حضور كبار الرؤساء التنفيذيين لشركات التكنولوجيا حفل تنصيب دونالد ترامب في عام 2025 يمثل تحولاً مهماً في العلاقة بين وادي السيليكون وإدارة ترامب، مع تداعيات محتملة على مستوى الشرق الأوسط. إن تجمع هؤلاء العمالقة التكنولوجيين، مثل إيلون ماسك ومارك زوكربيرج وجيف بيزوس وسوندار بيتشاي، يشير إلى بداية مرحلة جديدة من التعاون والتأثير المحتمل خلال الفترة الرئاسية القادمة. في الشرق الأوسط، المشهد الرقمي مرشح لتغييرات جذرية نتيجة لتطور هذه العلاقة.
وتشهد المنطقة طفرة في انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، وضمن هذا الإطار سجلت الإمارات العربية المتحدة، أعلى معدلات انتشار وسائل التواصل الاجتماعي عالمياً، ستكون الأكثر تأثراً. مع توقع وصول انتشار الإنترنت عبر الهاتف المحمول إلى 96% بحلول عام 2025، فإن تغييرات سياسات وسائل التواصل الاجتماعي في الولايات المتحدة قد يكون لها أثر كبير على الطريقة التي تُدار بها المحتويات الإعلانية والإخبارية في المنطقة.
وفي تطور لافت، أبدى الرئيس الأميركي دونالد ترامب استعداده لدعم استحواذ إيلون ماسك على تطبيق «تيك توك»، مشيراً إلى إمكانية حصول الحكومة الأميركية على 50% من ملكية التطبيق مقابل تصاريح التشغيل. هذا التدخل الحكومي غير المسبوق في شركات التكنولوجيا قد يؤدي إلى تغييرات كبيرة في سياسات المحتوى والإعلانات، مما سيؤثر بدوره على تجربة مستخدمي التطبيق في الشرق الأوسط. كما أن تقارب سياسات مارك زوكربيرج مع رؤية ترامب، مثل إلغاء التحقق من الحقائق وتقليل الرقابة في الولايات المتحدة، قد ينعكس على إدارة المحتوى في الشرق الأوسط. يعتمد نحو 52% من الشباب العربي على فيسبوك كمصدر رئيسي للأخبار، مما يعني أن أي تغييرات في سياسات هذه المنصة قد تؤدي إلى تغييرات عميقة في تداول الأخبار واستهلاكها في المنطقة.
وبينما يحتفظ فيسبوك بمكانته كأبرز منصة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مع 190 مليون مستخدم نشط شهرياً، تشهد منصات أخرى مثل إنستغرام (65 مليون مستخدم) وسناب شات (16مليون مستخدم في المملكة العربية السعودية) نمواً متسارعاً. التغيرات في سياسات هذه المنصات قد تعيد تشكل المشهد الإعلامي الرقمي في المنطقة.
هناك تداعيات إضافية على المشهد الإعلامي في الشرق الأوسط، حيث إن الهجمات المستمرة التي يشنها ترامب على الصحافة واتهامها بأنها «أخبار كاذبة» قد تؤدي إلى تقويض الثقة في وسائل الإعلام التقليدية، مما يعزز الاعتماد على وسائل التواصل الاجتماعي كمصدر رئيسي للأخبار.
إلى جانب ذلك، من المتوقع أن تصبح وسائل التواصل الاجتماعي، ساحة كبرى للتسويق، حيث ينمو سوق الإعلانات عبر وسائل التواصل الاجتماعي في المنطقة، في ظل توقعات بمعدلات نمو تصل إلى 10% خلال السنوات الأربع المقبلة.. ولكن أي تغييرات في السياسات الأميركية قد تؤثر على هذا النمو وطريقة تفاعل العلامات التجارية مع الجمهور في المنطقة.
إن حضور رؤساء شركات التكنولوجيا لحفل تنصيب ترامب يعكس تحولات في العلاقة بين الحكومة الأميركية والقطاع التكنولوجي. ومع الانتشار الواسع لوسائل التواصل الاجتماعي في المنطقة، فإنها ستتأثر بشكل كبير بتغيرات السياسات الأميركية في هذا المجال.
*باحثة سعودية في الإعلام السياسي