«تكاليف الحياة» في بلداننا العربية باهظة، والفوارق الطبقية واضحة، ومن يُعْييه البحث عن أمتار قليلة من الأرض، أو شقة ولو بحجم زنزانة، أو مدرسة لتعليم أبنائه.. إلخ، هو من دون شك، أكثر العارفين والمقدِّرين! لكن ماذا عن كلفة الموت؟ ماذا عن المتر ونصف المتر التي تعد متطلباً إجبارياً لكي يدفن الإنسان فيها جسده، حين يقع فريسة لمصيدة الموت ويُغادر الحياة؟ هل يمكن القول إن كلفة الموت لا تقل عن كلفة الحياة، أو إن شراء بضعة أمتار للقبر -إن وجدناها- مرهق مثل شراء بضعة أمتار للحياة؟!
أما الفوارق الطبقية بين الأموات، فهي مدهشة حقاً، فالفقير «يجب» ألّا يموت! وإن مات، فـ«الويل والثبور وعظائم الأمور» تقع على من يتكفل بلوازم الدفن وسعر القبر وأجرة وتكاليف مكان وأيام العزاء وغيرها.. إلخ، وفي هذه الحالة، لا يتوجب على عائلته فقط مواجهة خسارة أحد أحبائها، بل يتحتم عليها ربما الاستدانة أيضاً، لدفع التكاليف الباهظة لمراسم الجنازة، فلو توفي أحد أحبائك، فلن تساوم على الأسعار، بل ستدفع المبلغ الذي يُطلَب منك، وإن أنت لم تكن تملك ما يكفي من المال، فيتوجب عليك الاقتراض، ويزداد القلق بسبب وقوع الكثير من الناس غير الميسورين تحت وطأة الديون لتسديد التكاليف الباهظة للمآتم، ولكي يُظهروا أنهم قادرون على الوفاء بالمعايير التي «حددها» أصدقاؤهم أو جيرانهم، وفقاً للأعراف الاجتماعية.
أما الأثرياء، فكل البواكي لهم، إذ عادةً ما «يتفننون» بمسألة الموت، من حجز في قاعات فخمة، وسرادقات واسعة، ومقرئين نجوم، وولائم وإعلانات نعي، ومشاطرات وذكرى سنوية في الصحف.. يزخرفون القبور ويستوردون النعوش، وينفقون الآلاف لضمان صورتهم أمام الأحياء قبل الأموات.
إنه عالمنا العربي –أيها السادة- لا الحياة تفتح ذراعيها للفقير، ولا الموت يريحه من شقائه! أما عند الأثرياء، فقد أصبحت مراسم الجنائز عالية الكلفة، وأحياناً يصعب التمييز بين مأتم وحفل زفاف، إذ غالباً ما يقدم النُدل «الضيافة» لمئات (وأحياناً لآلاف) الأصدقاء والأقرباء والجيران والمعارف والفضوليين في أماكن فخمة وسرادقات تبقى مشرعة أبوابها طيلة ثلاثة أيام وربما أكثر! وفي هذا السياق، تعرض الشركات المختصة في المراسم والمآتم توفير الخيم والصيوانات والندل والطباخين.. وهذا دليل على أن المآتم أصبحت تجارة مربحة، خاصة أن «صناعة» دفن الموتى ناشطة وفي حراك مستمر، بل إن عدداً من الشركات تتنافس في تأمين لوازم الدفن والجنائز! ومن أجل مجاراة «الطلب» الذي يزيد لعوامل عدة، تحرص هذه الشركات على تقديم سلة الخدمات والمنتجات الجديدة، بحيث تتولى كل ما يتعلق بالجنائز والمآتم، وكل شيء بثمنه! وبسبب تطور الخدمات، تطورت الطقوس الاجتماعية ولوازم الدفن، ودائماً ما تكون هناك «متطلبات جديدة» تعمل الشركات على تأمينها.. فالتجارة، حتى في حالات الموت، أصبحت رائجة! فهل تعيد تداعيات ودروس جائحة فيروس كورونا، بعض الرشد والاتزان والحكمة إلى عقولنا، وبالتالي إلى عاداتنا؟!
أما الفوارق الطبقية بين الأموات، فهي مدهشة حقاً، فالفقير «يجب» ألّا يموت! وإن مات، فـ«الويل والثبور وعظائم الأمور» تقع على من يتكفل بلوازم الدفن وسعر القبر وأجرة وتكاليف مكان وأيام العزاء وغيرها.. إلخ، وفي هذه الحالة، لا يتوجب على عائلته فقط مواجهة خسارة أحد أحبائها، بل يتحتم عليها ربما الاستدانة أيضاً، لدفع التكاليف الباهظة لمراسم الجنازة، فلو توفي أحد أحبائك، فلن تساوم على الأسعار، بل ستدفع المبلغ الذي يُطلَب منك، وإن أنت لم تكن تملك ما يكفي من المال، فيتوجب عليك الاقتراض، ويزداد القلق بسبب وقوع الكثير من الناس غير الميسورين تحت وطأة الديون لتسديد التكاليف الباهظة للمآتم، ولكي يُظهروا أنهم قادرون على الوفاء بالمعايير التي «حددها» أصدقاؤهم أو جيرانهم، وفقاً للأعراف الاجتماعية.
أما الأثرياء، فكل البواكي لهم، إذ عادةً ما «يتفننون» بمسألة الموت، من حجز في قاعات فخمة، وسرادقات واسعة، ومقرئين نجوم، وولائم وإعلانات نعي، ومشاطرات وذكرى سنوية في الصحف.. يزخرفون القبور ويستوردون النعوش، وينفقون الآلاف لضمان صورتهم أمام الأحياء قبل الأموات.
إنه عالمنا العربي –أيها السادة- لا الحياة تفتح ذراعيها للفقير، ولا الموت يريحه من شقائه! أما عند الأثرياء، فقد أصبحت مراسم الجنائز عالية الكلفة، وأحياناً يصعب التمييز بين مأتم وحفل زفاف، إذ غالباً ما يقدم النُدل «الضيافة» لمئات (وأحياناً لآلاف) الأصدقاء والأقرباء والجيران والمعارف والفضوليين في أماكن فخمة وسرادقات تبقى مشرعة أبوابها طيلة ثلاثة أيام وربما أكثر! وفي هذا السياق، تعرض الشركات المختصة في المراسم والمآتم توفير الخيم والصيوانات والندل والطباخين.. وهذا دليل على أن المآتم أصبحت تجارة مربحة، خاصة أن «صناعة» دفن الموتى ناشطة وفي حراك مستمر، بل إن عدداً من الشركات تتنافس في تأمين لوازم الدفن والجنائز! ومن أجل مجاراة «الطلب» الذي يزيد لعوامل عدة، تحرص هذه الشركات على تقديم سلة الخدمات والمنتجات الجديدة، بحيث تتولى كل ما يتعلق بالجنائز والمآتم، وكل شيء بثمنه! وبسبب تطور الخدمات، تطورت الطقوس الاجتماعية ولوازم الدفن، ودائماً ما تكون هناك «متطلبات جديدة» تعمل الشركات على تأمينها.. فالتجارة، حتى في حالات الموت، أصبحت رائجة! فهل تعيد تداعيات ودروس جائحة فيروس كورونا، بعض الرشد والاتزان والحكمة إلى عقولنا، وبالتالي إلى عاداتنا؟!