الفارق كبير بين أن تجد حلاً لمشكلة، وبين أن تحل محل المشكلة، وأحسب أن أخطر ما حدث في سوريا، هو أن الحلول العسكرية والسياسية التي شهدتها القضية السورية، تحولت إلى ما يشبه مبادئ الحلول الفيزيائية أو الحقوقية أو الصوفية، وهكذا أصبحت الحلول هي المشكلة وهي القضية الكبرى التي يعاني منها السوريون اليوم.
وعلى الصعيد العسكري تدخل «حزب الله» وإيران وروسيا لإيجاد حل عسكري يحسم الصراع لصالح النظام، لكن هذا الحل تحول إلى حلول دائم، وباتت السيادة السورية مهددة بتصاعد نفوذ هذا الحلول، وأكاد أجزم أن النظام يعاني من سطوة هذا الحلول أكثر مما يعاني الشعب، لأنه أدخل الدب إلى كرْمه، ولم يعد من السهل إخراجه، وكان الأمر كذلك في تداعيات اقتراح عسكرة التظاهرات، فقد أعطت النظام ذريعة التوجه إلى الحل الأمني لتُظهر الثائرين متمردين يحملون السلاح ضد النظام الشرعي، وكذلك تم إطلاق سراح المتطرفين المعتقلين ليقوموا بتصدر مشهد الثورة، وليخطفوا شعارات الديمقراطية والحرية ويحولوها إلى شعارات دينية من ذات الطينة، التي صنع منها «حزب الله» شعاراته، لكن الحل العسكري (على مبدأ الحلول)، صار هو المشكلة الكبرى، لقد انفرط العقد الاجتماعي بين السوريين جميعاً، رغم نجاح فكرة حلول الإرهاب محل الثورة، إلا أن الإرهاب بات قضية جادة تهدد الجميع، كما أن التطرف الفكري والمذهبي الذي لقي دعماً بهدف حرف الأنظار عن أفكار الحرية وبناء الدولة الديمقراطية بات أكثر خطراً على النظام من إعلان القبول بالديموقراطية، ولو أنه أعلن القبول لوقف الشعب كله ضد التنظيمات المتطرفة فكرياً.
كذلك تحول الحل السياسي إلى مشكلة حين حلّ الحديث عنه محل إنجازه، وبات ملهاة لتضييع الوقت، ولو أن النظام قبل به، وكان دعاته جادين لانتهت القضية مع انعقاد جنيف1 في عام 2012، ولتم اختصار سلسلة من الفواجع الكبرى التي حلت بالسوريين على مختلف شرائحهم.
لقد أصبح المطلب الشعبي اليوم هو إنهاء سلسلة الاحتلالات التي تعرضت لها سوريا، وأحسب أن المعارضين والمؤيدين عامة يتفقون على ثوابت لاخلاف حولها، وهي تحرير سوريا من كل أنواع الاحتلال، وإجلاء كل القوى الأجنبية عن سوريا، واستعادة السيادة الوطنية على كامل التراب الوطني، وبناء دولة حديثة غير طائفية تقوم على العدالة والحرية والحفاظ على كرامة المواطن، وهذه الثوابت التي أفترض أن الجميع يؤيدونها قادرة على أن تكون نواة الحل السهل حين تتوفر إرادة الوصول إليه بدل وهم الوصول إلى نصر مرحلي زائف.
لقد تم القفز عن أهم بند في قرارات مجلس الأمن، وهو تشكيل هيئة حكم تقوم بتشكيل حكومة وطنية عبر التشاركية التي حددها القرار الدولي، وهي المعنية بوضع دستور وإجراء انتخابات، وصمت مجلس الأمن عن هذا القفز إلى تشكيل لجنة دستورية، لكن الاجتماعات الأولى لهذه اللجنة أوضحت استحالة الوصول عبرها إلى حل، وصارت اللجنة تحتاج إلى حل، والحل هو تنفيذ القرار 2254 بتراتبيته، ودون ذلك لن يعود أحد من النازحين أو اللاجئين، ولن تبدأ مرحلة إعادة الإعمار، ولن يعود الأمن والاستقرار، وبالمناسبة يكثر الحديث اليوم عن خطر قانون (سيزر- قيصر) وعن تداعياته الاقتصادية على السوريين، وعن احتمال تصاعد العزلة الدولية للنظام، ويبدو احتمال تسارع انهيار الليرة السورية منذراً بكوارث اجتماعية تجعل الفقر أشد وطأة من القصف الذي لم يتوقف لحظة واحدة، مع أن النظام يستطيع ببساطة أن يتجنب كل هذه الأخطار بمجرد إعلانه القبول بتنفيذ قرار مجلس الأمن والبدء بتشكيل هيئة حكم، وعلى الفور سترتفع قيمة الليرة السورية، وسينزع الصاعق من قنبلة «سيزر».
*وزير الثقافة السوري السابق
وعلى الصعيد العسكري تدخل «حزب الله» وإيران وروسيا لإيجاد حل عسكري يحسم الصراع لصالح النظام، لكن هذا الحل تحول إلى حلول دائم، وباتت السيادة السورية مهددة بتصاعد نفوذ هذا الحلول، وأكاد أجزم أن النظام يعاني من سطوة هذا الحلول أكثر مما يعاني الشعب، لأنه أدخل الدب إلى كرْمه، ولم يعد من السهل إخراجه، وكان الأمر كذلك في تداعيات اقتراح عسكرة التظاهرات، فقد أعطت النظام ذريعة التوجه إلى الحل الأمني لتُظهر الثائرين متمردين يحملون السلاح ضد النظام الشرعي، وكذلك تم إطلاق سراح المتطرفين المعتقلين ليقوموا بتصدر مشهد الثورة، وليخطفوا شعارات الديمقراطية والحرية ويحولوها إلى شعارات دينية من ذات الطينة، التي صنع منها «حزب الله» شعاراته، لكن الحل العسكري (على مبدأ الحلول)، صار هو المشكلة الكبرى، لقد انفرط العقد الاجتماعي بين السوريين جميعاً، رغم نجاح فكرة حلول الإرهاب محل الثورة، إلا أن الإرهاب بات قضية جادة تهدد الجميع، كما أن التطرف الفكري والمذهبي الذي لقي دعماً بهدف حرف الأنظار عن أفكار الحرية وبناء الدولة الديمقراطية بات أكثر خطراً على النظام من إعلان القبول بالديموقراطية، ولو أنه أعلن القبول لوقف الشعب كله ضد التنظيمات المتطرفة فكرياً.
كذلك تحول الحل السياسي إلى مشكلة حين حلّ الحديث عنه محل إنجازه، وبات ملهاة لتضييع الوقت، ولو أن النظام قبل به، وكان دعاته جادين لانتهت القضية مع انعقاد جنيف1 في عام 2012، ولتم اختصار سلسلة من الفواجع الكبرى التي حلت بالسوريين على مختلف شرائحهم.
لقد أصبح المطلب الشعبي اليوم هو إنهاء سلسلة الاحتلالات التي تعرضت لها سوريا، وأحسب أن المعارضين والمؤيدين عامة يتفقون على ثوابت لاخلاف حولها، وهي تحرير سوريا من كل أنواع الاحتلال، وإجلاء كل القوى الأجنبية عن سوريا، واستعادة السيادة الوطنية على كامل التراب الوطني، وبناء دولة حديثة غير طائفية تقوم على العدالة والحرية والحفاظ على كرامة المواطن، وهذه الثوابت التي أفترض أن الجميع يؤيدونها قادرة على أن تكون نواة الحل السهل حين تتوفر إرادة الوصول إليه بدل وهم الوصول إلى نصر مرحلي زائف.
لقد تم القفز عن أهم بند في قرارات مجلس الأمن، وهو تشكيل هيئة حكم تقوم بتشكيل حكومة وطنية عبر التشاركية التي حددها القرار الدولي، وهي المعنية بوضع دستور وإجراء انتخابات، وصمت مجلس الأمن عن هذا القفز إلى تشكيل لجنة دستورية، لكن الاجتماعات الأولى لهذه اللجنة أوضحت استحالة الوصول عبرها إلى حل، وصارت اللجنة تحتاج إلى حل، والحل هو تنفيذ القرار 2254 بتراتبيته، ودون ذلك لن يعود أحد من النازحين أو اللاجئين، ولن تبدأ مرحلة إعادة الإعمار، ولن يعود الأمن والاستقرار، وبالمناسبة يكثر الحديث اليوم عن خطر قانون (سيزر- قيصر) وعن تداعياته الاقتصادية على السوريين، وعن احتمال تصاعد العزلة الدولية للنظام، ويبدو احتمال تسارع انهيار الليرة السورية منذراً بكوارث اجتماعية تجعل الفقر أشد وطأة من القصف الذي لم يتوقف لحظة واحدة، مع أن النظام يستطيع ببساطة أن يتجنب كل هذه الأخطار بمجرد إعلانه القبول بتنفيذ قرار مجلس الأمن والبدء بتشكيل هيئة حكم، وعلى الفور سترتفع قيمة الليرة السورية، وسينزع الصاعق من قنبلة «سيزر».
*وزير الثقافة السوري السابق