جاءت قمة فلسطين التي عقدت خلال الآونة الأخيرة في العاصمة المصرية القاهرة بنتائج طيبة ومخرجات مفيدة أعادت بعض الأمل في مجال العمل العربي المشترك، كما أوضحت العديد من النقاط المهمة في عدة ملفات رئيسية.

وقد وافقت القمة على خطة مصرية لإعادة إعمار قطاع غزة، عقب الحرب التي شهدها لأكثر من عام. كما حثَّت في بيانها الختامي المجتمعَ الدولي ومؤسسات التمويل العالمية والإقليمية على الإسراع في تقديم الدعم اللازم من أجل إنجاح خطة إعادة الإعمار، وأكدت في الوقت ذاته على الحاجة إلى تدشين مسار سياسي، وعلى ضرورة اجتراح أفق للحل الدائم والعادل يستند إلى مبدأ «حل الدولتين»، بهدف تحقيق تطلعات الشعب الفلسطيني المشروعة في إقامة دولته الوطنية بسلام وفي أمان.

وأكدت القمةُ العملَ على إنشاء صندوق ائتماني يتولى متابعة التعهدات المالية من الدول المساهمة ومن مؤسسات التمويل الدولي المانحة، بغرض تنفيذ مشروعات التعافي وإعادة الإعمار في القطاع. والتزمت القمة بإجراء الاتصالات ومواصلة القيام بالزيارات اللازمة للعواصم الدولية من أجل شرح الخطة العربية لإعادة إعمار قطاع غزة، وللتعبير عن الموقف المتمسك بحق الشعب الفلسطيني في البقاء على أرضه والتشبث بحقه في تقرير مصيره. وقد مثلت القمة دعماً مهماً للشعب الفلسطيني الذي عانى ومازال يعاني المآسي منذ عقود من الزمن، ولذا فقد حذّر بيانها من أن أي محاولات لتهجير الشعب الفلسطيني أو لضم أي جزء من الأرض الفلسطينية المحتلة، من شأنه أن يُدخل المنطقةَ في مرحلة جديدة من الصراعات وتقويض فرص الاستقرار والازدهار.

ومن هنا كان لقمة القاهرة أهميتها الكبيرة في ظل الظروف الحالية للمنطقة، وذلك لأنها ألقت المزيد من الضوء على ما يجري في قطاع غزة والأراضي المحتلة، ولأنها دعت دول العالم إلى الالتزام بتنفيذ الرأيين الاستشاريين لمحكمة العدل الدولية وأوامرها بشأن جرائم القوة القائمة بالاحتلال، مع التشديد على ضرورة ملاحقة المسؤولين عن الانتهاكات الجسيمة والجرائم التي ارتكبت بحق الشعب الفلسطيني، علاوة على التذكير بأن الجرائم لا تسقط بالتقادم، وتحميل الاحتلال الإسرائيلي المسؤوليةَ القانونية والمادية عن ممارساته في غزة وسائر الأراضي الفلسطينية المحتلة.

كما أشارت القمة إلى العديد من القضايا الأخرى، مثل ضرورة تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان بجميع مندرجاته، وضمنها الالتزام بقرار مجلس الأمن رقم 1701 ذات الصلة، وإدانه خروقات الاحتلال الإسرائيلي، والمطالبة بالانسحاب الكامل من الأراضي اللبنانية إلى الحدود المعترف بها دولياً، وتأكيد الوقوف مع الدولة اللبنانية والتأكيد على أمنها واستقرارها. إنها جهود وقرارات تستوجب التقدير والدعم على كل الأصعدة، وسوف يكون لها التأثير الكبير، بما يحقق للشعب الفلسطيني تطلعاته الوطنية المشروعة وللمنطقة أمنَها واستقرارها وازدهارها، في ظل احترام الشرعية الدولية وقراراتها ذات الصلة.

*كاتب كويتي