قبل أقل من ستة شهور، تحديداً في الخامس من فبراير الماضي، برأ مجلس الشيوخ الأميركي ساحة الرئيس دونالد ترامب من كل الاتهامات التي وجهها له الديمقراطيون في مجلس النواب الذين سعوا إلى إبعاده عن السلطة من خلالها. وكان من الممكن إلى حد كبير في ذاك الوقت على ما يبدو أنه قد يفوز بانتخابات نوفمبر لفترة ولاية ثانية. أما الآن في يونيو، يرجح بشكل كبير فيما يبدو أن ترامب يواجه صعوبات كثيرة تقف أمام إعادة انتخابه. واستطلاعات الرأي القومية تُظهر أن نسبة التأييد له أقل من 40%.
فماذا حدث؟ أثناء الشهور الستة تلك، واجهت الولايات المتحدة جائحة قتلت عدداً من الأشخاص أكثر مما قتلت في أي دولة أخرى ثم اندلعت احتجاجات على امتداد البلاد بشأن العنصرية وتعامل الشرطة مما هيمن بشكل كاسح على اهتمام أميركا. وكلا الحدثين قدم فرصة سانحة للرئيس كي يظهر سمات القيادة ويحتفظ بإمكانية إعادة انتخابه. لكنهما قوضا ما يحظى به من تأييد شعبي.
فحين ظهر فيروس كورونا للمرة الأولى في الولايات المتحدة، قلل الرئيس ترامب من شأن أهميته وأنكر على مدار أسابيع خطورته. ونبوءاته المتفائلة بأن الفيروس سينتهي قريبا تعارضت مع تصريحات خبراء الطب المرموقين. ودعت مراكز الوقاية من الأمراض والتحكم فيها التابعة للحكومة إلى وضع الكمامات والالتزام بالتباعد الجسدي. لكن الرئيس ترامب تجاهل هذه النصائح وغيرها من خبراء الحكومة ورفض وضع الكمامات هو نفسه.
وعقد ترامب مؤتمرات صحفية يومية مع كبار خبراء الصحة الحكوميين لشرح طريقة معالجته للجائحة المتفاقمة. لكن هذه المؤتمرات لم تجلب له الخير. فحين وقف بالقرب من خبراء الصحة على منصة الحديث في المؤتمرات دون أن يرتدي أحد منهم الكمامة، اتضح أنهم يقدمون مثالاً سيئاً بتجاهلهم النصائح الطبية. ودافع ترامب عن استخدام عقار «هيكسا كلوروكين»، بل ذهب إلى حد اقتراح تناول مواد التبيض لمكافحة الفيروس، بينما قال الأطباء إن كلا الأمرين خطير للغاية. لقد كان يبدو أنه متمسك بالعلاجات السخيفة بدلا من الإنصات للخبراء. وأشار صحفيون في هذه الإفادات الصحفية إلى عدم اتساق استجابته مما جعله غاضباً. وألقى المسؤولية على الصحفيين وأوقف هذه الإفادات.
وأغلقت الأنشطة الاقتصادية الكبيرة والصغيرة أبوابها لإبطاء انتشار الفيروس مما أدى إلى بطالة 25 مليون أميركي. وقدم الكونجرس تمويلاً كبيراً لإعانات البطالة لكن استمرار العدد الكبير للغاية من العاطلين عن العمل وركود الإنتاج المحلي الإجمالي جعل الرئيس يخشى أن يجري تحميله المسؤولية. وتنبأ أن الفيروس سينتهي سريعاً والاقتصاد سيعود إلى سابق عهده. لكن خبراء الصحة والاقتصاديين طعنوا في هذا قائلين، إنه لن يتم اكتشاف لقاح قبل 2021.
وكي يبعد ترامب الانتقادات عن نفسه، ألقى باللائمة على كثيرين آخرين في انتشار فيروس كورونا والركود الاقتصادي الشديد الناتج عنه. فقد أعلن أن الصين هي المسؤولة ووصف المرض بأنه «فيروس الصين» و«إنفلونزا كونج». وألقى باللائمة على الديمقراطيين والرئيس أوباما بسبب الافتقار للاستعداد رغم أن أوباما وضع خطة مفصلة لمواجهة الجوائح المرضية وأقام قوة مهام بارزة فككها ترامب. وألقى باللائمة على منظمة الصحة العالمية وألغى التمويل الأميركي لها. وألقى باللائمة أيضاً على مراكز الوقاية من الأمراض والتحكم فيها. وحين ظهر العجز في أدوات الاختبار والوقاية، رفض ترامب تنظيم استجابة عاجلة قائلاً إن هذا مسؤولية حكام الولايات.
وبحلول مايو، بلغ تلهف ترامب على أخبار جيدة قبل الانتخابات درجة جعلته يشجع الأنشطة الاقتصادية على إعادة فتح أبوابها. ووافقه عدد من الحكام ورؤساء البلديات من «الجمهوريين» وضغطوا على الأنشطة الاقتصادية كي تعيد فتح أبوابها رغم تحذيرات خبراء الصحة. وابتليت عدة ولايات بزيادة في الإصابات. وفي يونيو الجاري، تجاوزت إصابات فيروس كورونا مليوني حالة وتجاوز عدد الوفيات 124 ألف وفاة. وحاول ترامب إلقاء اللائمة على زيادة الاختبارات.
وكان ثاني أكبر تحد للرئيس ترامب هو اندلاع احتجاجات على امتداد البلاد ضد وحشية تعامل الشرطة مع السود. ويدرك السكان السود منذ فترة طويلة أن ضباط الشرطة لا يُعاقبون على وحشية تعاملهم مع السود. لكن الاحتجاجات ضمت هذه المرة آلاف الأميركيين البيض الذين صدمهم مقطع مصور يظهر فيه شرطي أبيض يجثو بركبته نحو تسع دقائق على رقبة رجل أسود حتى فارق الحياة. وطالب المحتجون بوضع قواعد أفضل تضبط تصرفات الشرطة وظروف معيشية أفضل للسود.
وانتشرت المظاهرات غير المسبوقة في كل ولاية واستمرت بضعة أسابيع وأدت إلى استقالة مفاجئة من عدد من رؤساء البلديات وقيادات الشرطة. وتجمع محتجون عند البيت الأبيض وطالبوا بدعم ترامب. ودعا ترامب إلى التزام القانون والنظام واستدعى الحرس الوطني والجيش للسيطرة على الشوارع رغم السلمية الغالبة على الاحتجاجات. وأبدى القليل من التعاطف مع السود. وفي غرة يونيو، أمر بفض تجمع الحشد غير العنيف أمام البيت الأبيض بالقوة حتى يستطيع عبور الشارع ليصل إلى كنيسة لالتقاط صورة له مع الكتاب المقدس. وهذا أثار شكاوى من مسؤولي الكنيسة من تسيس الدين. كما أعلنت شخصيات عسكرية أميركية بارزة وعدد من كبار الجنرالات المتقاعدين انتقاداتها للرئيس لاستخدامه الجيش ضد المدنيين الأميركيين.
وبحلول يونيو، أصبح مستشارو ترامب السياسيون قلقين بشأن تراجع نسب تأييده في استطلاعات الرأي واحتمال خسارة انتخابات نوفمبر، ولذا اقنعوه أن يعقد أول اجتماع انتخابي في أربعة شهور. ولطالما استخدم ترامب الاجتماعات الانتخابية الكبيرة التي يحضرها آلاف من أخلص أنصاره كأداة لتحفيز قاعدة تأييده. ونظم المستشارون اجتماعاً انتخابياً في مدينة تلسا في ولاية أوكلاهوما يوم السادس من يونيو، وتوقعوا أن يمتلئ مركز المؤتمرات الذي يسع 19 ألف مقعد بالأنصار بينما يفيض عشرات الآلاف خارج المركز. لكن لم يحضر إلا ستة آلاف فحسب. ومن السابق لآونة التنبوء بنتيجة الانتخابات الرئاسية. لكن فرص الرئيس ترامب اليوم تبدو أقل عما كانت عليه قبل أربعة شهور.
فماذا حدث؟ أثناء الشهور الستة تلك، واجهت الولايات المتحدة جائحة قتلت عدداً من الأشخاص أكثر مما قتلت في أي دولة أخرى ثم اندلعت احتجاجات على امتداد البلاد بشأن العنصرية وتعامل الشرطة مما هيمن بشكل كاسح على اهتمام أميركا. وكلا الحدثين قدم فرصة سانحة للرئيس كي يظهر سمات القيادة ويحتفظ بإمكانية إعادة انتخابه. لكنهما قوضا ما يحظى به من تأييد شعبي.
فحين ظهر فيروس كورونا للمرة الأولى في الولايات المتحدة، قلل الرئيس ترامب من شأن أهميته وأنكر على مدار أسابيع خطورته. ونبوءاته المتفائلة بأن الفيروس سينتهي قريبا تعارضت مع تصريحات خبراء الطب المرموقين. ودعت مراكز الوقاية من الأمراض والتحكم فيها التابعة للحكومة إلى وضع الكمامات والالتزام بالتباعد الجسدي. لكن الرئيس ترامب تجاهل هذه النصائح وغيرها من خبراء الحكومة ورفض وضع الكمامات هو نفسه.
وعقد ترامب مؤتمرات صحفية يومية مع كبار خبراء الصحة الحكوميين لشرح طريقة معالجته للجائحة المتفاقمة. لكن هذه المؤتمرات لم تجلب له الخير. فحين وقف بالقرب من خبراء الصحة على منصة الحديث في المؤتمرات دون أن يرتدي أحد منهم الكمامة، اتضح أنهم يقدمون مثالاً سيئاً بتجاهلهم النصائح الطبية. ودافع ترامب عن استخدام عقار «هيكسا كلوروكين»، بل ذهب إلى حد اقتراح تناول مواد التبيض لمكافحة الفيروس، بينما قال الأطباء إن كلا الأمرين خطير للغاية. لقد كان يبدو أنه متمسك بالعلاجات السخيفة بدلا من الإنصات للخبراء. وأشار صحفيون في هذه الإفادات الصحفية إلى عدم اتساق استجابته مما جعله غاضباً. وألقى المسؤولية على الصحفيين وأوقف هذه الإفادات.
وأغلقت الأنشطة الاقتصادية الكبيرة والصغيرة أبوابها لإبطاء انتشار الفيروس مما أدى إلى بطالة 25 مليون أميركي. وقدم الكونجرس تمويلاً كبيراً لإعانات البطالة لكن استمرار العدد الكبير للغاية من العاطلين عن العمل وركود الإنتاج المحلي الإجمالي جعل الرئيس يخشى أن يجري تحميله المسؤولية. وتنبأ أن الفيروس سينتهي سريعاً والاقتصاد سيعود إلى سابق عهده. لكن خبراء الصحة والاقتصاديين طعنوا في هذا قائلين، إنه لن يتم اكتشاف لقاح قبل 2021.
وكي يبعد ترامب الانتقادات عن نفسه، ألقى باللائمة على كثيرين آخرين في انتشار فيروس كورونا والركود الاقتصادي الشديد الناتج عنه. فقد أعلن أن الصين هي المسؤولة ووصف المرض بأنه «فيروس الصين» و«إنفلونزا كونج». وألقى باللائمة على الديمقراطيين والرئيس أوباما بسبب الافتقار للاستعداد رغم أن أوباما وضع خطة مفصلة لمواجهة الجوائح المرضية وأقام قوة مهام بارزة فككها ترامب. وألقى باللائمة على منظمة الصحة العالمية وألغى التمويل الأميركي لها. وألقى باللائمة أيضاً على مراكز الوقاية من الأمراض والتحكم فيها. وحين ظهر العجز في أدوات الاختبار والوقاية، رفض ترامب تنظيم استجابة عاجلة قائلاً إن هذا مسؤولية حكام الولايات.
وبحلول مايو، بلغ تلهف ترامب على أخبار جيدة قبل الانتخابات درجة جعلته يشجع الأنشطة الاقتصادية على إعادة فتح أبوابها. ووافقه عدد من الحكام ورؤساء البلديات من «الجمهوريين» وضغطوا على الأنشطة الاقتصادية كي تعيد فتح أبوابها رغم تحذيرات خبراء الصحة. وابتليت عدة ولايات بزيادة في الإصابات. وفي يونيو الجاري، تجاوزت إصابات فيروس كورونا مليوني حالة وتجاوز عدد الوفيات 124 ألف وفاة. وحاول ترامب إلقاء اللائمة على زيادة الاختبارات.
وكان ثاني أكبر تحد للرئيس ترامب هو اندلاع احتجاجات على امتداد البلاد ضد وحشية تعامل الشرطة مع السود. ويدرك السكان السود منذ فترة طويلة أن ضباط الشرطة لا يُعاقبون على وحشية تعاملهم مع السود. لكن الاحتجاجات ضمت هذه المرة آلاف الأميركيين البيض الذين صدمهم مقطع مصور يظهر فيه شرطي أبيض يجثو بركبته نحو تسع دقائق على رقبة رجل أسود حتى فارق الحياة. وطالب المحتجون بوضع قواعد أفضل تضبط تصرفات الشرطة وظروف معيشية أفضل للسود.
وانتشرت المظاهرات غير المسبوقة في كل ولاية واستمرت بضعة أسابيع وأدت إلى استقالة مفاجئة من عدد من رؤساء البلديات وقيادات الشرطة. وتجمع محتجون عند البيت الأبيض وطالبوا بدعم ترامب. ودعا ترامب إلى التزام القانون والنظام واستدعى الحرس الوطني والجيش للسيطرة على الشوارع رغم السلمية الغالبة على الاحتجاجات. وأبدى القليل من التعاطف مع السود. وفي غرة يونيو، أمر بفض تجمع الحشد غير العنيف أمام البيت الأبيض بالقوة حتى يستطيع عبور الشارع ليصل إلى كنيسة لالتقاط صورة له مع الكتاب المقدس. وهذا أثار شكاوى من مسؤولي الكنيسة من تسيس الدين. كما أعلنت شخصيات عسكرية أميركية بارزة وعدد من كبار الجنرالات المتقاعدين انتقاداتها للرئيس لاستخدامه الجيش ضد المدنيين الأميركيين.
وبحلول يونيو، أصبح مستشارو ترامب السياسيون قلقين بشأن تراجع نسب تأييده في استطلاعات الرأي واحتمال خسارة انتخابات نوفمبر، ولذا اقنعوه أن يعقد أول اجتماع انتخابي في أربعة شهور. ولطالما استخدم ترامب الاجتماعات الانتخابية الكبيرة التي يحضرها آلاف من أخلص أنصاره كأداة لتحفيز قاعدة تأييده. ونظم المستشارون اجتماعاً انتخابياً في مدينة تلسا في ولاية أوكلاهوما يوم السادس من يونيو، وتوقعوا أن يمتلئ مركز المؤتمرات الذي يسع 19 ألف مقعد بالأنصار بينما يفيض عشرات الآلاف خارج المركز. لكن لم يحضر إلا ستة آلاف فحسب. ومن السابق لآونة التنبوء بنتيجة الانتخابات الرئاسية. لكن فرص الرئيس ترامب اليوم تبدو أقل عما كانت عليه قبل أربعة شهور.