بدأ العالم يدرس ويتصرف إزاء العواقب الاقتصادية والسياسية جراء صدمة وباء فيروس كورونا المستجد الصحية، في ظل فوضى عالمية واضحة. فأوروبا مترددة، والخلافات تتصاعد بين دولها حول خذلان بعضها البعض في ظل عدم القدرة على الوفاء باحتياجات البلدان الأعضاء في «الاتحاد الأوروبي»، فيما تزايد حضور كل من الصين وروسيا اللتين أثبتتا للعالم خطأ تجاهلهما، فيما الولايات المتحدة الأميركية، المتأثر الأكبر حالياً بفيروس كورونا، يضربها بقوة فيروس العنصرية الأشد خطراً. فالركود الاقتصادي جراء كورونا ليس كغيره من حالات الركود الاقتصادية السابقة، التي حدثت في أماكن دون أخرى، مما ساعد على لعب بعض الاقتصادات دور المنقذ، وهو ما فعلته الصين في الأزمة الأخيرة وفي الأزمة المالية العالمية عام 2008.
منذ انتهاء الحرب الباردة في عام 1991، مع انهيار الاتحاد السوفييتي وتفرّد الولايات المتحدة بقيادة النظام الدولي أحادي القطبية، أصبحت العولمة هي الأداة الأكثر فعالية بيد واشنطن في تحقيق استراتيجيتها، سواء أيديولوجياً أم اقتصادياً أم عسكرياً، حتى اتسعت دائرة نفوذها لتصل كل المناحي والقطاعات في العالم: الشركات متعددة الجنسيات، نظام الأمن السيبراني، التجارة عبر «الأون لاين»، تبادل السلع والخدمات عبر منظمات متعددة على رأسها منظمة التجارة العالمية.. حتى جاءت أزمة كورونا فقلبت موازين العولمة. ولتوضيح التغير الدراماتيكي الذي بدأ يصيب مفهوم العولمة، نذكر كيف قامت الدول، مثلا، مع توقف الملاحة الدولية، بتخزين مواردها الطبية للحفاظ على مخزوناتها الدوائية والغذائية، مما دفعها إلى التوقف عن التصدير، وهو الأمر الذي أعاد للأذهان مفهوم الدولة القومية المكتفية ذاتياً، مع تزايد الرغبة لدى جميع دول العالم في أن يكون كل ما تحتاجه لمكافحة الفيروس متاحاً مع إمكانية إنتاج كل احتياجاتها محلياً، في ظل التركيز على القطاعات المتضررة من الجائحة التي تسببت في ركود اقتصادي كبير يحتاج وقتاً طويلاً للتعافي منه بعد أن ثبتت هشاشة نظام العولمة.
وعلى الرغم من ذلك، فسيكون صعباً في عصر التكنولوجيا الرقمية الحديثة تفكيك شبكة العولمة الاقتصادية التجارية والمالية المتداخلة. وكذلك، سيكون صعباً العودة إلى فلسفة الاعتماد الكلي على الذات، مع التأكيد على أن هناك دروساً ستساعد على تبني سياسات جديدة تخص صناعات دون غيرها. لذا، لا يتوقع أحد أن تتفكك العولمة، لكن الدعوة تتزايد إلى «إعادة ضبط العولمة». وقد عبّر عن ذلك بكل وضوح الملك عبد الله الثاني حين كتب في مقال نشرته «واشنطن بوست»: «هدفنا المحوري تحقيق المنفعة لشعوبنا، والسعي إلى إعادة ضبط العولمة لتعزيز وبناء القدرات في بلداننا، وللتعاون الحقيقي فيما بيننا، عوضاً عن التنافس، ولنعترف في إعادة ضبط العولمة بأن بلداً واحداً بمفرده، لا يُمكن له أن ينجحَ، لأن إخفاقَ بلدٍ واحد هو إخفاقُنا جميعاً».
منذ انتهاء الحرب الباردة في عام 1991، مع انهيار الاتحاد السوفييتي وتفرّد الولايات المتحدة بقيادة النظام الدولي أحادي القطبية، أصبحت العولمة هي الأداة الأكثر فعالية بيد واشنطن في تحقيق استراتيجيتها، سواء أيديولوجياً أم اقتصادياً أم عسكرياً، حتى اتسعت دائرة نفوذها لتصل كل المناحي والقطاعات في العالم: الشركات متعددة الجنسيات، نظام الأمن السيبراني، التجارة عبر «الأون لاين»، تبادل السلع والخدمات عبر منظمات متعددة على رأسها منظمة التجارة العالمية.. حتى جاءت أزمة كورونا فقلبت موازين العولمة. ولتوضيح التغير الدراماتيكي الذي بدأ يصيب مفهوم العولمة، نذكر كيف قامت الدول، مثلا، مع توقف الملاحة الدولية، بتخزين مواردها الطبية للحفاظ على مخزوناتها الدوائية والغذائية، مما دفعها إلى التوقف عن التصدير، وهو الأمر الذي أعاد للأذهان مفهوم الدولة القومية المكتفية ذاتياً، مع تزايد الرغبة لدى جميع دول العالم في أن يكون كل ما تحتاجه لمكافحة الفيروس متاحاً مع إمكانية إنتاج كل احتياجاتها محلياً، في ظل التركيز على القطاعات المتضررة من الجائحة التي تسببت في ركود اقتصادي كبير يحتاج وقتاً طويلاً للتعافي منه بعد أن ثبتت هشاشة نظام العولمة.
وعلى الرغم من ذلك، فسيكون صعباً في عصر التكنولوجيا الرقمية الحديثة تفكيك شبكة العولمة الاقتصادية التجارية والمالية المتداخلة. وكذلك، سيكون صعباً العودة إلى فلسفة الاعتماد الكلي على الذات، مع التأكيد على أن هناك دروساً ستساعد على تبني سياسات جديدة تخص صناعات دون غيرها. لذا، لا يتوقع أحد أن تتفكك العولمة، لكن الدعوة تتزايد إلى «إعادة ضبط العولمة». وقد عبّر عن ذلك بكل وضوح الملك عبد الله الثاني حين كتب في مقال نشرته «واشنطن بوست»: «هدفنا المحوري تحقيق المنفعة لشعوبنا، والسعي إلى إعادة ضبط العولمة لتعزيز وبناء القدرات في بلداننا، وللتعاون الحقيقي فيما بيننا، عوضاً عن التنافس، ولنعترف في إعادة ضبط العولمة بأن بلداً واحداً بمفرده، لا يُمكن له أن ينجحَ، لأن إخفاقَ بلدٍ واحد هو إخفاقُنا جميعاً».