تُعدّ دولة الإمارات العربية المتحدة من الدول التي تُولي اهتماماً بالغاً بتطوير قدرات شبابها عبر الابتعاث الأكاديمي؛ وذلك تحقيقاً لرؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، بشأن أهمية توسيع منظومة التعليم العالي. وتُعدّ برامج الابتعاث إلى الخارج أحد المسارات المهمة التي تُسهم إسهاماً مباشراً في تحقيق أهداف التنمية المستدامة للدولة، وتعزز مكانتها بين الدول المتقدمة، فهي توفر فرصاً للطلاب المتميزين للدراسة في أرقى الجامعات العالمية، عبر العديد من الجهات الحكومية المحلية والاتحادية. 
ولا تألو الحكومة الإماراتية جُهداً في دعم مكتب البعثات الدراسية بديوان شؤون الرئاسة؛ إذ يُعدّ المكتب أحد الأطر المهمة التي تلبّي احتياجات التنمية في الدولة، فقد أسهم، منذ تأسيسه، في رفد الدولة بكوادر شبابية مواطنة، وجيل مؤهّل وفق أرفع المستويات العلمية، بغية استكمال مسيرة البناء والتطوير التي تشهدها دولة الإمارات.
وتُمثّل فكرة الابتعاث امتداداً للجهود الرامية إلى تطوير جيل من الشباب الإماراتي على مختلف الأصعدة، لا على الصعيد الأكاديمي فقط؛ ليكون قادراً على التفاعل تفاعلاً بنّاءً مع ثقافات العالم من دون أن يُغفِل الحفاظ على أصالته الوطنية، إذ يُتاح للشباب الإماراتي، عبر الابتعاث، فرصة العيش في بيئات ثقافية متنوعة؛ ما يعزز فهم الشباب لثقافته وهويته بنحو أعمق. كما يمكّن هذا التفاعلُ الشبابَ من نقل صورة حقيقية لدولة الإمارات توضح التوازن بين التقدم التكنولوجي والابتكار من جهة، والمحافظة على القيم الثقافية والتقاليد الأصيلة من جهة أخرى.
ويكتسب الطلاب، عبر تجربة الابتعاث، الخبرات العلمية والمعرفية التي تُسهم في تعزيز مكانة دولة الإمارات على الصعيد العالمي، ويتيح لهم فرصة تعلُّم لغات جديدة والتفاعل مع ثقافات مختلفة، وبهذا يصبح الشباب الإماراتي المبتعث قادراً على تمثيل وطنه إيجابيّاً، ومُسهماً في نشر ثقافته وهويته في العالم؛ فهو سفير الثقافة الإماراتية لنقل القيم الإنسانية التي تسعى الدولة لنقلها إلى العالم، مثل التسامح، والانفتاح على الآخر، والضيافة، والابتكار، ما يعزز من فهم الآخرين لدولة الإمارات وتقديرهم لها.
ومن هنا نرى كيف أن هؤلاء الشباب يعكسون الصورة الإيجابية لمكانة دولة الإمارات على الساحة الدولية، تلك الصورة التي تجمع بين الأصالة والحداثة؛ فعندما يتفاعل الطلاب مع ثقافات أخرى، فإنهم يعرضون صورة عن وطنهم تُظهر التوازن بين التقدم التكنولوجي والتقاليد الراسخة، ومن ثَمّ يُعدّ الشباب الإماراتي المبتعث جسراً ثقافيّاً يبني روابط قوية بين دولة الإمارات والعالم.
وختاماً، تعكس جهود دولة الإمارات في دعم ابتعاث شبابها التزامها تطوير قدرات مواطنيها وتعزيز مكانتها العالمية؛ ما يُسهم في تحقيق رؤيتها المستقبلية على الصعيدين المحلي والدولي؛ ولذا يمثل الابتعاث استثماراً قويّاً لتعزيز الهوية الوطنية والتبادل الثقافي، وذلك بتوفير الفرص للشباب للتعلم في بيئات متعددة الثقافات، وهو ما يُحتّم على الدول الاستثمار في برامج الابتعاث ودعم الشباب لتحقيق أقصى استفادة من هذه التجربة الفريدة.

*أكاديمية ورئيسة قسم العلاقات المجتمعية للبحث العلمي بجامعة الشارقة