يعد صعود تجارة «أوليج سيروتا» لأنواع الجبن، والضائقة الشديدة التي تشهدها حالياً قصة أزمتين، يقوم «سيروتا» بإنتاج أجبانٍ عالية الجودة على الطراز الأوروبي، مثل جبن البارميزان والشيدر وجرويير، والتي كان حتى وقت قريب يقوم بتوزيعها على العملاء، من خلال شبكة أسواق المزارعين في منطقة موسكو، وأتاح قطع الواردات الأوروبية من المواد الغذائية إلى روسيا، وسط حرب العقوبات المستمرة التي بدأت قبل ست سنوات، له ولكثيرين غيره الفرصة للدخول في مجالات الإنتاج المتخصصة، حيث لم تكن لديهم في السابق فرصة للمنافسة، لكن الآن أدى إغلاق روسيا بسبب الفيروس التاجي إلى توقف خطوط الإمداد الخاصة به، مما أدى إلى تشتيت العاملين لديه، وتحدي قدرته على مواصلة العمل، وقد أغلقت مدينة موسكو على الأقل حتى نهاية أبريل، ولا أحد يستطيع مغادرة المنزل دون تصريح رقمي يوضح سبب ذلك، وشراء الجبن ليس ضمن القائمة المسموح بها.
هذه مشكلة خطيرة بالنسبة لسيروتا الذي يقول: «لا يمكننا التوقف عن العمل، يجب حلب الأبقار كل يوم، وإذا تخلصنا من الحليب، سنفلس قريباً، وسيفلس شركاؤنا الذين يعملون معنا، وسيكون عمالنا المهرة بلا عمل بشكل دائم، وسينهار كل ما بنيناه».
تشكل المشاريع الصغيرة مثل مشروع سيروتا –يعمل لديه أقل من 200 موظف –أقل من 20% من اقتصاد روسيا، على الرغم من انتشارها وتنوعها في المدن الروسية في السنوات الأخيرة، ويبدو وجود هذه المشاريع في حد ذاته معجزة، حيث إن أي شكل من أشكال الأعمال الحرة الخاصة، كان يتم التعامل معه أثناء الحقبة السوفييتية كنشاط إجرامي، ومعظمها لا يزال يجد ذلك شاقاً للغاية في أفضل الأوقات.
بيد أن سيروتا –مثل أصحاب الأعمال الصغيرة الآخرين – عازم على البقاء، لقد أحضر موظفيه الأساسيين إلى قرية منطقة موسكو، حيث تتم عملية صنع الجبن الخاصة به، واستأجر مساكن لهم، ويضعهم فيما يطلق عليه وضع «الثكنات» طوال المدة، كما قام أيضاً باستئجار أسطول من الشاحنات، ويستخدم وسائل التواصل الاجتماعي في الإعلان، ويأمل في بيع إنتاجه عن طريق التسليم المباشر.
يقول سيروتا: «لقد غادر أكثر من 3 ملايين من سكان موسكو المدينة»، في إشارة إلى أن العديد من سكان موسكو ذهبوا للعيش في بيوتهم الريفية بعيداً عن الأزمة، وأضاف: لدينا بالفعل ما يصل إلى 100 عملية تسليم يومياً، وإذا استطعنا أن نصل بهذا العدد إلى 300، أعتقد أننا سنجتاز الأزمة.
يذكر أن جائحة الفيروس التاجي، تسللت ببطء إلى روسيا –ولا يزال تأثيرها في العديد من الدول الأوروبية، ناهيك عن الولايات المتحدة، حيث بلغ إجمالي عدد الحالات يوم الاثنين 47.121 –لكنها تضرب الآن موسكو بشكل خاص، والتي تعد محور النقل والاقتصاد الرئيسي في البلاد، بعد فترة من الرضا عن النفس، استجاب فلاديمير بوتين في شهر مارس، بإعلان الإغلاق على الصعيد الوطني، والذي امتد الآن حتى 30 أبريل، وحول معظم استجابات الحكومة إلى فريق من التكنوقراطيين.
*صحفي كندي متخصص في الشؤون الروسية
ينشر بترتيب خاص مع «خدمة كريستيان ساينس مونيتور»