يمثل إعلان صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، عام 2025 عاماً للمجتمع، تحت شعار «يداً بيد»، تعبيراً جليّاً عن المكانة التي يحتلها المجتمع ضمن أولويات القيادة الرشيدة، وإشارة بدء لعمل مكثّف يغطي كل ما يتعلق به من قضايا وشواغل وطموحات في وطن، اعتاد أن يحقق أهدافَه من خلال الإرادة الوطنية الصادقة أولاً، بوصفها الدافع والحافز الأقوى وراء نجاح أي عمل، ومن ثم يأتي التخطيط الجيد والمرن، وتوفير كل الموارد اللازمة ماديّةً، كانت أم بشرية أم تنظيمية، ثم التنفيذ المتقن والجاد، الذي يخضع لتقييم مستمر يضمن التدخل لتعديل المسارات في الوقت المناسب، وحيثما يقتضي الوضع.
وقد تضمّن إعلان صاحب السمو، رئيس الدولة، حفظه الله، رؤية وإطاراً جامعاً لملحمة العمل، التي يُنتظر أن يشهدها «عام المجتمع»، على النحو الذي يظهر في إشارة سموه إلى أن «المجتمع القوي والمتماسك والمستقر يعني وطناً قادراً على تحقيق طموحاته ومواجهة تحدياته والتخطيط السليم لمستقبله»، وتحديد الأهداف التي تتمثل في «تعزيز الروابط في مجتمعنا وأسرنا وترسيخ المسؤولية المشتركة في بناء وطننا وإطلاق الإمكانات والمواهب»، و«تفعيل القيم المجتمعية والمبادرة من أجل مجتمع مزدهر يعمل بروح واحدة لبلوغ تطلعاته وصون هويته وقيمه والحفاظ على استدامة موارده للأجيال المقبلة». 
أما المدعوون إلى المشاركة من جانب صاحب السمو، رئيس الدولة، حفظه الله، فهم «كل من يعتبر الإمارات وطناً له»، ما يوسع نطاق المشاركة لتشمل كل مواطني الدولة والمقيمين على أرضها ممن منحتهم فرصة العمل والعيش الكريم، في ظل احترام كل حقوقهم وضمان أمنهم وتقدير دورهم في مسيرة التنمية والازدهار.
ويمكن التنويه إلى فكرة «الأعوام» التي أصبحت تقليداً ناجحاً في دولة الإمارات أثبت فاعليته وجدواه، من خلال تخصيص كل عام لمعنى أو قيمة أو شخصية، على أن تشارك فيها كل مؤسسات الدولة وهياكلها وقطاعاتها وفق نطاقات اختصاصها ومن واقع خبرتها، لتكون النتيجة عملاً ضخماً في نطاقه، شاملاً في تغطيته الموضوع من كل جوانب، عميقاً في دراسته الفاحصة لكل العناصر التي تتصل بالموضوع، ودقيقاً وموضوعياً في تحديد جوانب القوة والضعف وتشخيص التحديات، وواقعياً في وضع الاستراتيجيات والخطط واقتراح الحلول، دون إغفال الطموح إلى ما هو أفضل وأرقى دائماً.
وتضمن فكرة «الأعوام» تواصل الاهتمام بالقضية أو الموضوع المختار، ذلك أنه لا ينتهي مع انتهائه، إذ تُسفر الجهود المبذولة عادة عن تشكيل هياكل مؤسسية ووضع خطط وانطلاق مشاريع يتواصل عملها وعطاؤها، كما أن المشاركة الشاملة والجامعة من جانب كل فئات المجتمع، ترسّخ الوعي بالقضية وتعزّز المعرفة العامة، وحتى المتخصّصة، بها. كما أن اهتمام مؤسسات التعليم المدرسي والعالي بالمشاركة في الموضوع المختار، يضمن بناء الوعي به لدى شباب الدولة في مرحلة مبكرة من حياتهم، ويُدرجها ضمن بنية التفكير ونطاق الاهتمام في المراحل اللاحقة من حياتهم.
وتجدر الإشارة إلى أن الإعلان عن «عام المجتمع» قد سبقته خطوات مؤسسية كبيرة تؤكد أهمية ملف المجتمع لدى القيادة الرشيدة، إذ استحدثت «وزارة الأسرة» في تعديل وزاري محدود بتاريخ 8 ديسمبر 2025، باعتبار الأسرة هي «النواة الصلبة التي يلتف حولها المجتمع.. وهي الضامن لاستمرار تماسكه وقوة أفراده». كما تغير اسم «وزارة تنمية المجتمع» إلى «وزارة تمكين المجتمع»، ليضيف بعداً آخر إلى هذه الوزارة المهمة على مستوى التصور والممارسة، انطلاقاً من مصطلح «التمكين» الذي تعرفه لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (الإسكوا) بأنه زيادة القوة السياسية أو الاجتماعية أو الاقتصادية للأفراد والمجتمعات وتعزيز قدرتهم على اتخاذ خيارات وتحويل تلك الخيارات إلى الإجراءات والنتائج المطلوبة.
إن إطلاق «عام المجتمع» يفتح أبواب التفاؤل والأمل في إنجازات جديدة لتعزيز نقاط القوة في مجتمع دولة الإمارات، الذي يتّسم بالقوة والحيوية والتماسك، ووضع خريطة طريق للتغلب على التحديات والمستقبلية، التي ستُعنى مؤسسات عدة باستشرافها وتحديد آليات لمواجهتها، ليكون المستقبل أكثر إشراقاً وتفاؤلاً.

*صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية