شريف عادل (واشنطن)
تحت لهيب مناخ استثماري حار، يحاصر المستثمرين من ناحية بمعدلات فائدة منخفضة، تكاد تقترب من الصفر في العديد من الأدوات المتاحة، ومن الناحية الأخرى بعدم وضوح الرؤية بالنسبة لأسعار الأسهم المستقبلية، بعد أطول فترة انتعاش للاقتصاد الأميركي، وتزايد المخاوف من حدوث ركود، اتجه المزيد من الأفراد والمؤسسات نحو شراء عقود خيارات الأسهم Stock Options Contracts، التي تسمح لهم بالتربح، حتى في حالات تباطؤ الاقتصاد، أو انخفاض أسعار الأسهم والسندات.
وفي عامٍ انخفض فيه معدل العائد على أذون الخزانة الأميركية، وعلى سندات الخزانة الأميركية لكل المدد الأقل من 30 سنة، تحت 2% في أغلب فتراته، وارتفعت فيه مؤشرات اس آند بي 500، وداو جونز الصناعي، وناسداك إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق، ارتفعت قيمة الأصول المدارة لدى الصناديق التي تستخدم عقود الخيارات بنسبة 24%، خلال الشهور الثمانية الأولى من العام الحالي، لتصل إلى ما قيمته 22 مليار دولار، بنهاية أغسطس الماضي.
وتسمح عقود الخيار بالمراهنة على ارتفاع سعر السهم أو انخفاضه، وأيضاً على ارتفاع معدلات العائد أو انخفاضها، وتتفاوت في درجات المخاطرة، وتساعد على تحقيق دخل إضافي، في بعض الحالات. وفي حالة شرائها مع محفظة أسهم أو سندات، فإنها توفر الحماية للمستثمر، ضد انخفاض أسعار ما في حوزته من أصول مالية.
وفي السنوات الأخيرة، عملت العديد من المؤسسات المالية على «تفصيل» منتجات جديدة، أُطلق عليها اسم «منتجات مركبة Structured Products»، تدخل في تركيبتها عملية بيع لعقود الخيارات، وهو ما يسمح بالحصول على دخل إضافي، ليرتفع العائد الحقيقي الذي يحصل عليه المستثمر. وفي نفس الاتجاه، ارتفعت بصورة كبيرة نسبة الشركات التي تمنح موظفيها مكافآت في صورة عقود خيارات على أسهم الشركة التي يعملون بها، تسمح لهم بمضاعفة مكافآتهم في حالة ارتفاع أسعار تلك الأسهم، الأمر الذي يمثل حافزاً لهم لمضاعفة جهودهم من أجل زيادة أرباح الشركة، ودفع سعر أسهمها للارتفاع.
وعلى نحوٍ متصل، ورغم تسجيله ارتفاعا متواضعا خلال الربع الثالث المنتهي، أول أمس، لم يتجاوز 1.2%، وصلت أرباح مؤشر اس آند بي 500 للأسهم الأميركية خلال الشهور التسعة التي مضت من العام الحالي إلى 19%، في أفضل أداء لتلك الفترة منذ 22 عاماً، وأطول فترة ارتفاع للمؤشر تم تسجيلها منذ إطلاقه قبل أكثر من ستة عقود. وتعكس الارتفاعات القياسية للأسهم الأميركية، والتي تتزامن مع ارتفاعات قياسية في أسعار السندات الحكومية الأكثر أماناً، وفي أسعار العديد من السلع الاستراتيجية حول العالم، حالة عدم التيقن التي تسيطر على المستثمرين، بفعل تباطؤ اقتصادات العالم المتقدمة، وتصاعد النزاعات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، وأيضاً مسار معدلات الفائدة الأميركية خلال الفترة القادمة.