يحتاج إليها للفوز في تمثيلية تزوير التصويت، فقد صدّقت الآن على نتائجها لصالح بايدن.
لكن الأمر لم يكن يتعلق أبداً بالتزوير، وأظن أن ترامب لم يصدق حقاً لمدة دقيقة واحدة أن الرئاسة قد سُلبت منه. كانت لدى ترامب أسباب متعددة لمحاولة تشويه الانتخابات: فهو لا يمكنه قبول فكرة أن يكون خاسراً. وهو يواجه تحديات قانونية ومالية كان من الممكن أن تكون أقل إيلاماً لو ظل في المكتب البيضاوي واستمر في التمتع بحماية الرئاسة. والآن يمكننا إضافة عامل آخر إلى هذا المزيج: اكتشف ترامب أن الادعاء بأن كارثة على وشك الحدوث هو اقتراح لكسب المال!
لقد ترأس ترامب وأبناؤه الثلاثة الأكبر «مؤسسة خيرية»، هي «مؤسسة ترامب» التي أوقفها مكتب المدعي العام لولاية نيويورك عن العمل في عام 2018 بسبب «نمط مروع من عدم الشرعية» و«التعامل المتعمد مع الذات» والذي سمح لهم بتحويل العمل الخيري إلى حصّالة للمال.
ومرة أخرى في شهر سبتمبر، كانت حملة ترامب الرئاسية تعمل بالقليل من المال بعد شهور من الإنفاق الباهظ. وذكر ترامب في ذلك الوقت أنه على استعداد لوضع 100 مليون دولار من أمواله الخاصة في حملته إذا احتاجت إلى دعم.. لكنه لم يفعل.
ومن المحتمل أن المحامين الذين يواجهون «محاولة الانقلاب الانتخابية» لترامب يرون أيضاً الشق المالي لهذه المحاولة.
على أي شخص يساهم في «الدفاع عن الانتخابات» لصالح ترامب أن يتذكر أنه لم يضع أمواله الخاصة على الطاولة، حيث كان يجد أشخاصاً مستعدين للمخاطرة بدلا من ذلك.
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»