تختلف «الحرب الباردة الجديدة» بين الولايات المتحدة الأميركية والصين، عن الحرب الباردة السابقة التي قسّمت العالم إلى كتلتين، إحداهما بزعامة الولايات المتحدة، والأخرى بزعامة الاتحاد السوفييتي. وقد استمرت هذه الحرب لحوالي 44 عاماً، أي بداية من سنة 1945 وحتى تحطم حائط برلين سنة 1989، ثم زوال الاتحاد السوفييتي نفسه في سنة 1991، وهو الحدث الذي اعتبره البعض «نهاية التاريخ»، أي هزيمة الشيوعية كنظام اقتصادي اجتماعي، وانتصار النظام الرأسمالي الليبرالي الغربي بقيادة واشنطن.
وبالرغم من أننا نقسم التاريخ لمراحل زمنية، فإن الفصل بين هذه المراحل هو إجراء منهجي، من أجل التحليل فحسب. وكما نتذكر، فقد كانت الصين جزءاً من الكتلة الشرقية، حتى وإن اختلفت أخيراً مع زعيمه الاتحاد السوفييتي. ومع أن الحزب الشيوعي الصيني ما يزال الحزب الحاكم، فإننا الآن أمام دولة ومجتمع صيني مختلف، يقوم على الانفتاح الاقتصادي على العالم، بدلاً من محاولة تغييره، الاقتصاد والتجارة هما الأساس.
لذلك، فإن هذه «الحرب الباردة الجديدة» بين الولايات المتحدة والصين، هي حرب اقتصادية بين أكبر اقتصادين في العالم، وأساساً بسبب العجز التجاري والمالي الضخم التي تعانيه واشنطن في مواجهة بكين: حوالي 380.8 مليار دولار خلال السنة المالية 2019 -2019م، وأقل قليلاً من 30 مليار دولار في الميزان النقدي الخاص بالاستثمار المباشر والتدفقات المالية بين البلدين، أي حوالي 410 مليارات دولار من العجز الكلي لصالح الصين.
ومع اجتياح كورونا للعالم، دخلت هذه «الحرب الباردة الجديدة» طوراً آخر، بالتزامن مع دخول منظمة الصحة العالمية دائرة الضوء العالمي، على نحو غير مسبوق، وهي إحدى المنظمات المتخصصة التابعة للأمم المتحدة، ومقرها جنيف. وأتذكر أثناء دراستي هناك كنت أمر كثيراً أمام مقرها، وأرى التزاحم من السائحين على دخول «قصر الأمم»، المعادل لمبنى الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، دون الالتفات إلى هذه المنظمة ومبناها المجاور. لكن كان يثير اهتمامي أنها على عكس العديد من منظمات الأمم المتحدة الأخرى الموصوفة بـ«الدولية» (نسبة إلى الدول)، كانت هذه المنظمة «عالمية»، إشارة إلى أن الاهتمام بأحوال الناس فيها يتعدى الدول في معالجة الأمراض والأوبئة أينما كانت، وهو محور نشاطها منذ بداياتها، في صورة مؤتمرات دولية دورية في منتصف القرن التاسع عشر، ثم مأسستها كمكتب دولي للصحة العامة مع «عصبة الأمم» في عشرينيات القرن الماضي، ثم المزيد من المأسسة، كمنظمة عالمية للأمم المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية، وتحديداً في 7 أبريل سنة 1948، والذي أصبح يوم الصحة العالمي.
هناك الكثير من التفاصيل حول عمل هذه المنظمة: موظفوها الـ7000، مكاتبها الإقليمية الست (بما فيها مكتب شرق المتوسط ومقره القاهرة)، ميزانيتها بعد قرار واشنطن بوقف إسهامها، وكذلك مديرها العام الدكتور تادرس الزانوم (وزير الصحة ثم الخارجية السابق في أثيوبيا)، والذي تتهمه واشنطن بمحاباة الصين!
وتتهم إدارة ترامب المنظمة بقبول كل ما تقوله بكين، منذ ظهور الوباء في مقاطعة وهان الصينية أواخر 2019، قبل أن تعلنه المنظمة وباءً عالمياً في مارس 2020، مما أضاع وقتاً ثميناً (حسب واشنطن). وتلمح بعض أجهزة الإعلام الأميركية إلى علاقة خاصة بين بكين وإدارة المنظمة.
ورغم أن هذه الحرب الباردة قد تستمر بين واشنطن وبكين، فإن كثيرين داخل أميركا وخارجها يطالبون بعدم تشتيت الجهود، أو إضعاف المنظمة في مواجهة الوباء، والانتظار إلى ما بعد دحر الوباء. لكن «الحرب الباردة الجديدة» تستمر.
وبالرغم من أننا نقسم التاريخ لمراحل زمنية، فإن الفصل بين هذه المراحل هو إجراء منهجي، من أجل التحليل فحسب. وكما نتذكر، فقد كانت الصين جزءاً من الكتلة الشرقية، حتى وإن اختلفت أخيراً مع زعيمه الاتحاد السوفييتي. ومع أن الحزب الشيوعي الصيني ما يزال الحزب الحاكم، فإننا الآن أمام دولة ومجتمع صيني مختلف، يقوم على الانفتاح الاقتصادي على العالم، بدلاً من محاولة تغييره، الاقتصاد والتجارة هما الأساس.
لذلك، فإن هذه «الحرب الباردة الجديدة» بين الولايات المتحدة والصين، هي حرب اقتصادية بين أكبر اقتصادين في العالم، وأساساً بسبب العجز التجاري والمالي الضخم التي تعانيه واشنطن في مواجهة بكين: حوالي 380.8 مليار دولار خلال السنة المالية 2019 -2019م، وأقل قليلاً من 30 مليار دولار في الميزان النقدي الخاص بالاستثمار المباشر والتدفقات المالية بين البلدين، أي حوالي 410 مليارات دولار من العجز الكلي لصالح الصين.
ومع اجتياح كورونا للعالم، دخلت هذه «الحرب الباردة الجديدة» طوراً آخر، بالتزامن مع دخول منظمة الصحة العالمية دائرة الضوء العالمي، على نحو غير مسبوق، وهي إحدى المنظمات المتخصصة التابعة للأمم المتحدة، ومقرها جنيف. وأتذكر أثناء دراستي هناك كنت أمر كثيراً أمام مقرها، وأرى التزاحم من السائحين على دخول «قصر الأمم»، المعادل لمبنى الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، دون الالتفات إلى هذه المنظمة ومبناها المجاور. لكن كان يثير اهتمامي أنها على عكس العديد من منظمات الأمم المتحدة الأخرى الموصوفة بـ«الدولية» (نسبة إلى الدول)، كانت هذه المنظمة «عالمية»، إشارة إلى أن الاهتمام بأحوال الناس فيها يتعدى الدول في معالجة الأمراض والأوبئة أينما كانت، وهو محور نشاطها منذ بداياتها، في صورة مؤتمرات دولية دورية في منتصف القرن التاسع عشر، ثم مأسستها كمكتب دولي للصحة العامة مع «عصبة الأمم» في عشرينيات القرن الماضي، ثم المزيد من المأسسة، كمنظمة عالمية للأمم المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية، وتحديداً في 7 أبريل سنة 1948، والذي أصبح يوم الصحة العالمي.
هناك الكثير من التفاصيل حول عمل هذه المنظمة: موظفوها الـ7000، مكاتبها الإقليمية الست (بما فيها مكتب شرق المتوسط ومقره القاهرة)، ميزانيتها بعد قرار واشنطن بوقف إسهامها، وكذلك مديرها العام الدكتور تادرس الزانوم (وزير الصحة ثم الخارجية السابق في أثيوبيا)، والذي تتهمه واشنطن بمحاباة الصين!
وتتهم إدارة ترامب المنظمة بقبول كل ما تقوله بكين، منذ ظهور الوباء في مقاطعة وهان الصينية أواخر 2019، قبل أن تعلنه المنظمة وباءً عالمياً في مارس 2020، مما أضاع وقتاً ثميناً (حسب واشنطن). وتلمح بعض أجهزة الإعلام الأميركية إلى علاقة خاصة بين بكين وإدارة المنظمة.
ورغم أن هذه الحرب الباردة قد تستمر بين واشنطن وبكين، فإن كثيرين داخل أميركا وخارجها يطالبون بعدم تشتيت الجهود، أو إضعاف المنظمة في مواجهة الوباء، والانتظار إلى ما بعد دحر الوباء. لكن «الحرب الباردة الجديدة» تستمر.