أظهرت دولة الإمارات العربية المتحدة، في كل مرة تعتمد فيها موازناتها السنوية، حرصاً بالغاً على تعزيز قيمة المصروفات على المجالات الاجتماعية، كالرعاية الصحية والتعليم والإسكان، وذلك انطلاقاً من إيمانها المطلق بأهمية دعم هذه القطاعات، بوصفها أداة مهمة من أدوات التقدم والتطور، ذلك أنها تدخل في صلب الأهداف التنموية التي تعمل الدولة على تحقيقها في كل الصُّعد.
وفي سياق تأكيد ريادتها في دعم المجالات الاجتماعية، أكد صندوق النقد الدولي مؤخراً في تقريره «الإنفاق الاجتماعي للنمو الشامل في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى»، أن دولة الإمارات تواصل زيادة إنفاقها الاجتماعي سعيًا إلى تعزيز النمو الشامل، سواء قبل أو بعد تفشي جائحة «كوفيد-19»، مشيراً إلى أن الإنفاق الاجتماعي فيها كان كبيراً قبل تفشي الجائحة، وزاد وتكثّف أكثر أثناء الجائحة أيضًا، وهو ما تمثّل في إعلانها حُزَمًا ضخمة من المحفزات المالية التي تدعم أفراد المجتمع وتُمكّنهم من مواجهة التداعيات الاقتصادية للجائحة، إضافة إلى دور تلك المحفِّزات في دعم الاقتصاد بمختلف قطاعاته.
تقرير صندوق النقد -الذي أشاد بدولة الإمارات، لكونها أظهرت اهتماماً مميزاً بزيادة الإنفاق الاجتماعي عامًا بعد آخر، تمثّل بإجراء تغييرات في النُّظم المالية، وزيادة النفقات المخصصة لشبكات التأمين الاجتماعي، وتنويع الإيرادات وتعظيمها- يُسلّط الضوء على مسألة غاية في الأهمية، وهي أن قيادة الدولة الرشيدة لم تغفل عن ضرورة زيادة حجم مخصصات المنافع الاجتماعية ونوعيتها، انطلاقاً من الرؤية الحكيمة التي تَعتبر دعم مجالات التنمية الاجتماعية أحد أهم الشروط اللازمة لتحقيق التقدم التنموي المنشود، وهو ما يَظهر في أجندة الحكومة الاتحادية والحكومات المحلية، وينسجم مع رؤية الإمارات 2021 وبقية الخطط الاستراتيجية التي تسعى إلى ضمان توفير الحياة الكريمة لأفراد المجتمع، من خلال توفير الخدمات الصحية والتعليمية، وإنشاء وتطوير المراكز والمرافق والخدمات الحكومية.
لقد أكّدت دولة الإمارات أن قطاع التنمية الاجتماعية أولوية رئيسة في أجنداتها التنموية، ذلك أن الإنسان فيها هو الثروة الأهم والعنصر الأكثر فاعلية في عملية البناء والنهضة، ولذا فإن تطوير الخدمات الخاصة بصحته وتعليمه وسكنه، كان على الدوام محور اهتمام القيادة الرشيدة، عبر التوجيه بتكثيف الإنفاق الحكومي على القطاعات الاجتماعية، بوصفها الضمانة المهمة والرئيسة للنمو والتطور، وهو ما يوضحه حصول الدولة على المركز الأول عالمياً في كفاءة الإنفاق الحكومي، في مؤشر التنافسية الدولية الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي في نهاية عام 2019، الذي تفوّقت فيه على 136 دولة.
إن كفاءة الإنفاق الحكومي تعني الاستخدام الأمثل للموارد المالية في القطاعات الحيوية، التي تدعم مسيرة التنمية، وتحقق النمو والاستقرار الاجتماعي والاقتصادي لأفراد المجتمع، ولذا نجد أن دولة الإمارات عزّزت من الإنفاق، كماً ونوعاً، في المجالات ذات الأولوية، كالصحة والتعليم والعمل والإسكان، وركّزت على مقدار حاجة المجتمع إلى المشروعات التي تحقق المنفعة الجماعية، واهتمّت في إنفاقها بتحفيز الابتكار والإنتاجية لدى الإنسان، بوصفهما إحدى أهم الآليات اللازمة لتحقيق الاستدامة والمساواة وتكافؤ الفرص، إضافةً إلى أنها تضمن للأجيال مستقبلاً مستقراً ومزدهراً.
ولأن دولة الإمارات لن تتنازل عن هدفها المُتمثّل في تحقيق المركز الأول في مؤشرات التنافسية العالمية، فقد عملت على الدوام على مواصلة التحسينات في العديد من المحاور والمؤشرات الاجتماعية، فكانت في ظل أزمة الجائحة مثالاً يُحتذى به في تطوير الأداء الحكومي وتوحيد الجهود في مواجهة الظروف الطارئة التي يمر بها العالم، فحققت أداءً متوازناً في تقرير الكتاب السنوي للتنافسية العالمية 2020، إذ تصدّرت فيه للعام الرابع على التوالي بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وحققت المركز الأول عالميًّا في 23 مؤشراً، أبرزها: مؤشر نسبة التوظيف ومؤشر نفقات الاستهلاك الأسري -النمو الفعلي، ونسبة القوى العاملة من إجمالي السكان، والعديد من المؤشرات التي تدلُّ على الاهتمام بدعم التنمية الاجتماعية، واعتبارها عاملاً رئيساً من عوامل النهضة والتطور.

*عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.