يُطل العام الجديد 2025 والعالم العربي وجواره الجغرافي ليس في أسعد حال من حيث السلام والأمن والاستقرار السياسي والاجتماعي والاقتصادي والبيئي، إلى غير ذلك من جوانب.
ورغم تبدل الأوضاع في سوريا، وعدم حدوث تطورات تذكر في اليمن وليبيا ولبنان وغيرها من الدول العربية التي تشهد حروباً داخلية مدمرة باتجاه الاستقرار والأمن، فإن الأوضاع العامة في كثير من المناطق والدول في العالم العربي ومحيطه الجغرافي غير مستقرة، ونشهد احتقانات حادة تنبئ بمخاطر جسيمة على البلاد والعباد ومجمل الأوضاع. وهذا يعني أن خطر الانفجار السياسي والعسكري يتربص بمنطقة واسعة تمتد من شمال العراق والبحر الأبيض المتوسط شمالاً إلى الصومال والهضبة الإثيوبية والسودان جنوباً.
وعلى ضوء ما يحدث في العالم العربي، ومع دخول العام الجديد، يجد العالم نفسه بأنه أمام عقبات جسام لتحقيق سلام عالمي يعتد به، وبأن قضية السلام لا يمكن تحقيقها، وبأن حروباً جديدة قد تنشب، سواء في العالم العربي أو في مناطق أخرى من العالم تزيد الأمر سوءاً. ويضاف إلى ذلك أن الحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا قد يزيد أوارها، وهي الأخطر التي تدور منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، وقد تتطور فجأة ومن دون سابق إنذار إلى حرب عالمية تستخدم فيها أسلحة نووية. وجغرافياً المنطقة التي تدور فيها رحى الحرب الآن ليست ببعيدة عن العالم العربي، وفي حال نشوب حرب لن تكون المنطقة في مأمن من تأثير تداعياتها.
على المستوى الإقليمي لحوض الخليج، ما زالت الفجوة الموجودة بين النظم السياسية التسعة المحيطة بمياهه تتسع وتلقي بظلالها على آليات حل مشكلة الصراع، وهي حتماً لن تضيق سريعاً على مدى العام الجديد، بل قد تزيد اتساعاً في المستقبل القريب، وذلك على ضوء وصول إدارة «جمهورية» إلى السلطة في الولايات المتحدة الأميركية.
وقد يصبح من المثير للاهتمام أن يشهد العام الجديد انفراجاً في علاقات مجلس التعاون الست من جانب ودول الجوار من جانب آخر. وقد يصبح من المدهش أن الطرفين قادران على التوصل إلى معادلات جديدة تحل ألغاز العلاقات الحالية، أو ما إذا كانت المسارات والأدوار ستأخذ مناحي أخرى؛ بعضها إعلامي مجرد من المحتويات الجديدة، والآخر أشد خطورة مع اكتساب بعض الأطراف المزيد من القوة والنفوذ والقدرة والإمكانات لفرض المزيد من المطالب، ولنقل على صعيد اتخاذ القرار في السياسة الخارجية، أو نتيجة لتدخل قوى خارجية عسكرياً بنقل أشد فتكاً وتأثيراً.
أما بالنسبة للقضية الفلسطينية وما يحدث في قطاع غزة، فإنه لا يوجد مع إطلالة العام الجديد أي تقدم في وضع أرضية لعملية سلام ذات مسارات واضحة. والمسار المعقول هو أن تتحدث إسرائيل مع الفلسطينيين حول سلام دائم وشامل على أساس حل الدولتين وقيام دولة فلسطينية عاصمتها القدس، وهذا أمر لا توجد عليه أيّ دلائل أو مؤشرات.
جميع الدول العربية تبحث عن السلام، وتريد مع قدوم العام الجديد أن ترى الحرب في غزة قد توقفت، وترى الجميع وقد جلسوا إلى طاولة المفاوضات، لكن ذلك لا يبدو متاحاً، أو أن له أثراً في الأفق، وعليه فإن الأمور ربما تسير إلى ما هو أسوأ، لكنها لن تسير إلى ما هو أفضل. ومع إطلالة عام جديد، نقول بأن الأفكار النيرة تبدو أصعب من أن تظهر بسهولة من ظهور الصواريخ والقنابل الذكية في سماء المنطقة. وكل ما نتمناه هو عام جديد يعم فيها السلام أوطاننا والعالم أجمع.
*كاتب إماراتي