في ظل التحديات البيئية والاقتصادية المتزايدة عالمياً، تُعتبر دولة الإمارات العربية المتحدة من الدول الرائدة في مجال تطوير المرافق والبنية التحتية على مستوى العالم. ويعكس هذا التوجه استراتيجيات التنمية الطموحة، التي تتبناها الدولة لتعزيز جودة الحياة وتحقيق الاستدامة.

ويتجلى هذا الالتزام بشكل واضح من خلال استضافتها فعاليات النسخة الثالثة من «المؤتمر العالمي للمرافق»، الذي تستضيفه شركة أبوظبي الوطنية للطاقة «طاقة» في مركز أبوظبي الوطني للمعارض «أدنيك» في الفترة من 16 إلى 18 سبتمبر 2024، تحت رعاية سموّ الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، رئيس المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي.لطالما كانت دولة الإمارات نموذجاً للابتكار والتفوق في قطاع المرافق، بفضل الرؤية الاستراتيجية للقيادة الرشيدة، لذا تمكنت الدولة من تحويل مشروعاتها الكبرى إلى إنجازات بارزة.

وشهدنا في السنوات الأخيرة تطوراً ملحوظاً في مجالات متعددة، مثل: الطاقة المتجددة، والمياه، والنقل. كما تعكس مشروعات مثل «مدينة مصدر» و«مجمع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية» طموحات الإمارات في تحقيق الاستدامة البيئية وتعزيز الكفاءة في استخدام الموارد. باعتباره تجمعاً رئيسياً لصناع القرار في قطاعي الطاقة والمياه، يتبوأ «المؤتمر العالمي للمرافق» بأبوظبي مكانة استراتيجية، ويأتي هذا الحدث استجابةً للحاجة الملحة لتطوير حلول مستدامة لإدارة الموارد الطبيعية، وخصوصاً مع التغيرات المناخية، التي تؤثر بشكل متزايد على توافر المياه والطاقة.

ويهدف المؤتمر إلى مناقشة الاستراتيجيات، والسياسات، والتقنيات التي من شأنها إعادة تشكيل مستقبل هذين القطاعين الحيويين. في إطار تعزيز الجهود الوطنية والدولية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، يُمثل «المؤتمر العالمي للمرافق» بأبوظبي فرصة مهمة لتبادل الخبرات والمعرفة مع نخبة من الخبراء والمتخصصين في مجال المرافق على مستوى العالم، بفضل ما سيناقشه حول أحدث التقنيات والحلول المبتكرة لمعالجة التحديات المشتركة في مجالات الاستدامة وأمن المياه. كما يعكس المؤتمر رؤية استشرافية ترتكز على تحقيق التوازن بين النمو الاقتصادي والاعتبارات البيئية. وفي جوهر هذه الرؤية، يكمن التحول نحو الطاقة المتجددة وتعزيز كفاءة استخدام المياه، وهو ما أصبح ضرورة لا يمكن تجاهلها. في هذا السياق، يسعى المؤتمر إلى جمع الحكومات والقطاع الخاص والمؤسسات الأكاديمية من مختلف أنحاء العالم، لتمكين تبادل الخبرات وأفضل الممارسات في مجال الطاقة والمياه.

ولا يقتصر الهدف على تحسين البنية التحتية الحالية، بل يمتد إلى تقديم رؤى جديدة حول كيفية بناء مستقبل يستند إلى مصادر طاقة نظيفة وتقنيات متقدمة لإدارة المياه.

انعكاساً لأهمية تحقيق استدامة الطاقة، يبرز قطاع الطاقة المتجددة كأحد أهم القطاعات المحورية التي يهتم بها المؤتمر، إذ يعد التحول نحو مصادر الطاقة النظيفة مثل الشمس والرياح أمراً بالغ الأهمية. كما يُعتبر الاستثمار في الطاقة المتجددة فرصة هائلة لتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري والحد من الانبعاثات الكربونية.

كما سيستعرض المؤتمر كيفية معالجة التذبذب في إنتاج الطاقة المتجددة، لذلك يصبح الاستثمار في تقنيات تخزين الطاقة وتطوير شبكات ذكية أكثر كفاءة أمراً ضرورياً لضمان استقرار الإمدادات وتحقيق التكامل بين مصادر الطاقة المختلفة.

ومع تزايُد الطلب العالمي على المياه، تأتي إدارة المياه كأحد الموضوعات الجوهرية في المؤتمر، ومع استمرار زيادة السكان والنمو الصناعي، تصبح إدارة المياه أكثر تعقيداً، خاصة في المناطق التي تعاني من ندرة المياه. وسيتناول المؤتمر التحديات المرتبطة بتحلية المياه والتقنيات الحديثة لمعالجتها، وهو مجال يشهد تقدماً مستمراً من خلال الابتكار في الأساليب والتقنيات.

كما سيناقش الخبراء أيضاً إدارة الموارد المائية المتاحة بكفاءة، بما في ذلك تقنيات الري الذكي وتقليل هدر المياه في الشبكات. ويتطرق المؤتمر إلى تجارب الدول، التي نجحت في تبني سياسات تدعم التحول المستدام، مثل تحفيز الاستثمارات في الطاقة الشمسية والرياح، وتقديم الحوافز للشركات، التي تتبنى تقنيات توفير المياه.

هذا بالإضافة إلى توجيه الاستثمارات نحو البحث والتطوير في مجال تقنيات الطاقة النظيفة. وفي ظل التحولات الكبرى التي يشهدها العالم، يُعتبر «المؤتمر العالمي للمرافق» بأبوظبي تجسيداً لالتزام دولة الإمارات بتطوير قطاع المرافق وتعزيز الابتكار والاستدامة.

ومن خلال استضافته وتنظيمه، تواصل الدولة أداء دور رئيسي في تشكيل مستقبل هذا القطاع على مستوى العالم. كما يُعتبر المؤتمر نقطة تجمُّع استراتيجية لمناقشة التحديات والفرص المرتبطة بإدارة الطاقة والمياه، ويوفر منصة فريدة لاستشراف المستقبل ودعم التحول نحو اقتصاد أكثر استدامة.

*صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.