تتميز الهند بكونها بلداً يضم بعض أكثر مدن العالم تلوثاً، فوفق «تقرير جودة هواء العالم 2019»، الصادر عن «آي. كيو. إير إيرفيجوول»، تضم الهند 21 من أصل أكثر 30 مدينة تلوثاً في العالم، غير أن إحدى النتائج الثانوية لوباء فيروس كورونا المرتبطة بالإغلاق الصحي، كانت التنظيف الفوري لسماء الهند الملوثة، فمع التوقف المؤقت لكل الأنشطة الاقتصادية، أصبحت الأجواء نظيفة، وبات بإمكان الهنود في عدد من المدن التطلع إلى سماء زرقاء صافية، كما تسنّت لهم رؤية أنواع مختلفة من الطيور، التي لم تُر منذ عشرات السنين، وهي تطير في أسراب فوق المدن، مما أفرح علماء الطيور.
وتشهد الهند حالياً أكبر إغلاق في العالم، وواحداً من أكثر الإغلاقات صرامة، ذلك أن كل المطاعم والمراكز التجارية والمتاجر والأسواق أُغلقت، كما عُلق النقل العام والخاص، إذ يحث البلد الواقع في جنوب آسيا الناس على البقاء في بيوتهم، وممارسة التباعد الاجتماعي. وفي دلهي (والبلدات المحيطة بها)، والتي كانت تتصدر قوائم أكثر مدن العالم تلوثاً، سُجل انخفاض حاد في المتوسط اليومي لمستويات الجسيمات، التي يقل حجمها عن 2.5 ميكرون، والمعروفة بـ«بي إم 2.5»، وثاني أوكسيد النيتروجين «إن أو 2» بما يقارب النصف أو أكثر مقارنةً مع أيام ما قبل الإغلاق، و«بي إم 2.5» هو تركيز الجسيمات الدقيقة التي يقل قطرها عن 2.5 ميكروميتر في الهواء، وكانت جودة الهواء في دلهي مطلع هذا العام تتراوح بين المتطرفة والخطيرة، لكنها باتت الآن تتراوح بين المُرضية والجيدة، وسط إغلاق نُفذ بشكل جيد، أُغلقت فيه الصناعات وتوقفت فيه المركبات. وبالنسبة لأنصار البيئة، تُعد هذه الفترة أيضاً بمثابة تجربة، تؤكد أنه حينما يتوقف النشاط الصناعي، ونشاط المركبات والبناء، يتنظف الهواء بشكل فوري.
ظواهر مماثلة تمت ملاحظتها في مدن أخرى أيضاً، ففي كلكوتا مثلاً تقلص مستوى «بي إم 2.5» خلال ساعة الذروة بنسبة 46 في المئة، و«إن أو2» بنسبة 74 في المئة، وفي مومباي، انخفض بنسبتي 52 في المئة و85 في المئة على التوالي، وجاء في تقرير لـ«المجلس المركزي للسيطرة على التلوث»، أنه «نتيجة للقيود الصارمة على السفر، وإغلاق الأنشطة غير الأساسية، مثل أنشطة القطاعات الملوثة للهواء، لوحظ تحسن جودة الهواء في العديد من المدن والبلدات عبر البلاد».
وتضم الهند بعضاً من أكثر مدن العالم تلوثاً، وقد تضاعفت مستويات التلوث خلال العقد الماضي، بسبب مزيج قاتل من العوامل، يشمل: التصنيع السريع، وانفجارات بعض المركبات الخاصة، وضعف نظام النقل العام، والبناء المنفلت وغير المقنن للمنازل في المناطق الحضرية، وضعف تطبيق القوانين والتنظيمات، وعلى الرغم من أن حكومات الولايات تسعى جاهدة لمكافحة التلوث، إلا أن التقدم بطيء، ففي عام 2019، أطلقت الحكومة الفيدرالية «البرنامج الوطني للهواء النظيف»، الذي وضع أهدافاً لـ102 مدينة تتوخى خفض مستويات الـ«بي إم 2.5» و«بي إم 10»، بنسبة تتراوح بين 20 و30 في المئة بحلول عام 2024، وتشمل الخطط تحسين المراقبة، وتقليص حركة مرور المركبات، غير أن التقدم كان ضعيفاً جداً.
والآن، تقلص التلوث نتيجة إغلاق الصناعات، وتوقّف نشاط البناء، وتقلّصت بشكل كبير حركة مرور المركبات على الطرقات، ويقول علماء: إن الإغلاق أتاح لهم فرصة مواتية لدراسة مصادر التلوث، غير أن التلوث يأتي أيضاً بكلفة صحية بالنسبة للبلاد، فوفق تقرير لـ«معهد التأثيرات الصحية»، الموجود مقره في الولايات المتحدة، فإن حوالي 1.2 مليون شخص تُوفُّوا في الهند خلال عام 2017، بسبب تلوث الهواء فقط.
وتشير منظمة أخرى، هي «جمعية الأطباء من أجل هواء نظيف»، إلى أن الأشخاص الذين يعيشون في المناطق عالية التلوث، أكثر عرضة للإصابة بفيروس كورونا، على اعتبار أن رئاتهم تضررت بسبب التلوث، وهذا الأمر زاد من وعي الجمهور بشأن التلوث. وبالنظر إلى أن فيروس كورونا مرض تنفسي، فإنه يُنظر إلى الناس الذين عانوا من تلوث الهواء لسنوات طويلة، باعتبارهم أكثر عرضة لخطر العدوى بالفيروس.
ويأمل أنصار البيئة، أن يُترجم الإعجاب الحالي بزرقة السماء وصفائها، إلى زيادة في وعي الجمهور وسط حالة الوباء، غير أنه من الصعب تحديد تأثير التلوث، نظراً لأنه يُنظر إليه على أنه مشكلة تعرّض طويل الأمد، والتعرّض طويل الأمد للتلوث يؤدي إلى ضعف الرئتين، وارتفاع خطر التعرض لكوفيد -19.
بيد أنه من الواضح أن هناك بارقة أمل، في أن مشكلة التلوث ستحظى بالأهمية التي تستحق، ولا شك أنه سيتعين على الهند أن تركز على النمو الاقتصادي، حينما يُرفع الإغلاق، بالنظر إلى التأثير الاقتصادي السلبي للإغلاق، والركود العالمي الوشيك، غير أنه لأول مرة ربما أمام أنصار البيئة، فرصة جيدة للدفع في اتجاه إجراءات سياسية أعمق من أجل معالجة مشكلة التلوث، وربما يكون هذا بداية انكباب الهند، ليس على تنظيف سمائها فحسب، ولكن أنهارها أيضاً، ومنح أجيال من الأطفال فرصة أفضل في الحياة.
وتشهد الهند حالياً أكبر إغلاق في العالم، وواحداً من أكثر الإغلاقات صرامة، ذلك أن كل المطاعم والمراكز التجارية والمتاجر والأسواق أُغلقت، كما عُلق النقل العام والخاص، إذ يحث البلد الواقع في جنوب آسيا الناس على البقاء في بيوتهم، وممارسة التباعد الاجتماعي. وفي دلهي (والبلدات المحيطة بها)، والتي كانت تتصدر قوائم أكثر مدن العالم تلوثاً، سُجل انخفاض حاد في المتوسط اليومي لمستويات الجسيمات، التي يقل حجمها عن 2.5 ميكرون، والمعروفة بـ«بي إم 2.5»، وثاني أوكسيد النيتروجين «إن أو 2» بما يقارب النصف أو أكثر مقارنةً مع أيام ما قبل الإغلاق، و«بي إم 2.5» هو تركيز الجسيمات الدقيقة التي يقل قطرها عن 2.5 ميكروميتر في الهواء، وكانت جودة الهواء في دلهي مطلع هذا العام تتراوح بين المتطرفة والخطيرة، لكنها باتت الآن تتراوح بين المُرضية والجيدة، وسط إغلاق نُفذ بشكل جيد، أُغلقت فيه الصناعات وتوقفت فيه المركبات. وبالنسبة لأنصار البيئة، تُعد هذه الفترة أيضاً بمثابة تجربة، تؤكد أنه حينما يتوقف النشاط الصناعي، ونشاط المركبات والبناء، يتنظف الهواء بشكل فوري.
ظواهر مماثلة تمت ملاحظتها في مدن أخرى أيضاً، ففي كلكوتا مثلاً تقلص مستوى «بي إم 2.5» خلال ساعة الذروة بنسبة 46 في المئة، و«إن أو2» بنسبة 74 في المئة، وفي مومباي، انخفض بنسبتي 52 في المئة و85 في المئة على التوالي، وجاء في تقرير لـ«المجلس المركزي للسيطرة على التلوث»، أنه «نتيجة للقيود الصارمة على السفر، وإغلاق الأنشطة غير الأساسية، مثل أنشطة القطاعات الملوثة للهواء، لوحظ تحسن جودة الهواء في العديد من المدن والبلدات عبر البلاد».
وتضم الهند بعضاً من أكثر مدن العالم تلوثاً، وقد تضاعفت مستويات التلوث خلال العقد الماضي، بسبب مزيج قاتل من العوامل، يشمل: التصنيع السريع، وانفجارات بعض المركبات الخاصة، وضعف نظام النقل العام، والبناء المنفلت وغير المقنن للمنازل في المناطق الحضرية، وضعف تطبيق القوانين والتنظيمات، وعلى الرغم من أن حكومات الولايات تسعى جاهدة لمكافحة التلوث، إلا أن التقدم بطيء، ففي عام 2019، أطلقت الحكومة الفيدرالية «البرنامج الوطني للهواء النظيف»، الذي وضع أهدافاً لـ102 مدينة تتوخى خفض مستويات الـ«بي إم 2.5» و«بي إم 10»، بنسبة تتراوح بين 20 و30 في المئة بحلول عام 2024، وتشمل الخطط تحسين المراقبة، وتقليص حركة مرور المركبات، غير أن التقدم كان ضعيفاً جداً.
والآن، تقلص التلوث نتيجة إغلاق الصناعات، وتوقّف نشاط البناء، وتقلّصت بشكل كبير حركة مرور المركبات على الطرقات، ويقول علماء: إن الإغلاق أتاح لهم فرصة مواتية لدراسة مصادر التلوث، غير أن التلوث يأتي أيضاً بكلفة صحية بالنسبة للبلاد، فوفق تقرير لـ«معهد التأثيرات الصحية»، الموجود مقره في الولايات المتحدة، فإن حوالي 1.2 مليون شخص تُوفُّوا في الهند خلال عام 2017، بسبب تلوث الهواء فقط.
وتشير منظمة أخرى، هي «جمعية الأطباء من أجل هواء نظيف»، إلى أن الأشخاص الذين يعيشون في المناطق عالية التلوث، أكثر عرضة للإصابة بفيروس كورونا، على اعتبار أن رئاتهم تضررت بسبب التلوث، وهذا الأمر زاد من وعي الجمهور بشأن التلوث. وبالنظر إلى أن فيروس كورونا مرض تنفسي، فإنه يُنظر إلى الناس الذين عانوا من تلوث الهواء لسنوات طويلة، باعتبارهم أكثر عرضة لخطر العدوى بالفيروس.
ويأمل أنصار البيئة، أن يُترجم الإعجاب الحالي بزرقة السماء وصفائها، إلى زيادة في وعي الجمهور وسط حالة الوباء، غير أنه من الصعب تحديد تأثير التلوث، نظراً لأنه يُنظر إليه على أنه مشكلة تعرّض طويل الأمد، والتعرّض طويل الأمد للتلوث يؤدي إلى ضعف الرئتين، وارتفاع خطر التعرض لكوفيد -19.
بيد أنه من الواضح أن هناك بارقة أمل، في أن مشكلة التلوث ستحظى بالأهمية التي تستحق، ولا شك أنه سيتعين على الهند أن تركز على النمو الاقتصادي، حينما يُرفع الإغلاق، بالنظر إلى التأثير الاقتصادي السلبي للإغلاق، والركود العالمي الوشيك، غير أنه لأول مرة ربما أمام أنصار البيئة، فرصة جيدة للدفع في اتجاه إجراءات سياسية أعمق من أجل معالجة مشكلة التلوث، وربما يكون هذا بداية انكباب الهند، ليس على تنظيف سمائها فحسب، ولكن أنهارها أيضاً، ومنح أجيال من الأطفال فرصة أفضل في الحياة.
*مدير مركز الدراسات الإسلامية- نيودلهي