بين الحين والآخر، يستدعي رؤساء الولايات المتحدة خبراء لمساعدتهم في التفكير حول قضية معينة. وفي أوائل أغسطس الماضي، دعا الرئيس جو بايدن مؤرخين إلى البيت الأبيض لمشاركة آراءهم حول الديمقراطية الأميركية. ما سمعه كان قلقاً عميقاً، بشأن تآكل ثقة الجمهور في الديمقراطية والجاذبية المتزايدة عالمياً للسلطوية.

الأدلة ليست صعبة المنال. فقد أظهر استطلاع أجراه مركز بيو للأبحاث عام 2021 أن ثلثي الأشخاص في الولايات المتحدة وإيطاليا وبلجيكا وفرنسا وإسبانيا واليونان وكوريا الجنوبية واليابان يشعرون بأن نظامهم السياسي يحتاج إلى تغييرات كبيرة. كما استضاف بايدن، في ديسمبر الماضي، قمةً من أجل الديمقراطية و«مواجهة السلطوية»، قائلاً إن «البيانات التي نراها تشير في الغالب إلى الاتجاه الخاطئ».

وفي خطاب ألقاه في مايو من العام ذاته أمام خريجي الأكاديمية البحرية الأميركية، أكد بايدن أن الأنظمة الاستبدادية ستحكم العالم في نهاية المطاف. حيث جادل بأن الديمقراطيات لا تستطيع مواكبة التغيرات السريعة. وسيختلف الكثير من الناس مع هذا الرأي. لكن في عام 2022، كان الأميركيون يشعرون بأنهم يعانون بسبب الجائحة والتضخم، وصراعات المشرعين، والجدالات في مجالس المدارس. ويتجاهل الكثيرون الأخبارَ، ويشعرون بازدراء حتى تجاه كلمة «حكومة».

فكيف يمكن لنا أن نضمن، وفقاً لعبارة أبراهام لينكولن، أن «حكومة الشعب، من الشعب، وللشعب، لن تزول من على وجه الأرض»؟ أحد المجالات التي يجب أخذها في الاعتبار هو المدارس العامة، والتي لطالما قال الأميركيون، إنها أساسية للديمقراطية، لكنها قد تكون عند نقطة تحول في الوقت الحالي. وحتى مع التحاق حوالي 87% من الطلاب الأميركيين بالمدارس العامة، بينما يلتحق الباقون بالمدارس الخاصة أو يتلقون تعليماً منزلياً، ما تزال هناك توترات عميقة. حيث يكون آباء الأطفال في المدارس سيئة الإدارة غالباً يائسين من الحصول على بدائل. ويزداد الاستياء من كل شيء، بدءاً من الجودة إلى الأمان، وتندلع الخلافات بانتظام حول المناهج والمكتبات. وتتنوع دروس التربية المدنية بشكل كبير.

ومع ذلك، فثمة الكثير مما يحدث لمواجهة هذا الاتجاه. فمجموعات مثل «آي سيفيكس» iCivics توفر موارد للمدارس على المستوى الوطني، مستمدة من وجهات نظر متعددة ومختلفة. كما أن المشرعين والمعلمين في عدد متزايد من الولايات يعطون الأولوية لمحو الأمية الإعلامية باعتبارها مهارة ديمقراطية أساسية، وفقاً لمنظمة «ميديا ليتراسي ناو» Media Literacy Now. وقد وجدت دراسة أجرتها جامعة ستانفورد العام الماضي أنه بعد إعطاء المعلمين في لينكولن، في نبراسكا، ست ساعات من التعليم في «التفكير النقدي عبر الإنترنت»، تحسن مستوى طلابهم بشكل ملحوظ في تقييم مصداقية المحتوى عبر الإنترنت. وقد تبادل المؤرخون الذين التقوا مع بايدن، بمن فيهم شون ويلنتز (مؤلف كتاب «صعود الديمقراطية الأميركية»)، وآن أبلباوم (مؤلفة كتاب «غروب الديمقراطية»)، وجون ميشام (مؤلف كتاب «روح أميركا»)، والمؤرخ الرئاسي مايكل بيشلوف.. رؤى يمكن أن توجِّه العمل. كما أن القاضي «نيل جورسوش» والقاضي المتقاعد «ستيفن بريير» قد انضما إلى المركز الوطني للدستور لتعزيز الحوار المدني. هل المدارس العامة أساسية للديمقراطية؟

إليك كيف عبّر عن ذلك المؤرخ الراحل «ديفيد مكلو»، الذي جذبت كتبه الحائزة على جائزة بوليتزر حول التاريخ الأميركي ملايين القراء، في شهادته أمام الكونجرس عام 2005: «بدأ أساس نظامنا المدرسي العام.. مع دستور كومنولث ماساتشوستس.. الذي كتبه جون آدامز، حيث توجد فقرة لم يسبق كتابتها من قبل، تقول إنه من واجب الحكومة تعليم الجميع، وتوفير التعليم العام للجميع.. قال واشنطن إن السعادة الحقيقية لا يمكن أن تأتي إلا من خلال التعليم. وقد رددوا جميعاً ذلك مراراً وتكراراً، فالتعليم العام أمر ضروري».

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»

أميليا نيوكومب*

*صحفية أميركية