ونحن نعيش مستهل هذا العام الدراسي في ظلال فيروس كورونا، أقول للمعلمين والمتعلمين كل عام وأنتم في صحة وسلامة، هكذا مرت السنة الدراسية الماضية سراعاً بنجاحاتها وإخفاقاتها، تميزت دول كالإمارات في تعاطيها مع أزمة الفيروس، ونجحت منظومة التعليم عندنا في التعامل مع هذه المحنة من أول يوم عندما صدر قرار التعلم عن بُعد. وفي هذا العام، كان قرار الجهات المختصة بأن تنوع المدارس في أساليب التعليم لديها، وتترك للأسر حرية الاختيار بين التعلم عن بُعد أو التعلم الهجين، ومع بدء الموجة الثانية من أزمة «كورونا»، قررت جل الأسر اختيار التعلم عن بُعد للحفاظ على سلامة الأطفال، وصدرت القرارات اللازمة من الجهات المختصة لتفريغ الأمهات العاملات لمساعدة التلاميذ في تعلمهم.. ونحن على ثقة تامة بأن الهيئة الوطنية لإدارة الطوارئ والأزمات والكوارث تراقب مجريات الأحداث في المدارس، ولن تتردد في اتخاذ القرارات المناسبة في حالة جدّ جديد فيما يرتبط بذهاب التلاميذ إلى المدرسة.
ومع عودة المدارس من جديد لاستقبال بعض التلاميذ ولتدريس الآخرين عن بُعد نحن بحاجة إلى ثقافة جديدة نحافظ بها على المعلمين الكادحين في الميدان التربوي والميدان الإلكتروني، ففي تجربة السنة الماضية افتقدنا إلى التوجيهات والتعليمات المناسبة، التي تضمن نجاح العملية التعليمية، وفي الوقت نفسه، تسمح للمعلم بأن يعيش حياته الطبيعية، فقد أجبرت بعض المدارس المعلمين على الانخراط في العملية التعليمية لأكثر من 12 ساعة يومياً توزع جدولهم بين التعليم والتواصل مع الأسر والأعمال الإدارية المختلفة المناطة بهم، إن كان هذا الوضع مقبولاً في السنة الماضية بحكم أننا نمر بتجربة جديدة، أعتقد أنكم تتفقون معي أننا في هذا العام بحاجة إلى تشريع يعيد توزيع المهام المطلوبة من المعلم، ويحدد له زمن العمل وفترات الاستراحة، لا ينبغي أن ننسى أن المعلم في نهاية الأمر هو جزء من أسرة بحاجة له. وهنا طرح سؤال نفسه، ما هو مستقبل المدرسة، في ظل إقبال الناس على التعلم عن بعد؟
في التسوق رفع أنصار التكنولوجيا شعار نعم للتسوق لا للمراكز التجارية، بلغة أخرى أن المركز التجارية في سبيلها للانقراض مع تهاتف الناس نحو التسوق الإلكتروني، لكن الواقع قال لنا غير ذلك. فبالرغم من تزايد إعداد المتسوقين إلكترونياً، إلا أنه وفور صدور التعليمات بإعادة افتتاح المراكز التجارية تسابق الناس نحوها ليس للشراء فقط، لكن لقضاء وقت مع بقية البشر والأنس بهم. فهل يصلح أن نقول: نعم للدراسة وداعاً للمدرسة؟ المدرسة ليست للتعليم فقط، المدرسة بيئة مناسبة للتربية والتعليم وهذا ما يفتقده التلاميذ عند التعلم افتراضياً، انهم يتعلمون أشياء كثيرة، لكنهم يخسرون أشياء أكثر، فهم في نهاية الأمر بشر وبحاجة إلى التعامل المباشر مع غيرهم كي تتكون لديهم الأبعاد النفسية والاجتماعية، ويتعلمون طرق التعامل مع التحديات البشرية المختلفة، وأهم من ذلك الأنُس بالحياة مع غيرهم، لذلك ستبقى المدرسة، وستجدد رسالتها وأهدافها ومجريات الأمور فيها، لكنها لن تنقرض.
ـ. ـ. ـ.
أكاديمي إماراتي