نشهد هذه الأيام احتفالات الدولة بيومها الوطني الـ53، والذي يمثل بصمة تاريخية مشهودة في تاريخ هذه الدولة، التي استطاع قادتها، بفضل الله وبحكمتهم وتكاتف شعبهم وإخلاصه، تحقيق إنجازات خالدة في زمن قياسي. ولطالما أكد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، مؤسس الدولة، على أهمية بناء العنصر البشري المواطن الذي يتولى تنفيذ الخطط والبرامج الاستراتيجية لتنمية المجتمع وتطوره.

واليوم نجد المواطن الإماراتي في كل مجالات العمل، سواء الحكومي أو شبه الحكومي أو الخاص، يؤدي عمله بكل جد واجتهاد في مجالات الشرطة والقوات المسلحة والطب والتعليم والتجارة والاقتصاد والفضاء والسياحة والإدارة.. وغيرها الكثير. وخلال أقل من نصف قرن، وجدنا المواطن الإماراتي يرتاد جميع مجالات العمل والإبداع، وهو لا يكتفي بخوض غمار كل ما هو جديد لرفع اسم الإمارات عالياً على الأرض، بل تجاوز الكرة الأرضية ليصل إلى استكشاف كوكب المريخ، ويستعد للوصول إلى سطح القمر كي يضع اسم الإمارات بجانب الدول صاحبة الريادة في مجال استكشاف الفضاء.

لقد قطعت الإمارات شوطاً كبيراً في وضع الاستراتيجيات الهادفة إلى تحقيق أفضل مستقبل للأجيال القادمة، فلديها استراتيجيات الذكاء الاصطناعي والحكومة الرقمية والإمارات للخدمات الحكومية، والإمارات للثورة الصناعية الرابعة، والإمارات لاستشراف المستقبل، والاستراتيجية الوطنية للابتكار المتقدم، ورؤية «نحن الإمارات 2031»، والاستراتيجية الوطنية لاستقطاب واستبقاء المواهب، واستراتيجية المهارات المتقدمة، والاستراتيجية الوطنية للتعليم العالي.. وغيرها من البرامج والخطط الاستراتيجية.

والملاحظ أن كل هذه الاستراتيجيات ترسم أفضل مستقبل لدولة الإمارات بناءً على تخطيط علمي سليم ودقيق يقوم على الاستثمار الصحيح لموارد الدولة كافة. ولم تغفل حكومة دولة الإمارات عن ضمان وضع البنية التحتية الأفضل على مستوى العالم، سواء في الطرق أو المواصلات أو الاتصالات، لخدمة جميع القطاعات الاقتصادية والتجارية والسياحية والطبية والتعليمية.. وغيرها. وقد صاحبت ذلك التطور كله ثلاثة عوامل من أهم أسباب نجاح الاستراتيجيات والخطط والرؤى الحكومية، ألا وهي الأمن والأمان الداخلي، والسياسة الخارجية الناجحة، والمؤسسات الحكومية الفعالة. فعلى صعيد الأمن والأمان، نجحت وزارة الداخلية بكل كفاءة واقتدار، بجانب قيادات الشرطة المحلية، في توفير مناخ من الاستقرار والأمن والأمان لجميع المواطنين والمقيمين والزوار، الأمر الذي ساهم في تحقيق أدنى معدلات الجريمة على مستوى العالم، وجعل أرضَ الإمارات مطمح العديد من مواطني العالم للانتقال والحياة على أرضها.

وبجانب الأمن الداخلي، نجد وزارة الدفاع، ومنذ تأسيس الدولة، قادرة بفعالية ونجاح على حماية حدود الدولة وترابها من التهديدات الخارجية. وقد استطاعت القوات المسلحة، بفضل توفيق الله سبحانه وتعالى ثم بمتابعة وتوجيهات القيادة الرشيدة، امتلاك أفضل الأسلحة والمعدات والعتاد بمختلف أنواعها وإعداد وتأهيل الكوادر الوطنية القادرة على استخدامها، وذلك بهدف واحد هو حماية الدولة والذود عن ترابها.

ويأتي العامل الثاني وهو السياسة الخارجية لحكومة دولة الإمارات، والتي تحقق نجاحات متتالية على صعيد العلاقات الخارجية والدبلوماسية. وكانت ثمرة تلك النجاحات صنع الشخصية الدولية للإمارات ذات الثقل الدولي البارز على مستوى المحافل الإقليمية والعالمية وعلى رأسها منظمة الأمم المتحدة. أضف إلى ذلك نجاح حكومة الإمارات في وضع جواز السفر الإماراتي في مقدمة جوازات سفر دول العالم ليكون الأقوى بينها.

أما العامل الثالث، والذي ساهم في تقدم الدولة، فهو دولة المؤسسات التي نجحت القيادة الرشيدة في بنائها، حيث يسود القانونُ كلَّ مجالات الحياة. ومما لا شك فيه أن أساس كل الإنجازات التي تحققت، وتلك المنتظرة، هو قوة ومتانة الاتحاد الذي وضع أسُسَه القادةُ الآباء المؤسسون في عام 1971، والذي آمن به المواطن، وما زالت دعائمه تترسخ يوماً بعد آخر، ويقودنا إلى الأفضل بإذن الله تعالى.

* باحث إماراتي