الجميع كان يتوقع خفض الفائدة الأميركية، ليس لأسباب سياسية، بل لأهداف اقتصادية بحتة.
مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي)، بات مقتنعاً تماماً، بأن السيطرة على التضخم تمت، على الرغم من أنه لا يزال مرتفعاً قليلاً عن 2% وهو الحد الأقصى الرسمي.
صحيح أن الخفض الأخير كان بحدود ربع نقطة مئوية، لكن الصحيح أيضاً، أن «الفيدرالي» كسر في سبتمبر الماضي، سياسة التشديد النقدي التي دامت أربع سنوات تقريباً، وأقدم على خفض تكاليف الاقتراض بنسبة نصف نقطة مئوية.
القرار الأخير، جاء في وقت حساس من الناحية السياسية. فقد انتخب الأميركيون دونالد ترامب رئيساً للبلاد، الذي حقق فوزاً ساحقاً.
بينما يتطلع الأميركيون إلى تحقيق مزيد من النمو في الفترة المقبلة، والقضاء نهائياً على منغصات التضخم.
خفض الفائدة الأخيرة، سيعزز حتماً فرص النمو، التي تحتاجها الولايات المتحدة، كما هو الحال على الساحة الدولية كلها. وإذا ما سارت الأمور بصورة مقبولة، فليس مستبعداً أن يتم إقرار خفض جديد في ديسمبر المقبل. ما يعني أن الحراك الاقتصادي الأميركي المحلي، سيشهد قوة دفع مهمة بحلول العام المقبل.
كما أنه سيعزز بالضرورة وضعية الرئيس الجديد على الساحة المحلية. علماً بأن أداء الاقتصاد الأميركي في الفترة الماضية، يعد الأفضل بين الاقتصادات الغربية الكبرى. واللافت أن قرار خفض تكاليف الاقتراض، دفع قيمة الدولار إلى الأعلى، على عكس ما يجري عادة. لكن العملة الأميركية تعزز وضعها في أعقاب انتخاب ترامب، إلى جانب ارتفاع سندات الخزانة.
تقف الفائدة الأميركية حالياً عند 4.5% و4.75%، ولا تزال مرتفعة فيما لو قورنت مستوياتها بالسنوات الأخيرة من العقد الماضي. لكن يبدو أن التوجهات الجديدة لـ«الفيدرالي»، ستكون أكثر تساهلاً على الصعيد المالي، لسبب واحد أساسي، وهو تعزيز ما أمكن من فرص النمو التي تحتاجها البلاد كثيراً في هذه الفترة بالذات. فغالبية المخاطر لم تعد كبيرة في الوقت الراهن، بما في ذلك تلك الآتية من سوق العمل وبالطبع التضخم.
وإذا ما استمر نهج خفض الفائدة في العام المقبل، ستكون هناك قفزات نوعية على الساحة الاقتصادية الأميركية، التي سيعاد رسمها بصورة مختلفة إلى حد بعيد، من قبل الجمهوريين الذين سيصلون إلى البيت الأبيض مطلع 2025.