على عتبات الانتخابات الرئاسية الأميركية للعام 2020 يجد المتابع للشأن الأميركي نفسه أمام العديد من التساؤلات التي تستدعي بحثاً معمقاً في وقت سريع، وذلك قبل أن تبدأ المراحل الأولى من هذه الانتخابات في فبراير المقبل.
قبل نحو أسبوعين، صدرت مجلة «التايم» الأميركية الشهيرة وفيها ملف كامل عن استعدادات الأميركيين لهذه الانتخابات والتي تقول «التايم» إنها تسبب ضغطاً عصبياً كبيراً على عموم الأميركيين، ومرد ذلك أن سنوات إدارة الرئيس ترامب الثلاث المنقضية كانت مليئة بالحراك الاجتماعي والنقاش الجاد حول الكثير من القضايا الملحة مثل الرعاية الصحية وحيازة الأسلحة وتنامي تيار اليمين الديني الأصولي مرة جديدة وغيرها. السؤال الأول الذي يتردد على الألسنة داخل أميركا وخارجها: ما هي حظوظ الرئيس ترامب في البقاء لأربع سنوات أخرى في البيت الأبيض، أي الفوز بولاية ثانية؟
هناك في واقع الحال من يقطع بأن فوز ترامب شبه مؤكد لأسباب تتصل به من ناحية، وبالحزب «الديمقراطي» من جهة أخرى.
وحول ما يخص ترامب، فإن الرجل قد نجح بدرجة كبيرة في تحقيق الكثير من وعوده الاقتصادية، وها هي أميركا تبلغ أفضل معدل تشغيل من خمسين عاماً، حيث هبطت البطالة، كما أن الأسعار باتت تحت السيطرة، والقدرة الشرائية للمواطن الأميركي ارتفعت، كما استطاع ترامب السيطرة على أسعار المحروقات في بلد تعرف بـ «الموموترة»، أي التي تعتمد على المحركات للتشغيل، وبلغ جالون الغاز دولارين ونصف دولار، ما عاد بالأسعار إلى أوان بيل كلينتون وفترات الرواج الاقتصادي في البلاد.
على صعيد خارجي، يمكن القطع بأن ترامب أعاد من جديد الكثير من الهيبة والوقار لأميركا، حتى وإن اختلف معه الكثيرون حول إدارة شؤون السياسة الخارجية، فعلى الأقل تجاوز الفترة القاتمة لباراك أوباما، والتي فضل فيها فكرة القيادة من وراء الكواليس، الأمر الذي أدى إلى مزيد من انتشار الصين وروسيا وتوسع نفوذهما في العالم.
لكن هناك نقاط ضعف يراها البعض كذلك يمكن أن تغير الأوضاع وتبدل الطباع خلال العام المتبقي قبل نوفمبر 2020 وفي المقدمة منها حدوث ركود اقتصادي، وهذه نقطة خطيرة على أي مرشح فلو حدث وتعرضت أميركا كما هو متوقع لركود من جراء أسباب كثيرة في مقدمها الديون الكبيرة التي تثقل كاهلها، فإن هذا سيسحب من تحت أرجل ترامب كثيراً من نجاحاته الاقتصادية.
عطفاً على ذلك، فإن التحقيقات الجارية في مجلس النواب وسعي «الديمقراطيين» لعزل ترامب، وإنْ لم تتمكن بالفعل من الوصول إلى مرادها، إلا أنها كفيلة بإحداث شرخ في صفوف «الجمهوريين» ناحية ترشح ترامب من جديد.
هناك ملفات ساخنة قد تنفجر في أي لحظة، وتفقد ترامب الكثير من الزخم والنجاح الذي تمتع به كما الحال مع الملف الإيراني، والذي لم يحقق فيه ترامب أي انتصارات جذرية حتى الساعة، ناهيك عن ملف كوريا الشمالية والذي لم تنجز بشأنه اتفاقية ترفع من على كاهل أميركا عبء المخاوف من مواجهة نظام يراه الأميركيون غير ديمقراطي بالمرة.
لكن أحوال «الديمقراطيين» ربما تعطي ترامب رغم كل تلك المثالب فرصة ذهبية للبقاء في البيت الأبيض من جديد، فلا يوجد جواد رابح بين «الديمقراطيين» حتى الساعة قادر على أن يواجه ترامب، والمعروف عادة في الانتخابات الرئاسية الأميركية أن الرئيس في مقعده له الحظ الكبير في الفوز بولاية ثانية.
والشاهد أن حالة من الخفوت تجتاح كافة الأسماء المرشحة من الجانب «الديمقراطي»، وإن كان رهان الحزب على نائب الرئيس «الديمقراطي» السابق جوزيف بايدن، فإن عامل السن، وأزمة أوكرانيا، وتاريخ شخصي به الكثير من السقطات، جميعها لا تجعل منه الفارس الذي يراهن عليه «الديمقراطيون».
على أن المفاجأة في هذا السياق، هو أن هناك أحاديث عن احتمالات لعودة هيلاري كلينتون مرة جديدة لمنافسة ترامب، ومؤخراً في حوار لها مع هيئة الإذاعة البريطانية، قالت إنها تفكر في الأمر والوقوف في وجه المرشح «الجمهوري» دونالد ترامب والإطاحة به.
أسئلة عديدة تدور حول القوى الفاعلة والمؤثرة في انتخابات 2020 والمثير أننا نرى عودة جديدة لليمين المسيحي المتطرف، وهناك من يذهب إلى أن قرار الإدارة الأميركية الأخير الخاص بإسباغ الشرعية على المستوطنات الإسرائيلية، هو نوع من مغازلة هذا التيار الفاعل والقوي، والذي يتجاوز أنصاره المائة وخمسين مليون شخص في داخل البلاد، وهذه قصة قائمة بذاتها.
عطفاً على ذلك، فإن وسائط الاتصال الاجتماعي غالباً ستكون الأداة المحددة والموجهة لدفة التصويت، ويقال إن الرئيس الأميركي القادم سوف يأتي به «الفيسبوك». إنها أميركا التي يأتيك منها كل عجيب وغريب والحديث ممتد.
*كاتب مصري
قبل نحو أسبوعين، صدرت مجلة «التايم» الأميركية الشهيرة وفيها ملف كامل عن استعدادات الأميركيين لهذه الانتخابات والتي تقول «التايم» إنها تسبب ضغطاً عصبياً كبيراً على عموم الأميركيين، ومرد ذلك أن سنوات إدارة الرئيس ترامب الثلاث المنقضية كانت مليئة بالحراك الاجتماعي والنقاش الجاد حول الكثير من القضايا الملحة مثل الرعاية الصحية وحيازة الأسلحة وتنامي تيار اليمين الديني الأصولي مرة جديدة وغيرها. السؤال الأول الذي يتردد على الألسنة داخل أميركا وخارجها: ما هي حظوظ الرئيس ترامب في البقاء لأربع سنوات أخرى في البيت الأبيض، أي الفوز بولاية ثانية؟
هناك في واقع الحال من يقطع بأن فوز ترامب شبه مؤكد لأسباب تتصل به من ناحية، وبالحزب «الديمقراطي» من جهة أخرى.
وحول ما يخص ترامب، فإن الرجل قد نجح بدرجة كبيرة في تحقيق الكثير من وعوده الاقتصادية، وها هي أميركا تبلغ أفضل معدل تشغيل من خمسين عاماً، حيث هبطت البطالة، كما أن الأسعار باتت تحت السيطرة، والقدرة الشرائية للمواطن الأميركي ارتفعت، كما استطاع ترامب السيطرة على أسعار المحروقات في بلد تعرف بـ «الموموترة»، أي التي تعتمد على المحركات للتشغيل، وبلغ جالون الغاز دولارين ونصف دولار، ما عاد بالأسعار إلى أوان بيل كلينتون وفترات الرواج الاقتصادي في البلاد.
على صعيد خارجي، يمكن القطع بأن ترامب أعاد من جديد الكثير من الهيبة والوقار لأميركا، حتى وإن اختلف معه الكثيرون حول إدارة شؤون السياسة الخارجية، فعلى الأقل تجاوز الفترة القاتمة لباراك أوباما، والتي فضل فيها فكرة القيادة من وراء الكواليس، الأمر الذي أدى إلى مزيد من انتشار الصين وروسيا وتوسع نفوذهما في العالم.
لكن هناك نقاط ضعف يراها البعض كذلك يمكن أن تغير الأوضاع وتبدل الطباع خلال العام المتبقي قبل نوفمبر 2020 وفي المقدمة منها حدوث ركود اقتصادي، وهذه نقطة خطيرة على أي مرشح فلو حدث وتعرضت أميركا كما هو متوقع لركود من جراء أسباب كثيرة في مقدمها الديون الكبيرة التي تثقل كاهلها، فإن هذا سيسحب من تحت أرجل ترامب كثيراً من نجاحاته الاقتصادية.
عطفاً على ذلك، فإن التحقيقات الجارية في مجلس النواب وسعي «الديمقراطيين» لعزل ترامب، وإنْ لم تتمكن بالفعل من الوصول إلى مرادها، إلا أنها كفيلة بإحداث شرخ في صفوف «الجمهوريين» ناحية ترشح ترامب من جديد.
هناك ملفات ساخنة قد تنفجر في أي لحظة، وتفقد ترامب الكثير من الزخم والنجاح الذي تمتع به كما الحال مع الملف الإيراني، والذي لم يحقق فيه ترامب أي انتصارات جذرية حتى الساعة، ناهيك عن ملف كوريا الشمالية والذي لم تنجز بشأنه اتفاقية ترفع من على كاهل أميركا عبء المخاوف من مواجهة نظام يراه الأميركيون غير ديمقراطي بالمرة.
لكن أحوال «الديمقراطيين» ربما تعطي ترامب رغم كل تلك المثالب فرصة ذهبية للبقاء في البيت الأبيض من جديد، فلا يوجد جواد رابح بين «الديمقراطيين» حتى الساعة قادر على أن يواجه ترامب، والمعروف عادة في الانتخابات الرئاسية الأميركية أن الرئيس في مقعده له الحظ الكبير في الفوز بولاية ثانية.
والشاهد أن حالة من الخفوت تجتاح كافة الأسماء المرشحة من الجانب «الديمقراطي»، وإن كان رهان الحزب على نائب الرئيس «الديمقراطي» السابق جوزيف بايدن، فإن عامل السن، وأزمة أوكرانيا، وتاريخ شخصي به الكثير من السقطات، جميعها لا تجعل منه الفارس الذي يراهن عليه «الديمقراطيون».
على أن المفاجأة في هذا السياق، هو أن هناك أحاديث عن احتمالات لعودة هيلاري كلينتون مرة جديدة لمنافسة ترامب، ومؤخراً في حوار لها مع هيئة الإذاعة البريطانية، قالت إنها تفكر في الأمر والوقوف في وجه المرشح «الجمهوري» دونالد ترامب والإطاحة به.
أسئلة عديدة تدور حول القوى الفاعلة والمؤثرة في انتخابات 2020 والمثير أننا نرى عودة جديدة لليمين المسيحي المتطرف، وهناك من يذهب إلى أن قرار الإدارة الأميركية الأخير الخاص بإسباغ الشرعية على المستوطنات الإسرائيلية، هو نوع من مغازلة هذا التيار الفاعل والقوي، والذي يتجاوز أنصاره المائة وخمسين مليون شخص في داخل البلاد، وهذه قصة قائمة بذاتها.
عطفاً على ذلك، فإن وسائط الاتصال الاجتماعي غالباً ستكون الأداة المحددة والموجهة لدفة التصويت، ويقال إن الرئيس الأميركي القادم سوف يأتي به «الفيسبوك». إنها أميركا التي يأتيك منها كل عجيب وغريب والحديث ممتد.
*كاتب مصري