الأسواق العالمية، إلى جانب السوق المحلية الأميركية، كانت تنتظر خطوة المجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي «البنك المركزي»، بخفض سعر الفائدة العامة، وكانت المفاجأة أن أقدم المشرعون على خفض قوي بمعدل نصف نقطة مئوية، بينما كانت الآمال متعلقة بربع نقطة فقط.
وعلى الرغم من أن «المركزي» يتمتع بالاستقلالية التامة في صنع القرار المالي، ويحظى بتفويض دائم من المؤسستين التشريعية والتنفيذية، فإن هبوط تكاليف الاقتراض في هذا الوقت، يوفر عاملاً مهماً في الأسابيع القليلة التي تسبق الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة، ولا شك أنه يخفف من الضغوط الاقتصادية على السلطة التنفيذية الحالية، إلى جانب أنه يعطي دفعة قوية لسوق العمل التي تشهد بالفعل تحسناً منذ أشهر عدة.
ليست هناك مخاوف آتية من جهة التضخم، فأسعار المستهلكين تم بالفعل السيطرة عليها، وهي تقترب من الحد الأقصى الرسمي لها عند 2%، ما يوسع الطريق أكثر أمام المشرعين للإقدام على خفض آخر قبل نهاية العام الجاري، الأمر الذي سيعطي دفعة أخرى ضرورية للنمو، ولاسيما في ظل مؤشرات عمت الفترة الماضية عن إمكانية مرور الاقتصاد الأميركي بفترة من التباطؤ «المكروه» جداً في هذا الوقت بالذات.
لابد من الإشارة إلى أن الخفض الأخير لتكاليف الاقتراض، وضع الفائدة بين 4.75 و5.00%، وهي نسبة تبقى مرتفعة جداً، خصوصاً بعد أكثر من عامين من التشديد النقدي، عندما كانت هذه الفائدة قريبة من الصفر.
فطالما أن «المركزي الأميركي» مطمئن من ناحية التضخم، فإنه قادر على خفض جديد آخر قريباً.
لا شك في أن خفض الفائدة الأميركية جاء في الوقت الذي يحتاجه الاقتصاد العالمي، المهدد بنمو منخفض وبطيء، نتيجة عوامل عديدة، لا تزال مؤثرة على الرغم من محاولات شتى لاحتوائها، بما في ذلك بالطبع الحروب التجارية المتجددة، والاضطرابات الجيوسياسية، وبالطبع الحرب في أوكرانيا، والمواجهات في الشرق الأوسط، وغير ذلك من مؤثرات.
فكما كان متوقعاً، أسرعت بنوك مركزية حول العالم، إلى خفض أسعار الاقتراض لديها تماشياً مع الخطوة الأميركية، ما يوفر لها مساحة لالتقاط الأنفاس من الضغوط التي تعرضت لها، منذ مطلع العقد الحالي.
الانفراج سيظهر تباعاً في الأسواق العالمية، وإنْ بمستويات قليلة، لكنه سيكون أوسع نطاقاً، بخفض آخر للفائدة الأميركية قبل نهاية العالم الجاري.