الأحد 8 سبتمبر 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الإمارات والصين.. شراكة مستدامة

الإمارات والصين.. شراكة مستدامة
21 يوليو 2024 01:01

مصطفى عبد العظيم (أبوظبي)
ترتبط  دولة الإمارات وجمهورية الصين الصديقة بعلاقات اقتصادية  استراتيجية وتاريخية ممتدة لأكثر من 40 عاماً، تشهد تطوراً مستمراً في إطار توجيهات القيادة الرشيدة في البلدين بتعزيز أواصر هذه العلاقات، ودفعها لمستويات أكثر تقدماً وازدهاراً بما يلبي تطلعات شعبيهما، ويدعم نمو واستدامة اقتصادهما.
 واكتسبت العلاقات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية بين البلدين على مدار العقود الأربعة الماضية أهمية وزخماً كبيرين، لا سيما مع اتجاه بوصلة التجارة الدولية والاقتصاد العالمي نحو الشرق، وتطورت العلاقات من مرحلة التعاون إلى مرحلة الشراكة الاستراتيجية والتكامل، مع رؤية مشتركة للبلدين، للاستفادة من هذا التحول في صياغة ملامح الخريطة الجديدة للاقتصاد العالمي والتحول التدريجي في موازين القوى التي تقود النمو العالمي.
ومنذ بدء الصين في إصلاحاتها الاقتصادية عام 1979، أصبحت واحدة من أسرع اقتصاديات العالم نمواً، وسجل اقتصادها نمواً بمعدل مذهل بلغ  في فترات كثيرة  نحو 8% في العام، وباتت الصين اليوم أكبر مصدر في العالم، وفي الوقت ذاته شهد الاقتصاد الإماراتي نمواً قوياً وازدهاراً متسارعاً في القطاعات كافة، ليصبح ثاني أكبر اقتصاد عربي، بناتج محلي إجمالي يصل إلى 1.8 تريليون درهم، وتبوأت الدولة مراتب الصدارة على سلم التنافسية العالمية، الأمر الذي يشير إلى ثمة عناصر عدة لمتانة وقوة التكامل الاستراتيجي بين الإمارات والصين وعلى مختلف الصعد.

الصقر والتنين 
تترجم الأرقام والإحصائيات المختلفة قوة العلاقات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية بين اقتصاد الإمارات الذي ينفرد بقصة صعود غير مسبوقة، وينطلق نحو المرحلة المقبلة من التنويع الاقتصادي، وتعزيز التحوُّل إلى اقتصاد ذكي ودائري يشمل كافة الشرائح، واقتصاد التنين الصيني الذي يحقق نجاحات كبرى، والتطور المتواصل لهذه العلاقات خلال العقود الماضية.
وبينما تعد الصين الشريك التجاري الأول عالمياً لدولة الإمارات في التجارة غير النفطية بنهاية عام 2023، باستحواذها على ما نسبته 12% من تجارة الإمارات غير النفطية، تأتي الإمارات في مقدمة الشركاء التجاريين للصين عربياً في التجارة غير النفطية، ما يشير إلى الآفاق الواعدة والطموحات الكبيرة للوصول بحجم التجارة الثنائية بين البلدين إلى 200 مليار دولار بحلول عام 2030، لاسيما مع تزايد دور دولة الإمارات كبوابة تصل الصين بأسواق منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا.
التعاون الاقتصادي
يشهد التعاون الاقتصادي نمواً متزايداً بين البلدين، حيث بلغ عدد الرخص الاقتصادية الصينية في دولة الإمارات نحو أكثر من 14.5 ألف رخصة، تعمل وتستفيد من بيئة الأعمال المواتية التي توفرها دولة الإمارات من أجل دخول أسواق جديدة في مختلف أنحاء الشرق الأوسط وأفريقيا.. كما تعد الصين ثالث أكبر مصدر لتدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى الإمارات بقيمة 6.3 مليارات دولار، مع ارتفاع الاستثمار الثنائي بين البلدين خلال السنوات الأخيرة، ليصل إلى مستوى قياسي قدره 15 مليار دولار في عام 2022.
ويعد قطاع السياحة بين دولة الإمارات وجمهورية الصين من أهم القطاعات الرئيسية في العلاقات الاقتصادية المشتركة، حيث وصل إجمالي عدد السياح الصينيين أكثر من مليون زائر في العشر أشهر الأولى من عام 2023، كما يصل عدد الصينيين الموجودين في دولة الإمارات نحو 350 ألف، ويتم تنظيم أكثر من 210 رحلة طيران شهرياً بين البلدين عبر شركات الطيران الوطنية الإماراتية.

التجارة البينية 
تضاعف حجم التبادل التجاري غير النفطي بين دولة الإمارات والشريك التجاري الأول لها جمهورية الصين الشعبية بحوالي 800 مرة منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بينهما، والتي بلغت خلال عام 2023، نحو 296 مليار درهم، أي ما يعادل (81 مليار دولار أميركي)  محققة نمواً بنسبة 4.2% بالمقارنة بعام 2022.
وتسعى دولة الإمارات العربية المتحدة وجمهورية الصين الشعبية للمضي قدماً نحو مرحلة جديدة من النمو والازدهار في العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين وتحقيق نتائج مثمرة في العديد من الأنشطة والقطاعات ذات الاهتمام المتبادل، متطلعتين إلى وصول حجم التجارة البينية إلى 200 مليار دولار أميركي بحلول عام 2030.
واستحوذت الصين على 18% من واردات دولة الإمارات لتتربع بهذه النسبة على المركز الأول بين قائمة أكبر أسواق الواردات لدولة الإمارات، فيما تأتي في المرتبة الـ11 في صادرات دولة الإمارات غير النفطية بنسبة مساهمة 2.4% والـ8 في إعادة التصدير بنسبة مساهمة 4%.
وخلال عام 2023، وفي حال استثناء تجارة النفط الخام من تجارة الصين مع الدول العربية، تكون الإمارات في المرتبة الأول عربياً بنسبة مساهمة 30% من تجارة الصين مع الدول العربية، وكما أنه في جانب تجارة الصين الإجمالية مع العالم العربي، تكون الإمارات في المرتبة الثانية عربياً بعد السعودية، وبنسبة 24% من تجارة الصين مع الدول العربية، وتحتل المرتبة الـ21 عالمياً، وفي المرتبة الـ18 عالمياً للواردات.
وتعتبر دولة الإمارات أكبر شريك للصين في المنطقة العربية، حيث إن حوالي 60% من التجارة الصينية يعاد تصديرها عبر موانئ دولة الإمارات إلى أكثر من 400 مدينة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ما يجعلها من أهم منافذ التجارة الصينية. 
الاستثمارات
بلغ إجمالي التدفقات الاستثمارية الإماراتية إلى الصين نحو 11.9مليار دولار بين عامي 2003 و2023، في حين بلغت التدفقات الاستثمارية الصينية إلى الإمارات 7.7 مليار دولار خلال الفترة نفسها لتصبح الصين ثالث أكبر مستثمر عالمي في دولة الإمارات، وبنسبة مساهمة بلغت 5% من إجمالي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر الوارد إلى الدولة، كما تعمل في السوق الصيني 55 شركة إماراتية.
وتعتبر دولة الإمارات أكبر حاضنة للأعمال الصينية في العالم العربي، حيث بلغ عدد العلامات التجارية الصينية المسجلة في دولة الإمارات 6591 علامة، إلى جانب أكثر من 327 وكالة تجارية.
تعزيز التعاون
خلال انعقاد اجتماع الدورة الثامنة للجنة الاقتصادية والتجارية والفنية المشتركة في فبراير 2024، اتفقت حكومتا دولة الإمارات العربية المتحدة وجمهورية الصين الشعبية، على تعزيز التعاون في عدد من القطاعات والمجالات ذات الاهتمام المشترك، لا سيما الاقتصاد الجديد وريادة الأعمال والتكنولوجيا والسياحة والمشاريع الصغيرة والمتوسطة والطاقة والطاقة المتجددة والزراعة والطيران والنقل اللوجستي والبنية التحتية والصناعة، بما يعزز من التنمية المستدامة لاقتصاد البلدين.
وشهدت العلاقات الاقتصادية بين البلدين محطات مهمة لتطوير الشراكة الاقتصادية المتميزة بين البلدين نحو مستويات أكثر تنافسية، وتوسيع مجالات التعاون بينهما في القطاعات ذات الاهتمام المتبادل، لا سيما الاقتصاد الجديد وريادة الأعمال والسياحة والطيران والنقل اللوجستي، وتعزيز التواصل بين مجتمعي الأعمال الإماراتي والصيني، ودعم آليات نمو المشاريع الصغيرة والمتوسطة في أسواق البلدين.

مزايا تنافسية 
تشكل دولة الإمارات محوراً رئيساً للشركات الصينية للانطلاق بمنتجاتها نحو أسواق المنطقة مستفيدة من المميزات والممكنات التي تمنحها بيئة الأعمال الإماراتية، والتي تم تطويرها وفق أفضل الممارسات العالمية، حيث أصبحت البيئة المثالية لممارسة الأعمال والأنشطة الاقتصادية والأكثر تنافسية على المستوى الإقليمي والعالمي، كونها تميزت بسياسات وتشريعات اقتصادية مرنة، بما ساهم في تعزيز مكانة الإمارات وجهة اقتصادية رائدة، وتسجيلها ثاني أعلى زيادة في عدد مشاريع الاستثمار الأجنبي الجديدة حول العالم في عام 2023، كما وصل عدد الشركات العاملة في الدولة أكثر من 788 ألف شركة بنهاية عام 2023.
مبادرة «الحزام والطريق»
تحرص دولة الإمارات على مواصلة دعم مبادرة «الحزام والطريق»، بصفتها شريكاً فاعلاً لهذه المبادرة منذ إطلاقها في العام 2013، وذلك من خلال إمكاناتها التنموية وموقعها الاستراتيجي ودورها الاقتصادي الريادي في المنطقة، حيث ضخت الإمارات 10 مليارات دولار في صندوق استثمار صيني - إماراتي مشترك لدعم مشاريع المبادرة في شرق أفريقيا.
مرحلة جديدة من النمو والازدهار
تمضي الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين جمهورية الصين ودولة الإمارات قدماً نحو مرحلة جديدة من النمو والازدهار، حيث تشهد العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين نمواً متزايداً ونتائج مثمرة في العديد من الأنشطة والقطاعات ذات الاهتمام المتبادل.
وشكل الاجتماع الأخير للجنة الاقتصادية المشتركة خطوة جديدة لتعزيز الروابط الاقتصادية والتجارية مع دولة الإمارات، واستكشاف الفرص الاستثمارية الواعدة في أسواق البلدين، بما يخدم الرؤى والتوجهات الاقتصادية للدولتين.
وشهدت اللجنة توقيع مذكرة تفاهم بين وزارة الاقتصاد ووزارة التجارة الصينية، بشأن تعزيز نمو الاقتصاد الرقمي في السوقين الإماراتي والصيني، وتطوير الفرص الاستثمارية في مجالات البنية التحتية الرقمية والذكاء الاصطناعي والتطبيقات التكنولوجية المتقدمة، بما يتماشى مع الرؤى والاستراتيجيات الخاصة بهذه المجالات الحيوية في البلدين. وجرى توقيع المذكرة من قبل معالي عبدالله بن طوق المري، وزير الاقتصاد، ومعالي وانغ ون تاو، وزير التجارة الصيني.
تسهيل تبادل السلع والخدمات 
اتفق الجانبان الإماراتي والصيني، خلال اجتماع اللجنة، على أهمية مواصلة الجهود المشتركة لاستكشاف المزيد من فرص التعاون الاقتصادي في القطاعات ذات الأولوية على المستويين الحكومي والخاص، وتوفير سبل الدعم كافة للمصدرين والمستوردين في أسواق البلدين، بما يسهم في تسهيل وزيادة تبادل السلع والخدمات وتنويعها، وبحث الفرص الاقتصادية الواعدة وفتح قنوات جديدة للتواصل بين المستثمرين والشركات في الجانبين.
دعم الشركات الناشئة 
تتشارك الإمارات والصين رؤية واضحة لتوفير برامج جديدة لدعم الشركات الناشئة في أسواق البلدين بقطاعات التكنولوجيا المالية والرعاية الصحية والحلول المتقدمة والتقنيات المبتكرة، إضافة إلى تشجيع أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة ورواد الأعمال على التوسع في قطاعات الاقتصاد الجديد، بما يسهم في زيادة نسبة مساهمة قطاع المشاريع والمتوسطة في الناتج المحلي للبلدين.
القطاعات المستدامة
تعمل الإمارات والصين على تعزيز العمل المشترك في القطاعات المستدامة، لا سيما قطاعي الطاقة النظيفة وحلول النقل الذكي مع إمكانية إقامة مشاريع مشتركة، واستكشاف فرص التعاون في هذين القطاعين الحيويين، خلال المرحلة المقبلة، إلى جانب تبادل الخبرات والمعرفة في مجالات الاقتصاد الدائري والاقتصاد الأخضر وإعادة تدوير النفايات.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©