إطلاق المهمة الأولى لدولة الإمارات العربية المتحدة إلى المريخ، تحت اسم «مسبار الأمل» علامة بارزة في عودة العالم إلى الاستكشاف الفلكي. وقد وردت فكرة إرسال المسبار، لأول مرة عام 2015 بهدف تحقيق رصد شامل للغلاف الجوي للكوكب الأحمر. وإطلاق «مسبار الأمل» ليس بالأمر الهين بالنسبة لدولة الإمارات التي أخذت زمام المبادرة ليس فقط بين الدول العربية، بل أيضاً بين الدول الإسلامية، وهو تحقيق لحلم المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، وتطلعات القيادة الرشيدة الحالية لدولة الإمارات.
ومن المقرر أن يدخل «مسبار الأمل» الغلاف الجوي لكوكب المريخ في شهر فبراير 2021، مع احتفال الإمارات باليوبيل الذهبي لتأسيسها. وتمثل البعثة أهمية للمجتمع العلمي العالمي لأنها ستقدم إفادات مهمة عن مناخ المريخ، ستدرس كيف يتغير الغلاف الجوي للكوكب الأحمر من خلال دورات مختلفة، وكيف لا يوجد بخار الماء على هذا الكوكب، وسيتم تبادل المعلومات التي سيتوصل إليها المسبار مجاناً مع أكثر من 200 مؤسسة أكاديمية وعلمية حول العالم.
خطوة كبيرة بالنسبة لأمة شابة وحيوية، ومن المرجح أن تستحوذ على خيال الأمة، وتشهد تعزيزاً للعلم. إن نجاح علماء ومهندسي دولة الإمارات يستحق الإعجاب والتقدير، حيث مكّن بلادهم من الانضمام بفخر إلى مجموعة مختارة من الدول التي تخطط لاستكشاف الفضاء. هؤلاء العلماء والمهندسون قاموا بتصميم وبناء واختبار القمر الصناعي الخاص بهم، في ظل دعم القيادة لبرنامج الفضاء في البلاد. ويأتي هذا الإنجاز في وقت تتطلع فيه الإمارات إلى التعاون مع الدول الأخرى في مجال الفضاء.
قبل أربع سنوات، اتفقت الهند والإمارات العربية المتحدة على التعاون في مجال الفضاء. وفي عام 2016، وقعت المنظمة الهندية لأبحاث الفضاء ووكالة الفضاء الإماراتية اتفاقية للتعاون حول استكشاف واستخدام الفضاء الخارجي للأغراض السلمية. وفي عام 2017، أنشأت الدولتان مجموعة عمل مشتركة بين وكالة الفضاء الإماراتية والمنظمة الهندية لأبحاث الفضاء. وحددت هذه المجموعة مجالات التعاون والتي تضمنت بعثة الإمارات للمريخ. وشملت مجالات التعاون الأخرى التي كان البلدان يتطلعان إليها، التعاون في مجال الملاحة بالأقمار الصناعية وصواريخ التجارب.
كما دأبت الهند على استكشاف إمكانية استخدام خدمات الملاحة عبر الأقمار الصناعية «جاجان» [نظام الملاحة المعزز جغرافيا بنظام التموضع العالمي جي بي إس] في المنطقة. ومثل الإمارات العربية المتحدة، قامت الهند أيضاً بتوسيع برنامجها الفضائي لاستكشاف الفضاء. جدير بالذكر، أن الهند لديها برنامج فضائي طموح انتقل من تحسين أنظمة الملاحة عبر الأقمار الصناعية وتطبيقات الاستشعار عن بُعد مثل التنبؤ بالطقس إلى استكشاف الفضاء.
وفي إطار حزمة التحفيز الاقتصادي، أعلنت الهند مؤخراً قيام القطاع الخاص بدور أكبر في برنامجها الفضائي الذي كان حتى الآن تحت احتكار الحكومة. وستتاح للشركات الخاصة الناشئة في مجال الفضاء التي تتعاون مع منظمة أبحاث الفضاء الهندية، إمكانية الوصول إلى مرافق المنظمة، وستحصل على دعم من وكالة الفضاء مع وعد «بسياسة وبيئة تنظيمية يمكن التنبؤ بها». ومن المتوقع أن يؤدي إشراك القطاع الخاص إلى تعزيز طموح الهند فيما يتعلق بالفضاء، وأن يؤدي ذلك إلى عمليات منخفضة التكلفة. ويقول الخبراء إن إضفاء الطابع الديمقراطي على قطاع الفضاء سيضمن عمليات منخفضة التكلفة، والمزيد من الشفافية والمساءلة.
قامت الهند ببناء برنامجها الفضائي الخاص بها على مدى العقدين الماضيين، لتحظى بقدر كبير من التقدير الوطني. ونجحت في إطلاق أقمار صناعية منخفضة التكلفة والتي أصبحت مدعاة للفخر الوطني. بالنسبة للعديد من الهنود، أصبح برنامج الفضاء مرادفاً لصعود البلاد وزيادة معدلات نموها الاقتصادي.
وبينما تتطلع الهند ودولة الإمارات العربية المتحدة إلى التركيز على استكشاف الفضاء، من الواضح أن البلدين يمكنهما الاستفادة من تجربة بعضهما البعض. وقد يصبح هذا مجالاً مهماً للتعاون بين البلدين في المستقبل. الهند ودولة الإمارات العربية المتحدة شريكان استراتيجيان، ولديهما بالفعل تعاون وثيق في عدد من المجالات الاستراتيجية، وربما يكون الفضاء مجال تعاون مهم محتمل.
*مدير مركز الدراسات الإسلامية- نيودلهي