تحظى قضية مكافحة الأمية في العالم العربي باهتمام كبير لدى القيادة الرشيدة لدولة الإمارات العربية المتحدة، وقد بذلت الدولة جهوداً كبيرة وقدمت العديد من المبادرات في هذا السياق. وهنا لا بد من الإشارة إلى أن الدولة تعهدت منذ قيام الاتحاد في عام 1971 بنشر العلم ومحاربة الأمية في الدول العربية، وفي هذه الفترة المبكرة من عمر الدولة، كان لها دور كبير في دعم الجهود العربية لمكافحة الأمية.
واستمرت دولة الإمارات في نشر العلم ومحاربة الأمية منذ ذلك الوقت برؤية راسخة من القيادة الرشيدة التي تعتبر أن الاستثمار في الإنسان هو أساس بناء الأمم ونهضتها، وهذا النهج أرسى قواعده المغفور له، بإذن الله تعالى، القائد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، عندما قال «إن رصيد أي أمة متقدمة هو أبناؤها المتعلمون، وإن تقدم الشعوب والأمم إنما يقاس بمستوى التعليم وانتشاره».
ولم تقتصر جهود دولة الإمارات لمكافحة الأمية على العالم العربي فقط، بل تعدتها لتشمل الكثير من الدول الأخرى، وتحظى هذه الجهود بإشادة من قبل العديد من الدول والمنظمات على المستوى العالمي.
وفي الواقع، فإن دولة الإمارات حققت خلال السنوات الماضية نقلة تعليمية كبيرة، مكّنتها من بلوغ مكانة متقدمة على الصعيد الدولي، وبخاصة في التخصصات العلمية النادرة لتكون رائدة في المجال التعليمي وداعمة لحل إشكالية التراجع التعليمي الحاصل في العديد من الدول العربية نتيجة لعدة أسباب يكمن أبرزها في انتشار الفقر، ومن هنا، فقد كثفت الدولة جهودها لمعالجة هذه المشكلة، لتأمين المناخ المناسب لمكافحة الأمية، حيث إن النظرة السائدة في الدول الفقيرة ترى أن التعليم قضية ثانوية إذا قورنت بالحاجة إلى عمل الأبناء والبنات ممن هم في سن التعليم من أجل دعم أسرهم الفقيرة مادياً، بمعنى أن هؤلاء الأطفال وتحت وطأة الفقر يتجهون إلى العمل في سن مبكرة عوضاً عن الانتظام في صفوف الدراسة.
ويتسق اهتمام دولة الإمارات بقضية مكافحة الأمية في العالم العربي مع اهتمامها البالغ بمجالات التنمية البشرية كافة، وبشكل خاص في مجال التعليم في المناطق التي تعاني ضعفاً في الإمكانيات وحرماناً من التعليم من أجل القضاء على الأمية. وتكرس دولة الإمارات جهودها وأدوارها المتواصلة والفعالة في التوسع في التعليم الأساسي في تلك المناطق، تجسيداً لرؤيتها الحكيمة التي تسعى دائماً إلى دعم المنظومة التعليمية، على نحو يضمن وجود أفراد مؤهلين تعليمياً ويمكنهم الانخراط بفاعلية في سوق العمل، للمساهمة في زيادة مستوى دخل الفرد وانتقاله من وضع مادي واجتماعي متدنٍّ إلى وضع أفضل. وتجسد المبادرات البناءة التي أطلقتها دولة الإمارات لمحاربة الأمية على الصعيد العربي خير مثال لرؤية دولة الإمارات الهادفة إلى تأسيس مجتمع متسلح بالعلم والثقافة يحصل على التعليم المناسب وفق أعلى المعايير العالمية للتعليم، ومن هذه المبادرات، «مبادرة تحدي محو الأمية» التي أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، التي تهدف إلى تعليم 30 مليون طفل وشاب عربي بالتعاون مع كل من مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي واليونيسكو.
إن الجانب التعليمي يحظى باهتمام بالغ لدى القيادة الرشيدة في دولة الإمارات باعتباره خطوة أساسية في بناء مستقبل واعد للأجيال القادمة في العالم العربي، ومن هذا المنطلق، عملت على إيجاد البيئة التعليمية المناسبة في الدول العربية التي ترتفع فها نسبة الأمية، للقضاء على هذه المشكلة، وذلك من خلال إنشاء المدارس والمعاهد والجامعات وتنفيذ البرامج التعليمية والتثقيفية، بالإضافة إلى المساعدات الأخرى التي تقدمها دولة الإمارات لتحسين الأوضاع التعليمية في دول الإقليم، كمدخل أساسي لمحاربة الأمية.
* عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.