البصمة الكربونية هي التأثير البيئي للأنشطة البشرية مثل استهلاك الطاقة والانبعاثات، مما يساهم في تغير المناخ والتدهور البيئي أو بمعنى آخر هي مجموع غازات الدفيئة مثل ثاني أكسيد الكربون والميثان وغيرها، والتي يتم إطلاقها في الغلاف الجوي بسبب النشاط العام سواء للأفراد أو المنشآت إما بشكل مباشر أو غير مباشر. وهي مشتقة من مفهوم البصمة البيئية أو الأثر البيئي ومن الممكن تعريفها على أنها مؤشر اقتصادي بيئي يقيس غازات الدفيئة على جميع المستويات من منشآت وأفراد ومصانع ووحدة قياسها الطن من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون سنوياً، وهي كذلك مقياس لكمية الغازات الدفيئة التي يصدرها الشخص أو المؤسسة إلى الجو، والتي تساهم في الاحتباس الحراري وتؤثر على التغير المناخي العالمي، وتتكون البصمة الكربونية من مجموع جزأين هما البصمة الرئيسية والبصمة الثانوية. البصمة الرئيسية يتم عن طريقها تحديد الانبعاثات المباشرة لغاز ثاني أوكسيد الكربون الناتجة عن حرق الوقود الأحفوري والبصمة الثانوية يتم عن طريقها تحديد الانبعاثات غير المباشرة لغاز ثاني أوكسيد الكربون الناتجة عن دورة حياة المنتجات.
يعد استخدام الوقود الأحفوري من المصادر الأكثر تأثيراً في زيادة البصمة الكربونية، حيث يؤدي حرق الفحم والنفط والغاز الطبيعي إلى إطلاق العديد من الغازات الضارة في الغلاف الجوي بما في ذلك ثاني أكسيد الكربون وأكاسيد النيتروجين وثاني أكسيد الكبريت والمواد الجُسيمية، ولهذه الانبعاثات آثار خطيرة أدت إلى زيادة غير مسبوقة في مستويات ثاني أكسيد الكربون.
ويمكن الحد من تأثير البصمة الكربونية القيام ببعض الممارسات التي تؤدي إلى خفض تأثيرها تدريجياً مثل اختيار الطاقة النظيفة، وتحسين كفاءة الطاقة في المنزل، التنقل بشكل مستدام والحد من النفايات.
وهناك توصيات عالمية تدعو تجنب ارتفاع درجة الحرارة بأكثر من درجتين مئويتين من خلال تقليل انبعاثات الكربون بنسبة 80% بحلول عام 2050، حيث تبين أن 40% من انبعاثات الكربون تنتج من استهلاك الطاقة.

يعد الحفاظ على الطاقة أمراً بالغ الأهمية في تقليل انبعاثات الكربون، فالإجراءات البسيطة مثل التحول إلى الأجهزة الموفرة للطاقة واستخدام مصابيح الإضاءة التي تستهلك كمية قليلة من الكهرباء، وعزل المنازل بشكل صحيح بحيث لا تحتاج أجهزة تكييف، وإيقاف تشغيل الأجهزة الإلكترونية عندما لا تكون قيد الاستخدام يمكن أن تحدث مجتمعة تأثيراً كبيراً في موضوع البصمة الكربونية.
وتساعد إعادة التدوير على تقليل انبعاثات غازات الدفيئة عن طريق تقليل استهلاك الطاقة، ما يحد من البصمة الكربونية، وكذلك يُساهم استخدام المواد المعاد تدويرها لصنع منتجات جديدة في تقليل الحاجة إلى المواد الخام، وهذا يتجنب انبعاثات غازات الدفيئة التي قد تنتج عن استخراج أو تعدين المواد الخام بالإضافة إلى ذلك يتطلب تصنيع المنتجات من المواد المعاد تدويرها عادةً طاقة أقل من صنع المنتجات من المواد الخام.
أيضاً تساعد زراعة الأشجار على تجديد الغابات وتعزيز عزل الكربون واستعادة النظم البيئية وتوفير موائل للنباتات والحيوانات المتنوعة وتساهم هذه الجهود بشكل كبير في احتجاز الكربون والتخفيف من آثار تغير المناخ وتعزيز المرونة البيئية. ولعل أحد الأساليب الأساسية للحد من بصمتنا الكربونية يكمن في الانتقال من الطاقة المعتمدة على الوقود الأحفوري إلى مصادر الطاقة المتجددة. فتبني الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة الكهرومائية وغيرها من أشكال الطاقة المتجددة يمكن أن يقلل بشكل كبير من اعتمادنا على الوقود الأحفوري ويخفف من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.
بالتأكيد أن السيارات الكهربائية تساعد في التقليل من تلوث الهواء وتسبب انبعاثات الغازات الدفيئة أقل بكثير من المركبات التي تعمل بالغاز أو الديزل حتى لو كانت تعمل بالكهرباء المنتجة من الوقود الأحفوري. وكذلك استخدام الدراجات الهوائية للتنقل بدلاً من ركوب السيارات سيقلل من انبعاثات الغازات الدفيئة التي تؤثر على البيئة وترفع نسبة التلوث بشكل عام.

*خبير في الطاقة المتجددة