يمثل انعقاد النسخة الثالثة من «الكونغرس العالمي للإعلام»، في الفترة بين 26 و28 نوفمبر 2024، تأكيداً للمكانة الإقليمية والدولية لدولة الإمارات العربية المتحدة، بوصفها المركز الأهم لدراسة أهم الظواهر والاتجاهات الجديدة في صناعة الإعلام، واستشراف تطوراته ومساراته المستقبلية، من خلال حوارات تفاعلية ونقاشات مفتوحة تسهم فيها نخبة من أبرز القادة وصنّاع القرار والمديرين التنفيذيين في أبرز المؤسَّسات الإعلامية وقطاع الإعلام من مختلف أنحاء العالم، ويقدِّمون فيها خلاصة خبراتهم وتجاربهم ورؤاهم حول هذا القطاع الحيوي الذي تتضاعف أهميته يوماً بعد آخر.
وقد عبَّر معالي عبد الله بن محمد بن بطي آل حامد، رئيس المكتب الوطني للإعلام، رئيس مجلس إدارة مجلس الإمارات للإعلام، خلال فعاليات «الكونغرس العالمي للإعلام 2024»، عن الأهمية التي يمثلها قطاع الإعلام بالنسبة لدولة الإمارات، قائلاً إن الدولة تضع القطاع في صلب رؤيتها المستقبلية وتسعى لجعله محركاً حيويّاً للنمو الاقتصادي، وركيزةً أساسية تعزز التنمية الشاملة والمستدامة، ليتجاوز دوره التقليدي بوصفه وسيلة نقل أخبار إلى كونه أداة اقتصادية محورية.
ويتجلى اهتمام الدولة بقطاع الإعلام وما ينطوي عليه من فرص وإمكانات واعدة من خلال العديد من المؤشرات، من بينها وجود عدد من المدن الإعلامية الكبرى التي نجحت في تحويل الدولة إلى مركز لتقديم الابتكارات الفنية والخبرات في أشكال متنوعة من المحتوى المرئي، والمسموع، والمطبوع، والرقمي، ومن بينها «twofour54» في أبوظبي، ومدينة دبي للإعلام، ومدينة الشارقة للإعلام، ومدينة عجمان الإعلامية، ومدينة رأس الخيمة للإعلام، ومدينة الفجيرة للإبداع.
كما يتوج «الكونغرس العالمي للإعلام» عدداً من الفعاليات الكبرى التي تجعل من دولة الإمارات محط اهتمام المعنيين بصناعة الإعلام عربيّاً وعالميّاً، ومن بينها «منتدى الإعلام العربي» الذي انطلق عام 2001، وهو الفعالية التي أصبحت الملتقى الأكثر أهمية وتأثيراً في مناقشة قضايا الصحافة العربية وتحدياتها واستشراف مستقبلها، إلى جانب «جائزة الصحافة العربية» التي تُوزع خلال القمة، و«منتدى الإعلام الإماراتي»، و«قمة رواد وسائل التواصل الاجتماعي العرب»، و«المنتدى الدولي للاتصال الحكومي» في الشارقة، و«قمة المليار متابع» التي تجمع نخبة من أهم وأكبر المؤثرين وصنّاع المحتوى والخبراء في مجالات مختلفة، وترسخ موقع دولة الإمارات كمنصة عالمية لصناعة المحتوى الرقمي.
وعلى مدى أيام الكونغرس الثلاثة، شارك أكاديميون وإعلاميون بارزون وخبراء ومسؤولون في مناقشة عدد كبير من القضايا تحت ثلاثة عناوين رئيسية، إذ خصص اليوم الأول لـ«صناعة الإعلام»، والثاني لـ«المحتوى»، فيما خصص اليوم الثالث لمناقشة «تطور المحتوى الرقمي».
وكان أبرز القواسم المشتركة في الأيام الثلاثة هو الحضور البارز لـ«المستقبل» بوصفه أحد أهم زوايا الرؤية والمعالجات الثرية التي قُدمت خلال المناقشات. وظهرت المكانة المتقدمة لـ«المستقبل» في موضوعات الجلسات والحوارات، مثل «غرف الأخبار المدعومة بالذكاء الاصطناعي: إعادة صياغة مستقبل الصحافة»، و«ثورة البث: ما الخطوة التالية لعالم الأفلام والترفيه الرقمي؟»، و«التكنولوجيا الناشئة لإنشاء المحتوى الرقمي»، و«مستقبل الإعلام الإماراتي»، و«كيف ستبدو وسائل الإعلام مستقبلاً؟».
ويعود هذا الحضور القوي للمستقبل إلى نهج إماراتي ثابت في استشراف التطورات والتغيرات على أساس علمي، في عالم سريع التغير، من أجل الاستعداد للتعاطي معها على نحو يحقق استدامة التميز والتفوق. كما يظهر الاهتمام بالذكاء الاصطناعي، بوصفه واحداً من القواسم المشتركة في التطور السريع والمحتمل لكثير من الأنشطة الإنسانية في شتى المجالات، حيث نوقشت بعض جوانب تأثيره في الإعلام خلال عدد من الجلسات، من بينها «حماية وسائل الإعلام من الآثار السلبية للذكاء الاصطناعي»، و«وسائل الإعلام الاستباقية: كيف يمكن للذكاء الاصطناعي التنبؤ بالأحداث وتوجيه المحتوى الإعلامي؟».
ويمثل محتوى هذه الجلسات أساساً متيناً لتوجيه الحوارات والنقاشات عربيّاً وعالميّاً، وتوسيع آفاقها، من أجل الاستفادة من الذكاء الاصطناعي في قطاع الإعلام على النحو الذي يطور مِن عمل القطاع، ويضمن لبوصلته الأخلاقية أن تكون في الاتجاه الصحيح.
*صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.