لا مقارنة بين النمو الذي حققه الاقتصاد الصيني في العقود الماضية، وبين ما يحققه منذ بداية العقد الحالي، لكنه يبقى الأعلى قياساً بكل الاقتصادات الكبرى، في ظل صعوبات يمر بها كغيره من بقية الاقتصادات. اليوم يتصاعد الخوف من تباطؤ النمو في ثاني أكبر اقتصاد بالعالم، مع ضغوط آتية من سوق العمل، ومن استمرار سياسة عدم التحفيز في هذا الوقت، فضلاً عن «تواضع» ارتفاع نمو الناتج الصناعي، وكذلك الأمر في مبيعات التجزئة، ناهيك عن الآثار «المنغصة» التي لا تزال أزمة سوق العقار تتركها على الساحة. ويساهم التردد في عدم التحفيز الاقتصادي، بمزيد من الضغوط، التي جعلت حتى الناتج الصناعي ينمو بوتيرة أبطأ في الفترة الماضية.
لا شك بأن الضغوط ستتزايد، حال وصول الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب إلى البيت الأبيض. فالأخير تعهد (كما فعل في السابق)، بزيادات فورية للرسوم الجمركية على السلع الصينية، وعزز هذا التوجه بتعيين شخصيات متشددة في إدارته المستقبلية لمعالجة العلاقات التجارية مع الصين. وسيتم ذلك، في ظل تراجع النمو الصناعي إلى 5.3%، مخالفاً كل التوقعات بزيادة بلغت 5.6%. دون أن ننسى المصاعب الكبيرة في العلاقات الاقتصادية عموماً بين بكين ودول الاتحاد الأوروبي، التي أضافت أيضاً ضغوطاً شملت طرفيها. كل هذا لا يترك المجال لتحقيق النمو المستهدف بنهاية العام الجاري عند 5%، بينما تدل كل المؤشرات إلى نمو بحدود 4.5%، يشمل حتى العام المقبل.
الضغوطات المحلية، لا تزال تضرب من جهة العقارات؛ فقد انخفض مؤشر الاستثمار العقاري 10.3% على أساس سنوي، في بلد يشكل فيه هذا القطاع ربع الاقتصاد تقريباً. ويبدو أنه ليس أمام الحكومة الصينية سوى اتخاذ إجراءات أخرى، لإعادة الثقة إلى هذا القطاع الحيوي، بما في ذلك ضخ الاستثمارات، وتسهيل الوصول للقروض «الجيدة»، بعد أربع سنوات من تشديد قيود الاقتراض. وإذا ما أراد المشرعون الوصول إلى مستويات مقبولة من النمو، لا بد من تحريك سريع للساحة المحلية، عبر دعم قطاع مبيعات التجزئة، الذي سجل في الأشهر الماضية قفزات معقولة، لكنها ليست لافتة. المرحلة المقبلة ستكون مليئة بالتطورات، خصوصاً من جهة العلاقات التجارية مع الولايات المتحدة التي يسعى رئيسها المنتخب لاتباع مزيد من السياسات الحمائية، يعتقد بأنها حق أميركي خالص.