شكّل قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالخروج من اتفاقية باريس للمناخ صدمة كبيرة للمجتمع الدولي، وضربة موجعة للجهود المبذولة لإنقاذ الكوكب جراء ظاهرة الاحتباس الحراري والتغيرات المناخية.
المؤسف أن اتفاق باريس للمناخ الذي وقعت عليه أكثر من 190 دولة عام 2015 كان بارقة أمل للتعامل الجاد مع هذا الملف الشائك. وحينها تم الإعلان عن الالتزام بخفض درجات الحرارة العالمية إلى ما هو «أقل بكثير» من درجتين مئويتين، والحد من الاحتباس الحراري كيلا يتجاوز 1.5 درجة مئوية، لحماية كوكب الأرض من تبعات كارثية يسببها تغير المناخ.
وإعلان ترامب يهدد بفشل الجهود المناخية، وعزل الولايات المتحدة نفسها عن حملة إنقاذ الأرض، وهو أمر خطير خاصة وأنها ثاني أكبر مصدر للكربون بعد الصين التي اتخذت خطوات جادة من أجل مكافحة أخطار التغير المناخي. من بينها تركيب الألواح الشمسية الجديدة التي تزيد قدرتها بنسبة 45% عن العام السابق، وهو ما يعني أن الصين حققت هدفها لعام 2030 مبكراً.
خلال السنوات الماضية، تم رصد آلاف الكوارث المناخية ذات الآثار الخطيرة على إنتاج الغذاء، وهو ما يعمق أزمة الجوع عالمياً، ويدفع التضخم في الأسعار إلى مستويات قياسية.
والمفاجئ أن ترامب تجاهل الأصوات الداخلية المعارضة لقراره. وموقف الإدارة الأميركية هذا جاء في أعقاب أحد أكبر الكوارث المناخية التي تتعرض لها البلاد في السنوات الأخيرة، ممثلة بحرائق ولاية كاليفورنيا التي كبدت أميركا خسائر تزيد على 250 مليار دولار، وفق تقارير رسمية.
وبدلاً من أن تدفع الأزمة وتداعياتها الكارثية الإدارة الأميركية الجديدة إلى إعادة تقييم موقفها، والعمل بإصرار أكبر مع المجموعة الدولية لمكافحة التغير المناخي، فقد تجاهلت القضية وآثارها الخطيرة، وسط سعيه لزيادة إنتاج الولايات المتحدة من الوقود الأحفوري.
لا شك أن الموقف الأميركي سوف يلقي بظلاله على الجهود الدولية، وربما يتسبب في فشل تحقيق هدفها بالحد من ارتفاع درجة حرارة الأرض إلى 1.5 درجة مئوية، وهي العتبة التي يمكن أن تسرع وتيرة الضرر المناخي، وهو ما يحذر العلماء من تداعياته الكارثية على حياة جميع الكائنات على كوكب الأرض.
وعلى ضوء الانسحاب الأميركي من اتفاقية باريس يمكن استنتاج أن الإدارة الأميركية لن تلتزم بما تعهدت به من قبل، مثل تقديم مليارات الدولارات لدعم الدول الأكثر فقراً التي تعاني موجات حر غير مسبوقة، وفيضانات وارتفاع منسوب مياه البحار.
ومن الطبيعي أن الموقف الأميركي أحدث ردود أفعال غاضبة على المستوى الدولي، وقال علماء المناخ: «إنهم يستعدون «للأسوأ»، بعد هذا الإجراء الذي يأتي ضمن سلسلة إجراءات مشابهة تطبقها حكومة ترامب منذ بداية ولايته الثانية، وحذرت مسؤولة كبيرة في البنك الدولي من احتمال وقوع عدد كبير جداً من الوفيات إذا لم يتم توفير التمويل المطلوب لمكافحة تغير المناخ».
بدوره، عبر أنطونيو غوتيريس، الأمين العام للأمم المتحدة عن صدمته، وقال: نحن على الطريق السريع إلى جحيم المناخ، وأقدامنا لا تزال على دواسة الوقود، وأشار إلى أن الانبعاثات العالمية لا تزال في ارتفاع.
يحدث هذا من دولة عظمى، في حين تمتلك الإمارات مسيرة رائدة في العمل من أجل المناخ، وحماية البيئة على المستويين المحلي والعالمي، حيث كانت الدولة الأولى في المنطقة التي توقع وتلتزم باتفاق باريس للمناخ، وعلى مدار الأعوام الماضية حققت العديد من الإنجازات في خفض مسببات التغير المناخي.
وتحظى دولة الإمارات بسجل حافل في مجال الاستدامة، من خلال مبادرات ومشاريع رائدة تعكس القيم الراسخة للحفاظ على البيئة والتقاليد المجتمعية، وغيرها من القيم التراثية الأصيلة،
الخلاصة، إن العالم على شفير أزمة كبرى تهدد مستقبل البشرية، لكن وبكل أسى وأسف مازال بعضهم لا يرى إلا تحت قدميه.