يُعد الاتصال الحكومي الدولي أساساً لتعزيز صورة الدول عالمياً والتفاعل مع الجمهور الخارجي. من خلال تواصل فعّال، تستطيع الدول شرح سياساتها، مواجهة التضليل الإعلامي، وتعزيز فهم دورها الدولي. في ظل الاستقطاب السياسي بين القوى العظمى وتأثيره على المنطقة، يصبح تفعيل الإعلام الخارجي أمراً جوهرياً.
وفي هذا السياق، يأتي إطلاق قناة «العربية نيوز» الناطقة بالإنجليزية، التي طال انتظارها، كمبادرة استراتيجية تهدف إلى تقديم وجهة نظر عربية وسط التوترات العالمية. ورغم أن بثها الحالي يستمر ثلاث ساعات يومياً فقط، فإن توقيت إطلاقها يُعد خطوة مهمة.
مع تصاعد التوترات، تستخدم العديد من الدول الإعلام للتأثير في الرأي العام، وفيما تسعى دول الاعتدال في المنطقة لتعزيز نظام عالمي متعدد الأقطاب يتماشى مع مصالحها. لذا، فإن إطلاق قنوات ناطقة بالإنجليزية يُعد أساسياً لتقديم وجهات نظر موضوعية تتماشى مع مصالح دول الاعتدال، وفي هذا السياق، تأتي أهمية إطلاق قناة ناطقة باللغة الإنجليزية كخطوة مهمة للتواصل مع الغرب والعالم وتوضيح الرسائل الإعلامية وتوضيح الحقائق، مما يعزز رسالة الإعلام، ويقدم صورة واضحة عن المنطقة وسياساتها، خاصة في ظل التدفق الإعلامي من منصات متعددة، قد لا توضح الواقع كما هو، وربما تنقل رسائل مغلوطة.
تفعيل الإعلام الخارجي، عبر قنوات ناطقة بالإنجليزية، يعد من أكثر الوسائل فعالية لتعزيز الاتصال الحكومي دولياً. ولنجاح هذه القنوات، يجب أن ترتبط بمراكز أبحاث تتماشى مع توجهاتها السياسية، حيث تدعم مصداقيتها وتقدم تحليلات معمقة لفهم القضايا العالمية، مما يعزز قدرتها على جذب الجمهور المستهدف.
على سبيل المثال، تعتمد بعض القنوات في بريطانيا على مراكز أبحاث مثل Chatham House وCenter for Strategic and International Studies (CSIS) لتحليل القضايا الدولية، وهو ما يمنحها القدرة على تقديم تقارير دقيقة ومتوازنة. بالمثل، تتعاون بعض القنوات الأميركية مع مراكز أبحاث مثل Brookings Institution وCouncil on Foreign Relations (CFR) لتقديم رؤى استراتيجية وتحليلات معمقة حول الأحداث العالمية، مما يدعم موثوقية تغطيتها الإعلامية. وهناك قنوات أميركية تستعين بمراكز أبحاث أميركية مثل The Heritage Foundation لتقديم تحليلات تتماشى مع توجهاتها السياسية، بما يتناسب مع قاعدة جمهورها .
وفي المقابل، تعتمد بعض القنوات على مجموعة من مراكز الأبحاث العالمية التي تتماشى مع خطها التحريري مثل مركز كارنيغي للشرق الأوسط، لتقديم تحليلات معمقة حول القضايا الدولية. إن استخدام هذه القنوات لمراكز الأبحاث ساهم في تقديم محتوى مدعوم بالتحليلات والأبحاث، مما ساهم في زيادة تأثيرها على الساحة الإعلامية العالمية.
يُعد الاتصال الحكومي الدولي من أبرز الأدوات التي تعتمد عليها الدول لتعزيز صورتها وحماية مصالحها في ظل التحديات والمنافسات العالمية. ويأتي إطلاق قناة ناطقة بالإنجليزية كخطوة استراتيجية مهمة في هذا الإطار. ولتحقيق أهدافها بفعالية، يجب أن تستعين بمراكز أبحاث عالمية لضمان إيصال رسائل دقيقة ومؤثرة للجمهور الدولي.
* باحثة سعودية في الإعلام السياسي