ظل «ميخايلو دينيسينكو»- الملقب حالياً باسم البطريرك «فيلاريت»، قداسة بطريرك كييف وسائر أوكرانيا وروسيا- لما يقرب من ثلاثة عقود يخوض معركة لتوحيد أرثوذكس أوكرانيا البالغ عددهم 25 مليوناً تحت لواء كنيسة أوكرانية واحدة تقف إلى جانب دولة أوكرانيا المستقلة. وكانت العقبة الرئيسة أمامه هي الكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية التابعة لبطريركية موسكو التي تستحوذ على نصيب الأسد من الأرثوذكس المنقسمين في أوكرانيا. وأقصى ما بلغته الكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية لبطريركية كييف برئاسة «فيلاريت» هو أن أصبح ثلث المسيحيين الأوكرانيين تقريباً يتبعون كنيسته الآن. ومن شبه المؤكد أن الوقت والحراك التاريخي ساعدا البطريرك «فيلاريت» في توحيد الأرثوذكس.
لكن كل هذا انقلب رأساً على عقب، العام الماضي، حين دخل الصراع بين البطريركية التي تميل لموسكو والأخرى المتحيزة لكييف في حلبة السياسة الرئاسية في أوكرانيا. فقد أشرف الرئيس الأوكراني في ذاك الوقت «بيترو بوروشينكو» على إقامة كنيسة أرثوذكسية مستقلة لأوكرانيا أصبحت قانونية بموجب صك صادر عن البطريرك برثولماوس من اسطنبول. لكن السيد بوروشينكو جعل رعايته لكنيسة جديدة في لب حملة إعادة انتخابه التي ركز فيها على الأفكار الوطنية ليجعل شعاره (الجيش! اللغة! الإيمان!).
ويشكو البطريرك «فيلاريت» حاليا من أنه كان مؤهلاً ليجمع الأبرشيات التي ضمها بصعوبة في الكنيسة الجديدة وقبل لقب «البطريرك الشرفي» بل وظهر في فعاليات الحملة الانتخابية لبوروشينكو. لكن الناخبين الأوكرانيين رفضوا «بوروشينكو» بأغلبية كاسحة وانتخبوا «فولوديمير زيلينسكي»، الذي يتحدث الروسية وقلل من غلواء الشعارات الوطنية داعياً فيما يبدو إلى السلام الاجتماعي والمصالحة. وهذا كبح فيما يبدو الزخم لظهور كنيسة أوكرانية موحدة. لكن العزاء تمثل في توقف معركة السيطرة على أبرشية بعد أبرشية التي كان يخوضها بوروشينكو. وكانت الطوائف منقسمة من قبل إلى نصفين بين البقاء على صلاتهم بالكنيسة المنتسبة لموسكو وبين التحول إلى الكنيسية المنتسبة لكييف، لكن خيبة رجاء رؤية البطريرك «فيلاريت» دفعت إلى العودة إلى حال السلام القائم بحكم واقع الحال.
ويرى «فاديم كاراسيوف» مدير معهد الاستراتيجيات العالمية المستقل في كييف أن «بوروشينكو حين خسر، لم تنضم أبرشيات منذئذ إلى الكنيسة الجديدة والأمور هدأت». وفي ثلاث مقابلات صحفية منفصلة على مدار السنوات الخمس الماضية، حدد البطريريك «فيلاريت» أغراضه وعزمه على جمع أرثوذكس البلاد المنقسمين تحت لواء كنيسة واحدة. لكن بعد الحصول على صك من البطريرك برتولماوس الذي يعتبر «الأول وسط أنداد» في الطوائف الدينية الأرثوذكسية المستقلة الأربع عشرة، تم تهميش «فيلاريت» وأصبح غاضباً وشن معركة قانونية ضارية ليستعيد السيطرة على كنيسته.
ويزعم «فيلاريت» أنه تعرض لخديعة من بوروشينكو ومن النائب السابق للبطريرك الشرفي وكبير الأساقفة الجديد للكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية المطران إبيفانيوس. ويقول فيلاريت الآن إنه لم يكن يفهم أن صك اسطنبول سيضع كنيسته الأوكرانية المستقلة تحت سيطرة بطريرك أجنبي حتى لو كان في اسطنبول وليس موسكو. وأكد البطريرك فيلاريت قائلاً «بوروشينكو تدخل في شؤون الكنيسة. وأبرم صفقة كنا نجهلها».
وأضاف «لو كنا نعلم أن الصك (الكنسي) بهذا الشكل لما وافقنا عليه قط. هذا الصك نقل التبعية من جهة لأخرى. لقد خدعني بوروشينكو وإبفانيوس. قبل هذا كانت بطريركية كييف موحدة ومستقلة وقوية. الآن أصبحت مقسمة».
ويشكو البطريرك من أن الوضع الحالي يضع العدد الكبير وصاحب النفوذ من الأوكرانيين في الشتات تحت سيطرة اسطنبول ويقيد قدرة الكنيسة الأوكرانية على التعبير عن ولائها للدولة الأوكرانية. ويؤكد أن قضية توحيد المسيحيين الأوكرانيين تعرضت لانتكاسة كبيرة بسبب تدخل سياسي. ومضى يقول «إذا اتحد الأرثوذكس الأوكرانيون سيصبحون ثاني أكبر طائفة أرثوذكسية في العالم بعد روسيا».
لكن الباحثين في الديانة يجادلون بأن سياسات الكنيسة تتحرك دوما ببطء شديد والكنيسة الأوكرانية الحديثة التي أنشئت بناء على صك من اسطنبول ستستمر وتنمو تدريجياً. وما أن توحد معظم المسيحيين الأوكرانيين تحت سقف واحد وهي عملية قد تستغرق عقوداً أو حتى قروناً فإنها ستمنح حق أن يكون لها بطريركية خاصة بها.
ويرى «يفجيني خاركوفشينكو» الباحث في الأديان في جامعة «تاراس شيفشينكو» في كييف أن «هذا الصك وثيقة قانونية، ما يعني أن الكنيسة الأوكرانية الجديدة مستقلة القيادة حقاً بحسب القوانين الكنسية». ويرى أنه من المستحيل أن نعرف ما تم الاتفاق عليه سراً بين فيلاريت وكبير الأساقفة إيبفانيوس وبوروشينكو، لكن البطريرك فيلاريت كان يجب أن يعرف ما يفعله حين ترك رئاسة بطريركيته وقبل لقب «البطريرك الشرفي». ويتوقع خاركوفشينكو أن حكومة الرئيس زيلينسكي لن تتدخل على الأرجح في شؤون الكنيسة وستدع الأوكرانيين يختارون سلمياً الكنيسية التي يريدون الانتماء إليها. ويؤكد خاركوفشينكو أن «هناك طائفتين أرثوذكسيتين في أوكرانيا ومجالين مختلفين للنفوذ وهما موسكو واسطنبول وكلاهما سيمضي في طريقه. على كل حال، لم يعد هناك أي مكان بين الاثنين لفيلاريت».
وهذا يناسب رؤساء الكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية التابعة لبطريركية موسكو الذين دأبوا على إنكار أي صلة بموسكو بخلاف الانتماء الروحي. ويؤكد الأب نيكولاي دانيالفيتش من الكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية التابعة لبطريركية موسكو أن غزو أبرشيات الكنيسة من خلال أنصار الكنيسة المستقلة الحديثة توقف تقريباً منذ انتخاب زيلينسكي. وأضاف أن معظم الأبرشيات التي تحولت تحت الضغط عادت ثانية إلى الكنيسة المنتسبة لموسكو. ويؤكد الأب نيكولاي «نحن لا نريد ولا نحتاج أي امتيازات. نريد السلطات أن تعامل كل الكنائس بالمساواة على أساس القانون والنظام».
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
لكن كل هذا انقلب رأساً على عقب، العام الماضي، حين دخل الصراع بين البطريركية التي تميل لموسكو والأخرى المتحيزة لكييف في حلبة السياسة الرئاسية في أوكرانيا. فقد أشرف الرئيس الأوكراني في ذاك الوقت «بيترو بوروشينكو» على إقامة كنيسة أرثوذكسية مستقلة لأوكرانيا أصبحت قانونية بموجب صك صادر عن البطريرك برثولماوس من اسطنبول. لكن السيد بوروشينكو جعل رعايته لكنيسة جديدة في لب حملة إعادة انتخابه التي ركز فيها على الأفكار الوطنية ليجعل شعاره (الجيش! اللغة! الإيمان!).
ويشكو البطريرك «فيلاريت» حاليا من أنه كان مؤهلاً ليجمع الأبرشيات التي ضمها بصعوبة في الكنيسة الجديدة وقبل لقب «البطريرك الشرفي» بل وظهر في فعاليات الحملة الانتخابية لبوروشينكو. لكن الناخبين الأوكرانيين رفضوا «بوروشينكو» بأغلبية كاسحة وانتخبوا «فولوديمير زيلينسكي»، الذي يتحدث الروسية وقلل من غلواء الشعارات الوطنية داعياً فيما يبدو إلى السلام الاجتماعي والمصالحة. وهذا كبح فيما يبدو الزخم لظهور كنيسة أوكرانية موحدة. لكن العزاء تمثل في توقف معركة السيطرة على أبرشية بعد أبرشية التي كان يخوضها بوروشينكو. وكانت الطوائف منقسمة من قبل إلى نصفين بين البقاء على صلاتهم بالكنيسة المنتسبة لموسكو وبين التحول إلى الكنيسية المنتسبة لكييف، لكن خيبة رجاء رؤية البطريرك «فيلاريت» دفعت إلى العودة إلى حال السلام القائم بحكم واقع الحال.
ويرى «فاديم كاراسيوف» مدير معهد الاستراتيجيات العالمية المستقل في كييف أن «بوروشينكو حين خسر، لم تنضم أبرشيات منذئذ إلى الكنيسة الجديدة والأمور هدأت». وفي ثلاث مقابلات صحفية منفصلة على مدار السنوات الخمس الماضية، حدد البطريريك «فيلاريت» أغراضه وعزمه على جمع أرثوذكس البلاد المنقسمين تحت لواء كنيسة واحدة. لكن بعد الحصول على صك من البطريرك برتولماوس الذي يعتبر «الأول وسط أنداد» في الطوائف الدينية الأرثوذكسية المستقلة الأربع عشرة، تم تهميش «فيلاريت» وأصبح غاضباً وشن معركة قانونية ضارية ليستعيد السيطرة على كنيسته.
ويزعم «فيلاريت» أنه تعرض لخديعة من بوروشينكو ومن النائب السابق للبطريرك الشرفي وكبير الأساقفة الجديد للكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية المطران إبيفانيوس. ويقول فيلاريت الآن إنه لم يكن يفهم أن صك اسطنبول سيضع كنيسته الأوكرانية المستقلة تحت سيطرة بطريرك أجنبي حتى لو كان في اسطنبول وليس موسكو. وأكد البطريرك فيلاريت قائلاً «بوروشينكو تدخل في شؤون الكنيسة. وأبرم صفقة كنا نجهلها».
وأضاف «لو كنا نعلم أن الصك (الكنسي) بهذا الشكل لما وافقنا عليه قط. هذا الصك نقل التبعية من جهة لأخرى. لقد خدعني بوروشينكو وإبفانيوس. قبل هذا كانت بطريركية كييف موحدة ومستقلة وقوية. الآن أصبحت مقسمة».
ويشكو البطريرك من أن الوضع الحالي يضع العدد الكبير وصاحب النفوذ من الأوكرانيين في الشتات تحت سيطرة اسطنبول ويقيد قدرة الكنيسة الأوكرانية على التعبير عن ولائها للدولة الأوكرانية. ويؤكد أن قضية توحيد المسيحيين الأوكرانيين تعرضت لانتكاسة كبيرة بسبب تدخل سياسي. ومضى يقول «إذا اتحد الأرثوذكس الأوكرانيون سيصبحون ثاني أكبر طائفة أرثوذكسية في العالم بعد روسيا».
لكن الباحثين في الديانة يجادلون بأن سياسات الكنيسة تتحرك دوما ببطء شديد والكنيسة الأوكرانية الحديثة التي أنشئت بناء على صك من اسطنبول ستستمر وتنمو تدريجياً. وما أن توحد معظم المسيحيين الأوكرانيين تحت سقف واحد وهي عملية قد تستغرق عقوداً أو حتى قروناً فإنها ستمنح حق أن يكون لها بطريركية خاصة بها.
ويرى «يفجيني خاركوفشينكو» الباحث في الأديان في جامعة «تاراس شيفشينكو» في كييف أن «هذا الصك وثيقة قانونية، ما يعني أن الكنيسة الأوكرانية الجديدة مستقلة القيادة حقاً بحسب القوانين الكنسية». ويرى أنه من المستحيل أن نعرف ما تم الاتفاق عليه سراً بين فيلاريت وكبير الأساقفة إيبفانيوس وبوروشينكو، لكن البطريرك فيلاريت كان يجب أن يعرف ما يفعله حين ترك رئاسة بطريركيته وقبل لقب «البطريرك الشرفي». ويتوقع خاركوفشينكو أن حكومة الرئيس زيلينسكي لن تتدخل على الأرجح في شؤون الكنيسة وستدع الأوكرانيين يختارون سلمياً الكنيسية التي يريدون الانتماء إليها. ويؤكد خاركوفشينكو أن «هناك طائفتين أرثوذكسيتين في أوكرانيا ومجالين مختلفين للنفوذ وهما موسكو واسطنبول وكلاهما سيمضي في طريقه. على كل حال، لم يعد هناك أي مكان بين الاثنين لفيلاريت».
وهذا يناسب رؤساء الكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية التابعة لبطريركية موسكو الذين دأبوا على إنكار أي صلة بموسكو بخلاف الانتماء الروحي. ويؤكد الأب نيكولاي دانيالفيتش من الكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية التابعة لبطريركية موسكو أن غزو أبرشيات الكنيسة من خلال أنصار الكنيسة المستقلة الحديثة توقف تقريباً منذ انتخاب زيلينسكي. وأضاف أن معظم الأبرشيات التي تحولت تحت الضغط عادت ثانية إلى الكنيسة المنتسبة لموسكو. ويؤكد الأب نيكولاي «نحن لا نريد ولا نحتاج أي امتيازات. نريد السلطات أن تعامل كل الكنائس بالمساواة على أساس القانون والنظام».
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»