أي نقاش للأميركيين العرب يتعين أن يأخذ في اعتباره، منذ البداية، التنوع الشديد وأيضاً القيم والاهتمامات المشتركة الموجودة داخل الجالية، فكما هو حال معظم الجماعات العرقية، ليس الأميركيون العرب قطعة واحدة، إنهم ينحدرون من 22 دولة متحدثة بالعربية ولديهم تقاليد دينية مختلفة، وثلاثة أرباع الجالية ولدوا في الولايات المتحدة –بعض هؤلاء من مواليد الجيل الرابع في أميركا- والباقي ولدوا بالخارج وحصلوا على الجنسية الأميركية، ورغم هذا الثراء في التنوع، كشف استطلاع أجراه في الآونة الأخيرة المعهد الأميركي- العربي في واشنطن عن عدد كبير من التوجهات المشتركة وسط عدد كبير من الخاضعين للاستطلاع من كل الجماعات السكانية الثانوية.
وذكرنا من قبل أن استطلاع المعهد توصل إلى أن الناخبين الأميركيين العرب فضلوا جو بايدن (59%) على دونالد ترامب (35%)، واستكشف الاستطلاع أيضا الطريقة التي ينظر بها الأميركيون العرب إلى عدد من قضايا الشرق الأوسط ذات الصلة، وكيف يقيمون طريقة معالجة كلا المرشحين لكثير من هذه القضايا نفسها.
وبفحص قائمة مؤلفة من 14 قضية من قضايا الاهتمام السياسي، ذكر 5% فقط من الأميركيين العرب أن قضية الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي تمثل أولوية لهم في حسم قرار التصويت للمرشح الرئاسي، وهي قضية السياسة الخارجية الوحيدة التي جرى تضمينها في القائمة، ورغم هذا، أوضح 44% من الخاضعين للمسح أن حسم الصراع كان واحداً من أهم تحديات السياسة الخارجية التي واجهتها الإدارة الأميركية، والواقع أن هذه القضية صُنفت باعتبارها أهم قضية بين سبع قضايا مهمة تتعلق بالشرق الأوسط شملها الاستطلاع، وجاء في المرتبة الثانية (بنسبة 33%) «تلبية الحاجات الإنسانية في سوريا»، وفي المرتبة الثالثة (بنسبة 28%) جاءت قضية «معالجة الأزمة السياسية والاقتصادية في لبنان»، وتلا ذلك قضية إنهاء الحرب في اليمن وتحسين العلاقات مع العالم العربي ومواجهة التهديد الذي تشكله إيران وتحقيق الاستقرار في العراق وإعادة إعماره، وهي قضية حظيت بأهمية لدى نسبة تراوحت بين 11% و16% من الأميركيين العرب.
ورأت أكثرية كبيرة من الأميركيين العرب عدم فعالية معالجة دونالد ترامب لكل من قضايا السياسة الخارجية تلك، وذكرت نسبة تراوحت بين 48% و32% من ناخبي الجالية العربية أنهم يعتقدون أن جو بايدن سيكون أفضل في تحسين العلاقات مع العالم العربي. وحين سئل الخاضعون للمسح عن توجهاتهم نحو «الدول المختلفة على امتداد الشرق الأوسط التي تلعب أدواراً تتزايد أهمية»، أبدى الأميركيون العرب أكبر التأييد تجاه مصر والإمارات العربية المتحدة السعودية.
وذكر 78% من الأميركيين العرب أنهم يعتبرون الاتفاقات التي وقعتها الإمارات والبحرين في الآونة الأخيرة مع إسرائيل تطوراً إيجابياً وعبر 63% من الخاضعين للمسح عن أملهم في أن تساهم هذه الإتفاقات في «جعل الشرق الأوسط منطقة أكثر سلاماً». وطرح استطلاع المعهد سؤالاً على العرب الأميركيين عن الطريقة التي يرجح أن يصفوا بها أنفسهم ومدى انتسابهم لبلادهم الأصلية أو ديانتهم أو كونهم أميركيين عرباً، وكانت الهوية المفضلة لديهم هي ببساطة «أميركي عربي» (29%) وفي المرتبة الثانية جاء الانتماء إلى البلد الأصلية (27%) ثم الانتساب إلى الدين (15%) فقط، لكن هناك 17% اختاروا الانتساب إلى الهويات الثلاث: أميركي عربي والبلد الأم والديانة.
وذكر أكثر من ثلاثة أرباع الأميركيين العرب أنهم «فخورون للغاية» بإرثهم العرقي. ومن المهم الإشارة إلى أنهم يتمسكون بهذا الفخر رغم أن 61% ذكروا أنهم تعرضوا «شخصياً للتمييز بسبب عرقيتهم أو بلدهم الأم»، وهذا الخوف من التمييز كان قوياً مع قول 70% من الأميركيين العرب إنهم «قلقون بشأن مواجهة التمييز في المستقبل بسبب عرقيتهم أو بلدهم الأصلي»، وفي الختام، فإن ما نخلص إليه في هذا المسح للأميركيين العرب هو أنه رغم كل التنوع داخل الجالية، يشعر أفرادها بالفخر بإرثهم الحضاري وبالقلق من التمييز، ويشتركون في بعض التوجهات نحو طائفة من القضايا الداخلية والخارجية.
رئيس المعهد الأميركي- العربي، واشنطن