العراق.. الحل بيد أبنائه
يقول بعض العراقيين: كنا نتوقع من الشخصيات العراقية التي دخلت معترك الحياة السياسية بعد حكم صدام أن تنقل لنا ما استقته من الدول المتقدمة في الإدارة والعلوم والتكنولوجيا، وتطور البلد كما يجب وينبغي، لكن الذي حدث أن أغلبية تلك الشخصيات جاءت بكل طرائق السرقة وأساليب النهب.
إن النخبة السياسية التي تدير العراق حالياً بمختلف مكوناتها أساءت إليه وللشعب الذي كان بانتظار الأمل الذي عاش عليه عقوداً بعد سنين طويلة من الدمار والحروب التي أثقلت كاهله وأنهكته.
يعيش العراق حالة عبثية تزيد خرابه خراباً، وفوضاه فوضى تتحكم في بلد فقد بوصلته ويكاد يفقد هويته إذا ما استمر الوضع على ما هو عليه اليوم بعد تغلغل التدخل الخارجي فيه، إلى درجة أصبح فيها لا يستطيع تشكيل حكومة تدير شؤونه، وغير قادر على انتخاب برلمان حر من الشعب وإليه.
منذ أشهر والعراق يعيش حالة من عدم التوازن، ومؤخراً انتقل الصراع بين التيار الصدري والإطار التنسيقي إلى الشارع، لتزيد الأزمة احتداماً بين جميع الأحزاب، مع تواصل اعتصام أنصار مقتدى الصدر في مقر البرلمان العراقي لمنع عقد جلساته، في حين تبددت دعوة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي للحوار في ظل مقاطعة التيار الصدري لها.
فهل وصلت العملية السياسية في العراق إلى طريق مسدود؟
إن مظاهر الانسداد التي غزت كل مناحي الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية وكشفت عن عدم قدرة الطبقة السياسية الحاكمة على تلمُّس حلول لمشكلات العراق الكثيرة، تفاقمت حتى تفجّرت ثورة غضب شعبي ضد الفساد والظلم، فباتت الأوضاع الراهنة تنذر بخطر عظيم وبشبح حرب أهلية، ولا ضامن لعقباها إن وقعت بالفعل.
يتجلى جوهر أزمة العراق بغياب القوى القادرة على حفظ الأمن والسلام الداخلي، فالقوات المسلحة العراقية غير جاهزة بعد، بينما الميليشيات الموالية للخارج هي التي تحكم الموقف، والمثير أن مصدر تمويل تلك الميليشيات هو خزانة الدولة التي تضمن لها التسلح حتى بالصواريخ الباليستية والمُسيَّرات، مع العلم أنها لا تعمل بناء على رؤية الدولة العراقية.
الظروف الصعبة التي يعيشها العراق منذ عقود كانت فرصة لمن يريد التدخل في شؤون العراق.
وينبغي وضع حد لمحاولات سلب ونهب ثروات بلاد الرافدين، ومنع أية أدوار تحول دون استقرار بلاد الرافدين، خاصة في ظل وجود ميليشيات تسعى إلى السيطرة على مفاصل الحياة فيه.
وحتى الآن يعيش العراقيون حياة بائسة في بلدهم الذي يبدو وكأنه بلا بنية تحتية، ولا صناعة ولا تجارة ولا زراعة، فضلاً عن ارتفاع معدلات الجريمة وانتشار المخدرات.
في ظل ما يحدث في العراق تسعى المملكة العربية السعودية إلى إنقاذ ما يمكن إنقاذه، ولنا الحق بأن نتفاءل بذلك من واقع تمنياتنا للعراق بالخير. لا ندري ما الذي سيتبع قيام الأمير محمد بن سلمان ولي عهد المملكة باستقبال للسيد عمار الحكيم، لأن المهم هو منع استمرار تدهور أمن العراق، وخفض التصعيد بين القوى السياسية من أجل مصلحة العراقيين كافة. فمن المهم أن تدرك تلك القوى أن تشكيل حكومة وطنية ضرورة لا بد منها لأنها المنقذ الوحيد، وهذا يتطلب من الجميع الولاء للعراق فقط لتسيير شؤونه وإنعاش حياة أهله.