حسونة الطيب (أبوظبي)
خصصت الصين استثمارات تزيد عن 20 مليار دولار، في سعيها وراء الاستحواذ على أكبر عدد من الموانئ التجارية وخطوط الأنابيب حول العالم.. وتقود هذه الموجة على صعيد الموانئ التجارية، مجموعة من الشركات الحكومية، بما فيها الشركة الصينية للاتصالات والإنشاءات، الأكبر في مبادرة الحزام والطريق، بجانب كوسكو، ثالث أكبر شركة شحن في العالم لنقل الحاويات، والتي تملك استثمارات في 61 ميناء حول العالم، وفقاً لصحيفة «ذا إيكونوميست».
وتعمل شركة تشاينا ميرشانتس، التي تم إنشاؤها في 1872 لمنافسة خطوط النقل الأوروبية، على إدارة 36 ميناء منتشرة في 18 بلداً حول العالم، ومن بين خطط الصين، مفهوم الميناء المدينة، حيث ترجح نمو الميناء في هيئة مناطق صناعية ومدينة تتميز بالنمو، على نمط ميناء كوانتان الماليزي وجوادار الباكستاني.
وفي كلا الميناءين، قامت الصين ببناء مناطق صناعية بنية تحويلها لمرافق لخدمة الموانئ. وبالقرب من ميناء الحاويات في العاصمة السريلانكية كولومبو، الذي تديره شركة تشاينا ميرشانتس، فازت الشركة الصينية للاتصالات والإنشاءات، بعطاء لقطعة أرض بمساحة 269 هكتاراً من البحر لتوسعة المنطقة التجارية.
ومن بين الخطط الأخرى، تحويل الموانئ الرئيسية لمراكز إقليمية، تقوم عندها السفن الكبيرة بتفريغ شحناتها، ليتم تحميلها على أخرى أصغر حجماً لخدمة الموانئ الأخرى، مثل ميناء كولومبو، واحد من بين أكثر الموانئ نشاطاً في العالم وأكثرها تحقيقاً للأرباح.
ومن أكثر قصص الصين نجاحاً، مشاركة كوسكو في ميناء بيرايوس اليوناني، الميناء القديم في مدينة أثينا. وصادف قدوم الصين، عندما ضربت أزمة 2008 المالية أطنابها في اليونان، حيث حصلت شركة كوسكو، على عقدي إيجار طويل الأجل لمحطتين في ميناء الحاويات، مع وعود ببناء محطة ثالثة. وفي عام 2016، آلت السيطرة الكاملة على الميناء للشركة، بعد الحاجة للمال للحصول على مساعدة مالية ثالثة من الاتحاد الأوروبي. واستثمرت كوسكو، 5 مليارات دولار، مقابل تقديم كل ما يلزم، من إصلاح السفن، إلى تحويل المستودعات لفنادق لاستقبال السياح.
وتحت إدارة كوسكو، ارتفع حجم الحاويات بأكثر من 700%، حيث من المتوقع تفوق بيرايوس، على ميناء فالينسيا في إسبانيا، الأكبر على البحر الأبيض المتوسط وسابع أكبر ميناء في أوروبا، ولم تتوقف الصين عند ذلك في سريلانكا، حيث وضعت شركة تشاينا ميرشانتس، يدها على ميناء هامبانتوتا في 2010 بموجب عقد لمدة 99 عاماً.
وببناء ميناء كياوكبيو في ولاية راخين في ماينمار، تمكنت الصين من الحصول على معبر لربط الأجزاء الجنوبية الغربية المغلقة، بالمحيط الهندي. وتقدم ميانمار للصين، معبراً حيوياً للطاقة من كياوكبيو إلى كنمينج عاصمة محافظة يونان، في أقصى الجنوب الغربي من الصين، عبر خط أنابيب بسعة 12 مليار متر مكعب من الغاز سنوياً من حقول خليج البنغال.
ولم تقتصر الأبعاد الاستراتيجية لمبادرة طريق الحرير، على الموانئ فحسب، حيث دخلت شركات الهندسة الصينية، في حوار مع الحكومة التايلندية، بغرض إنشاء قناة كرا بطول 100 كلم تربط بين خليج تايلاند وبحر أندامان. ويرى المؤيدون للمشروع، أن السفن القادمة من بحر العرب صوب منطقة الشرق الأقصى، توفر مسافة قدرها 1.2 ألف كلم، بجانب دعم الاقتصاد التايلندي بنسبة كبيرة.