الاقتراب الروسي من أفريقيا ليس جديداً، لكنه يأخذ مساراً جديداً. وهكذا الأمم والامبراطوريات ذات التاريخ، أو الصانعة للتاريخ... وهذا هو ما حدث مع الروس، وما يسمونه بـ«التمرحل»، نتيجة الخبرة الطويلة والقوة القادرة على إدارة العلاقات في أزمنة مختلفة. ما الذي يعنيه الاقتراب الجديد من أفريقيا؟ إنه كسر احتكار الدول الكبرى للقوة الدولية، أي التصدي للاستقطاب. اللحاق بالمكانة في الساحة الأفريقية التي تنافست فيها مختلف القوى الكبرى فترة الاستعمار. التطلع للاستفادة من دور مصر، أو مكانتها في القارة وخاصة في أعلى مراحلها من أول الستينات. القفزة المؤخرة تختلف كثيراً، لأن إمكانياتها أعرض، والروس في وضع أقوى، والتحالفات، تتنوع بين المجموعات الإقليمية الصغيرة في شرق القارة الأفريقية ووسطها، فضلاً عن التحالفات الآسيوية.
فما الذي يساعد على التقدم في هذه القفزة؟ هل ما زالت الأيديولوجيا التاريخية، من دين الكنيسة والامبراطورية التاريخية إلى مدارس الماركسية اللينينية؟ أم تُراه التنافس السابق مع الصين على أساس أيديولوجي أيضاً منطلقاً من معسكر واحد؟ أم تُراه الانفتاح بتجارة واسعة بلغت أكثر من 40 مليار دولار، وساعدت على إنشاء «المنتدى الاقتصادي الأفريقي الروسي»، مع إنشاء صندوق بمشاركة مصر (5 مليارات دولار)، وتوقيع عديد من الاتفاقات معها، وعلى رأسها الاتفاقات العسكرية والتجارية.
ثمة مشكلة قد تكون نشأت أو ستنشأ قريبا.. وهي تحالفات روسيا خارج نطاق التحالفات المعروفة لها.. فماذا سيجري مع إيران، وجنوب شرق آسيا، كما مضى السؤال بشأن التحالفات الإقليمية في أفريقيا... والتي تمتد بسبب معتقد مثل Ethiopianism ، ذات الوجود في شرق وجنوب أفريقيا إلى منطقة غرب أفريقيا ، وهى ليست مجرد معتقد ديني ولكنها فكرة «تحرير السود»، وصعود الكنيسة الأفريقية لتحرير «هؤلاء السود» من التمييز العنصري بما سُمي «لاهوت التحرير» واتخذ قاعدته ممتداً عبر كينيا ووسط أفريقيا، ومرتكزة في جنوب أفريقيا بقاعدة صلبة ضد الأبارتهيد خدمها وجود الحزب الشيوعي القوى هناك .
أمام الروس إذن ساحة كبيرة للانطلاقة الجديدة، بعضها مستفيد من التاريخ، وحتى الجغرافيا. فهل ينتبه الأفارقة والعرب خاصة أنهم أمام محاولة عملاق دولي لخلق عولمة بقيادتهم، أو سحب الروح الإقصائية التي حكمت العولمة الغربية قبلا، أو تتيح الفرصة لتحكم الصين والمحاولات المماثلة (في أميركا اللاتينية) من ناحية أخرى؟
سيرحب الروس قطعاً بمساهمة أفريقيا والعرب في بلورة مفهومهم الجديد للعولمة بمساهمات واعية من تلك الأطراف الأخرى التي تعِد بذلك.
وللمستقبل أذرع أيضاً: لابد أن يساهم الأفارقة والعرب مساهمة جادة بالتفكير في أنهم سيدخلون العالم الجديد ليحققوا إنجازاً عالمياً بدورهم بما يتوفر لديهم من إمكانات علمية ومادية على أسس خلاقة يذكر الباحثون منها:
طرح مفهوم إنساني للعولمة الجديدة، التعاون مع الروس في تفعيل عالم التقنية بالإمكانيات العلمية والمالية الإفريقية العربية، مع تحقيق توازن سياسي واجتماعي حقيقي في عصر تتنافس فيه «قوى الغرب والشرق» بما يكاد يقترب من شكله القديم...
وهناك خبرات روسية يتوجب على القوى الجديدة الاستفادة منها مثل خبرتهم السابقة في مواجهة الإرهاب وسط آسيا، على ألا يتحول ذلك إلى مجرد تجارة في السلاح، أو اختراقات للأقاليم الصاعدة في الخليج...
وقد كان ثمة مساهمات تاريخية ناجحة في الستينيات وما بعدها، مثل التعاون العربي الأفريقي، وتحقيق بعض أبعاد ما سُمي «بالتنمية المستدامة» والاستفادة من التطور الصناعي والتقني وتبادلهما. لأن العولمة الجديدة قائمة فعلا على شكل جديد للعالم، سيعتمد على تبادل الكفاءات والمعارف كل بقدر اجتهاده، وأظن أن كتلة أفريقيا والعرب قادرة على الاجتهاد والإضافة.
*مدير مركز البحوث العربية والأفريقية- القاهرة
فما الذي يساعد على التقدم في هذه القفزة؟ هل ما زالت الأيديولوجيا التاريخية، من دين الكنيسة والامبراطورية التاريخية إلى مدارس الماركسية اللينينية؟ أم تُراه التنافس السابق مع الصين على أساس أيديولوجي أيضاً منطلقاً من معسكر واحد؟ أم تُراه الانفتاح بتجارة واسعة بلغت أكثر من 40 مليار دولار، وساعدت على إنشاء «المنتدى الاقتصادي الأفريقي الروسي»، مع إنشاء صندوق بمشاركة مصر (5 مليارات دولار)، وتوقيع عديد من الاتفاقات معها، وعلى رأسها الاتفاقات العسكرية والتجارية.
ثمة مشكلة قد تكون نشأت أو ستنشأ قريبا.. وهي تحالفات روسيا خارج نطاق التحالفات المعروفة لها.. فماذا سيجري مع إيران، وجنوب شرق آسيا، كما مضى السؤال بشأن التحالفات الإقليمية في أفريقيا... والتي تمتد بسبب معتقد مثل Ethiopianism ، ذات الوجود في شرق وجنوب أفريقيا إلى منطقة غرب أفريقيا ، وهى ليست مجرد معتقد ديني ولكنها فكرة «تحرير السود»، وصعود الكنيسة الأفريقية لتحرير «هؤلاء السود» من التمييز العنصري بما سُمي «لاهوت التحرير» واتخذ قاعدته ممتداً عبر كينيا ووسط أفريقيا، ومرتكزة في جنوب أفريقيا بقاعدة صلبة ضد الأبارتهيد خدمها وجود الحزب الشيوعي القوى هناك .
أمام الروس إذن ساحة كبيرة للانطلاقة الجديدة، بعضها مستفيد من التاريخ، وحتى الجغرافيا. فهل ينتبه الأفارقة والعرب خاصة أنهم أمام محاولة عملاق دولي لخلق عولمة بقيادتهم، أو سحب الروح الإقصائية التي حكمت العولمة الغربية قبلا، أو تتيح الفرصة لتحكم الصين والمحاولات المماثلة (في أميركا اللاتينية) من ناحية أخرى؟
سيرحب الروس قطعاً بمساهمة أفريقيا والعرب في بلورة مفهومهم الجديد للعولمة بمساهمات واعية من تلك الأطراف الأخرى التي تعِد بذلك.
وللمستقبل أذرع أيضاً: لابد أن يساهم الأفارقة والعرب مساهمة جادة بالتفكير في أنهم سيدخلون العالم الجديد ليحققوا إنجازاً عالمياً بدورهم بما يتوفر لديهم من إمكانات علمية ومادية على أسس خلاقة يذكر الباحثون منها:
طرح مفهوم إنساني للعولمة الجديدة، التعاون مع الروس في تفعيل عالم التقنية بالإمكانيات العلمية والمالية الإفريقية العربية، مع تحقيق توازن سياسي واجتماعي حقيقي في عصر تتنافس فيه «قوى الغرب والشرق» بما يكاد يقترب من شكله القديم...
وهناك خبرات روسية يتوجب على القوى الجديدة الاستفادة منها مثل خبرتهم السابقة في مواجهة الإرهاب وسط آسيا، على ألا يتحول ذلك إلى مجرد تجارة في السلاح، أو اختراقات للأقاليم الصاعدة في الخليج...
وقد كان ثمة مساهمات تاريخية ناجحة في الستينيات وما بعدها، مثل التعاون العربي الأفريقي، وتحقيق بعض أبعاد ما سُمي «بالتنمية المستدامة» والاستفادة من التطور الصناعي والتقني وتبادلهما. لأن العولمة الجديدة قائمة فعلا على شكل جديد للعالم، سيعتمد على تبادل الكفاءات والمعارف كل بقدر اجتهاده، وأظن أن كتلة أفريقيا والعرب قادرة على الاجتهاد والإضافة.
*مدير مركز البحوث العربية والأفريقية- القاهرة