خلال السنوات الأربع الماضية، حققت النساء مستويات تاريخية من التأثير على سياسات التكنولوجيا، حيث شغلن أدواراً بارزة في الحكومة الفيدرالية، وأشرفن على قضايا رئيسة تشمل الذكاء الاصطناعي، ومكافحة الاحتكار، وتصنيع الرقائق، واتصال عبر الإنترنت.
لكن اكتساح «الجمهوريين» للانتخابات هذا العام، إلى جانب تقاعد مسؤول رئيسي واحد على الأقل، يهدد بإبعاد العديد من هؤلاء النساء عن مواقع السلطة، مع دخول رجال لتولي المناصب.
شهدت إدارة بايدن إنجازات بارزة عدة للنساء في مجال سياسة التكنولوجيا، بما في ذلك تولي امرأة لأول مرة منصب رئيس لجنة الاتصالات الفيدرالية (FCC) بشكل دائم، ومنصب ومديرة لمكتب سياسة العلوم والتكنولوجيا في البيت الأبيض (OSTP). كما تزامن ذلك مع أول مرة ترأس فيها النساء لجان التجارة القوية في الكونجرس.
لكن في العام المقبل، سيشغل الرجال إلى حد كبير تلك المناصب الرئيسة، وغيرها في واشنطن:
تخطط «الديمقراطية» «جيسيكا روزنوورسل»، أول امرأة ترأس لجنة الاتصالات الفيدرالية بشكل دائم، للتنحي العام المقبل، وسيحل محلها الجمهوري «بريندان كار»، مرشح الرئيس المنتخب دونالد ترامب لهذا المنصب. خلال فترة رئاستها، قادت روزنوورسل جهوداً لتسهيل إتاحة الوصول إلى الإنترنت بالنسبة للطلاب وتوسيع عمل اللجنة في مجال الفضاء. وسيؤدي هذا التغيير إلى بقاء امرأة واحدة فقط، وهي الديمقراطية «آنا جوميز»، في اللجنة التي تتألف من خمسة أعضاء عند اكتمالها.
وفي يوم الثلاثاء قبل الماضي، أعلن ترامب أن «الجمهوري» «أندرو فيرجسون» سيخلف «لينا خان» في رئاسة لجنة التجارة الفيدرالية (FTC)، حيث رفعت خان دعاوى مكافحة احتكار كبيرة ضد عمالقة التكنولوجيا، واقترحت لوائح جديدة شاملة للخصوصية. كما رشح ترامب «الجمهوري» «مارك ميدور» ليكون المفوض الخامس في الوكالة. وإذا تم تأكيد تعيينه، سيتفوق عدد الرجال على النساء في لجنة التجارة الفيدرالية لأول مرة منذ سنوات.
ستفقد رئيسة لجنة التجارة بمجلس الشيوخ، «ماريا كانتويل» (ديمقراطية من واشنطن)، منصبها لمصلحة السيناتور الجمهوري «تيد كروز»، من تكساس، بينما يؤدي تقاعد رئيسة لجنة الطاقة والتجارة بمجلس النواب، «كاثي مكموريس رودجرز» (جمهورية من واشنطن)، إلى دخول رئيس جديد: النائب «بريت جوثري» (جمهوري من كنتاكي). كانت كانتويل ومكموريس رودجرز، أول امرأتين ترأستا لجانهما، قد أشرفتا على محادثات تشريعية بشأن الخصوصية وسلامة الأطفال عبر الإنترنت والذكاء الاصطناعي.
أعلن ترامب أيضاً عن خططه لترشيح «هوارد لوتنيك»، ليحل محل «جينا ريموندو» كوزير للتجارة. وقد أدت ريموندو دوراً كبيراً في تعزيز توسيع الإعانات الفيدرالية لتصنيع الرقائق، وتمويل مبادرات الوصول إلى الإنترنت.
لم يعلن ترامب بعد عن الشخص الذي سيقود مكتب سياسة العلوم والتكنولوجيا في البيت الأبيض في إدارته القادمة، لكنه عيّن مؤخراً «ديفيد ساكس» كمسؤول «قيصر» للعملات الرقمية والذكاء الاصطناعي. وقد قادت «أراثي برابهاكار»، أول امرأة تتولى منصب مديرة مكتب سياسة العلوم والتكنولوجيا، ونائبة الرئيس كامالا هاريس، أول امرأة تشغل ثاني أعلى منصب في البلاد، الكثير من أعمال الإدارة المتعلقة بسياسة الذكاء الاصطناعي في ظل الرئيس جو بايدن.
وشملت التغييرات عدداً من الشخصيات البارزة الأخرى التي رشحها ترامب لمناصب رئيسة في إدارته، مثل إيلون ماسك وجاكوب هيلبرج، وهما أيضاً من الرجال.
تمثل هذه التغييرات انتكاسة لتمثيل النساء في المناصب التقنية العليا في الحكومة، بعد أن وصلت إلى مستويات غير مسبوقة.
قالت السيناتور جاكي روزن (ديمقراطية من نيفادا)، التي ترأس المشاركة في تجمع النساء في STEM بمجلس الشيوخ، لواشنطن بوست: «بصفتي مبرمجة كمبيوتر سابقة، أعرف عن كثب مدى أهمية وجود المزيد من النساء العاملات في المجالات التي يهيمن عليها الرجال - لا سيما في العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، إذ تقدم النساء منظوراً مهماً، ووجود تنوع في الخلفيات والخبرات في الأدوار الحكومية أمر ضروري ويجعلنا أقوى».
وقالت المتحدثة باسم ترامب، مورجان أكلي، إن الرئيس المنتخب «عين نساء قويات ومؤهلات ومتعلمات لخدمة الإدارة، بما في ذلك مناصب بارزة مثل أول رئيسة موظفين في التاريخ، وأصغر متحدثة باسم البيت الأبيض».
وأضافت: «جميع المرشحين في جميع أنحاء الإدارة هم محترفون محترمون، ولديهم الموهبة والخبرة والمهارات اللازمة لقيادة أدوارهم، وجعل أميركا عظيمة مرة أخرى».
ومع ذلك، هناك استثناءات ملحوظة لهذه الاتجاه العام.
رشح ترامب الأسبوع الماضي جايل سلايتر، مساعدة نائب الرئيس المنتخب جي دي فانس، لقيادة قسم مكافحة الاحتكار في وزارة العدل، وهو المنصب الذي يشغله حاليا «جوناثان كانتر»، رجل. وإذا تمت الموافقة على تعيينها من قبل مجلس الشيوخ، ستكون سلايتر واحدة من أكثر الأشخاص نفوذاً في سياسة التكنولوجيا، مع القدرة على توجيه دعاوى مكافحة الاحتكار الكبرى لوزارة العدل ضد جوجل وآبل. كما اختار ترامب امرأة أخرى، «بام بوندي»، لتشغل منصب المدعي العام، وتشرف على وزارة العدل.
كريستيانو ليما
صحفي متخصص في سياسة التكنولوجيا
أندريا جيميني
صحفية لدى واشنطن بوست
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست لايسنج آند سينديكيشن»