السبت 26 ابريل 2025 أبوظبي الإمارات 41 °C
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

د. نزار قبيلات: التعثر اللغوي عند طلبتنا

د. نزار قبيلات: التعثر اللغوي عند طلبتنا
1 ابريل 2025 01:32

ثمة معايير دولية يقاس من خلالها مستوى الطلبة، وهي معايير دقيقة يتم اتّباعها مثلا لمتعلمي اللّغات الثانية، ولعل أهم تلك المعايير هو معيار آكتفل (المجلس الأمريكي لتعليم اللغات الأجنبية) وأيضاً هناك الإطار الأوروبي المرجعي للغات، حيث يتم هناك تصنيف المتعلمين إلى مستويات تظهر أشكال التعطل اللغوي لديهم بغية تحديد طرق المعالجة للمتعلم والنهوض به بيدغوجيا نحو المستوى الأعلى، إذا هي مستويات لا تظهر جوانب الإتقان بقدر ما تظهر ما لا يجيده متعلّم اللغة الثانية، والواضح أن لا خصوصيات لأي لغة وفق هذه التحديدات التي جاء بها هذان التصنيفان، غير أن هذا يعتمد على شكل المراحل التعليمية المتصاعدة وبالتحديد على نوعية المقرر التعليمي المعدّ متساوقاً في ذات الوقت مع طرق التدريس المتبعة، ثم يبقى الأمر رهينَ التواصل باللغة ونجاح عملية التواصل باللغة الثانية.
أما طلبتنا أبناء اللغة فإنهم يطمحون إلى الوصول إلى مستوى الفصاحة والذي يعني للأكاديميين مدى الدقة والطلاقة التي يحققها متعلم اللغة العربية من أبنائها، وهو ما يضع العبء مبدئياً على واضعي المناهج الذين يفترض بهم وضعوا مناهج تعليم العربية ومقرراتها وفق نظام كلي يجعل من العربية مهارة تواصل ناجعة وعملية فهم وإفهام مع الآخر بغية الوصول لتفاهم إنساني قوامه اللغة المشتركة، إذ نرى في بعض المناهج حشواً مبالغاً فيه للمعلومات التاريخية وللقواعد بطريقة صمّاء جعلت النّص العربي ذاته مستغلقاً على أبنائه، ذلك لأنها نصوص غير متساوقة والمعطى الاجتماعي والسياقي الحديث، وإن كانت النصوص من التراث العربي القديم، ففي التواصل اليومي يمكن أن تقنع شخصاً من خلال الاستشهاد بآية قرآنية أو ببيت شعر لعنترة بن شداد..
ما يعني أن إتقان اللغة وفصاحتها أحد عوامل تحقيق الفهم وليس الحفظ والتخزين في الذاكرة، ففهم قواعد العربية يحتاج تالياً وبعد ما يقوم به واضعو المناهج والخطط التدريسية إلى استراتيجيات تدريسية تعتمد استراتيجيات ما وراء المعرفة في العملية التعليمية، وليس على تقديم قواعد العربية وكأنها علم مجرد كعلم الجبر، قل ولا تقل، فإن لم يفهم الطالب النّص لن يتمكن لاحقاً من استخدام ما حفظه عن ظهر قلب من قواعد في الإعراب والبناء والنواسخ، فالجملة العربية خاضعة لحكم السياق المحيط بها ولقصدية القائل، لذا يلزم أن نَفهم القصد قبل القاعدة، ونحاول في الاختبار أن نجعل الطالب قادراً على التمييز بين استخدام الجملة بأسلوب خبري أو إنشائي، فالطالب صائم لها دلالة تأويلية تختلف عن أن الطالبَ صائمٌ أو كان صائماً.
أذكر في المدرسة أن بعض أساتذتنا لم يفسروا لنا الاختلاف الدلالي بين الفعل المبني للمعلوم والمبني للمجهول، بل اكتفوا وقتذاك بشرح القاعدة ثم طلبوا منّا حفظها، كما أنهم لم يقفوا عند مظاهر التعثر اللغوي لدينا بل سارعوا إلى شرح القواعد التالية، فلم يتركوا المجال لنا لأن نتلقى الجمل ونفهمها ثم نعيد إنتاجها وفق تعدد في الاستخدام بهدف استكناه ذلك التنويع الدلائلي، وكذلك تبين تلك الفروق في أشكال وضع الجملة في الماضي والحاضر والأمر، اليوم ثمة طرق حديثة تعتمد على زيادة مساحة التلقي في الاستماع والقراءة الماتعة ليصار تالياً إلى مستوى الإنتاج المتمثل في الكتابة والمحادثة، وهو ما اتّبعه مع طلبتي حيث جاءت النتائج مختلفة وفي صالح الطلبة.
*أستاذ بجامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2025©
نحن نستخدم "ملفات تعريف الارتباط" لنمنحك افضل تجربة مستخدم ممكنة. "انقر هنا" لمعرفة المزيد حول كيفية استخدامها
قبول رفض