دخل اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة «حماس» حيز التنفيذ يوم أمس الأحد الموافق 19 يناير، بعد مفاوضات شاقة وطويلة وجهود وساطة حثيثة، قطرية ومصرية وأميركية مشتركة، حيث توصل الجانبان الإسرائيلي والفلسطيني إلى تسوية ستنهي 15 شهراً من الحرب على قطاع غزة تحت تأثير مزيج من الضغوط الدولية والإقليمية.
وجاء الإعلان النهائي عن الاتفاق في وقت متأخر من مساء الأربعاء الماضي، حيث سيتم تطبيق وقف إطلاق النار على ثلاث مراحل. وقوبل إعلان الاتفاق بترحيب عربي ودولي، لكن هل ستنتهي الحرب في غزة بتطبيق الاتفاق؟ ومَن سيحكم القطاع بعد الحرب؟ يشتمل الاتفاق على ثلاث مراحل متتالية ومتداخلة، خلال المرحلة الأولى، والتي تمتد 42 يوماً، سيتم تعليق مؤقت للعمليات العسكرية المتبادلة بين الطرفين، وستنسحب القوات الإسرائيلية شرقاً وبعيداً عن المناطق المأهولة بالسكان إلى منطقة على طول الحدود في جميع مناطق قطاع غزة، وسيتم تبادل الرهائن والأسرى بين الجانبين حيث ستطلق «حماس» سراح 33 أسيراً إسرائيلياً (أحياء أو جثثاً)، بما في ذلك النساء (مدنيات ومجندات)، والأطفال، وكبار السن والمدنيين الجرحى والمرضى، مقابل عدد من الأسرى الفلسطينيين في السجون ومراكز الاحتجاز الإسرائيلية على مراحل تم الاتفاق عليها تفصيلاً.
كما ستشمل هذه المرحلة عودةَ النازحين إلى بعض مناطق سكنهم، إضافة إلى دخول المساعدات الإنسانية ومواد الإغاثة والوقود. وفي اليوم السادس عشر ستبدأ المفاوضات غير المباشرة بين الطرفين بشأن الاتفاق على شروط تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق. وقد صرّح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، السبت الماضي، قائلاً، إن تل أبيب تحتفظ بحق استئناف القتال في غزة بدعم أميركي، وإن المرحلة الأولى من الاتفاق هي «وقف إطلاق نار مؤقت». وأضاف: «إذا أجبرنا على استئناف الحرب، فسنفعل ذلك بقوة»، لافتاً إلى أن إسرائيل «غيّرت وجه الشرق الأوسط» منذ بدء الحرب.
أما تفاصيل المرحلتين الثانية والثالثة فسيجري الانتهاء منها أثناء تنفيذ المرحلة الأولى، فيما اتفق مبدئياً على أن تمتد المرحلة الثانية 42 يوماً وينتظر أن تشهد وقفاً دائماً للعمليات العسكرية وجميع الأنشطة القتالية، قبل بدء تبادل الأسرى بين الطرفين، وهم جميع الرجال الإسرائيليين الأحياء المتبقين (مدنيين وجنود) – مقابل عدد متفق عليه من الأسرى الفلسطينيين في السجون ومراكز الاحتجاز الإسرائيلية. كما سيتم انسحاب القوات الإسرائيلية بالكامل خارج قطاع غزة. وبعدئذ تبدأ المرحلة الثالثة والتي ستمتد 42 يوماً يتم فيها تبادل الجثث وبقايا القتلى بين الطرفين بعد العثور عليها وتحديد هويتها.
خطة إعادة إعمار قطاع غزة فيتم تنفيذها على مدى 3 إلى 5 سنوات، بما يشمل المنازل والمباني المدنية والبنية التحتية المدنية، وتعويض جميع المتضررين، تحت إشراف عدد من الدول والمنظمات، بما في ذلك مصر وقطر والأمم المتحدة. كما يتم فتح المعابر والسماح بحركة الأشخاص والبضائع. وستواصل الأمم المتحدة ووكالاتها والمنظمات الدولية الأخرى عملها في تقديم الخدمات الإنسانية في جميع مناطق القطاع، وستستمر في ذلك طوال مراحل الاتفاق. وعلى الرغم من أن النجاح في التوصل للاتفاق يعد إنجازاً، إلا أنه من المتوقع أن يكون التنفيذ حافلاً بالتوترات، خاصةً مع غموض بعض التفاصيل، وستشهد المصطلحات المستخدمة تأويلات متباينة فيما يشكل «انسحاباً إسرائيلياً كاملاً» على سبيل المثال من جميع «المناطق المأهولة» في قطاع غزة. وسيتطلب تجاوز المرحلة الثانية إيجاد حل لمعضلات الحكم والأمن في قطاع غزة بعد الحرب. فيما ستتطلب عملية إعادة إعمار غزة استثمار مليارات الدولارات، مما سيجعل الترتيبات لليوم التالي للحرب أكثر تعقيداً.
*كاتبة إماراتية