اقتصاد دولة الإمارات يمكن تناوله بالدراسة من أوجه عدة، ويتوقف ذلك على الأهداف المراد تحقيقها. وأول الأهداف إيضاح الطريقة التي يتم بها وضع النظم التي يعمل بها الاقتصاد من قبل الدولة، وكيفية عمل المؤسسات الاقتصادية من أجل خلق فرص العمل، وتحقيق النمو، وتوفير احتياجات المجتمع. ويرى علماء الاقتصاد بأن القيام بذلك بنجاح ليس سهلاً نتيجة لندرة الموارد. احتياجات الدولة والمجتمع والأفراد كثيرة، والموارد المتوفرة في أي مجتمع محدودة رغم كبر حجمها، ولا يمكن لها أن تشبع جميع الاحتياجات القائمة، ومن هنا تأتي مشكلة الندرة الاقتصادية.

ومن المعلوم أن القدرة الإنتاجية للفرد والمجتمع في دولة الإمارات قد زادت كثيراً منذ أن بدأ النشاط الاقتصادي في بداية ستينيات القرن العشرين، واحتياجات الدولة والمجتمع والأفراد قد زادت كثيراً أيضاً، لكن نجحت السياسة الاقتصادية في تنويع مصادر الدخل وإبرام شراكات عديدة بأفق استثماري يواكب المستجدات العالمية.

لقد ظهرت رغبات متزايدة تخص متطلبات التنمية الشاملة المستدامة من بُنى تحتية ووظائف وتعليم وصحة وإسكان وخدمات أخرى. ولما كانت الموارد المتاحة محدودة، مقارنة بالاحتياجات اللا محدودة، تم الاتجاه لتنويع مصادر الدخل والاستثمار في نقاط التميز التي تتمتع بها الإمارات. وبما أنه ليس من الممكن مقابلة وتلبية رغبات جميع أفراد المجتمع بالكامل، كمسألة موجودة في جميع دول العالم حتى التي توصف بأنها غنية، ذلك لأن احتياجات ورغبات البشر تبقى مستمرة لتحسين وسائل ومستويات معيشتهم. ثاني الأهداف هو تقييم الكفاءة التي تعمل بها المؤسسات الاقتصادية في دولة الإمارات من زاوية خلق الموارد وفرص العمل. وبرغم من أن عملية التقييم الدقيق تتسم بالصعوبة، إلا أنه توجد وسائل لتفعيلها بمقارنتها بمعيار الكفاءة الاقتصادية الذي يتم استخدامه في سوق المنافسة في الاقتصاد الحر.

المعيار المتخذ يتمحور حول أن الرفاه الاقتصادي يتحقق عندما يحصل الأفراد على أكبر قدر ممكن من احتياجاتهم باستخدام الموارد المتوفرة بأفضل الطرق والاستخدامات المتعددة، وأوضاع أفراد مجتمع دولة الإمارات واضحة بهذا الشأن من حيث مستوى الدخل الفردي، وتوفر الوظائف، وبنية الدولة التحتية والخدمات العامة بأشكالها كافة، التي حققت فيها الإمارات تميزاً كبيراً.

أما الهدف الثالث والأخير، فهو المساعدة في رسم السياسات الاقتصادية العامة. فالدولة والمواطنون عادة ما يستبدلون أنشطتهم وطرق اختيارهم للأشياء إذا اتضحت أمامهم الخيارات البديلة والنتائج المترتبة عليها إيجاباً أو سلباً. دراسة الاقتصاد والتوصل إلى نتائج من ورائها لا تقتصر على شرح كيف يعمل النظام الاقتصادي، لكن توضيح كيفية عمله بنجاح، فالقيمة العملية للدراسة هي المساهمة في إيصال الأفكار النيرة للدولة والمجتمع والفرد حول كيفية عمل النظام الاقتصادي، وما هي إيجابياته وسلبياته، وكيف يمكن للمفكر أن يقترح الوسائل التي يعمل من خلالها بكفاءة، وأن تقوم الجهات المعنية بالاستفادة من استخدام الأفكار والمعلومات والمقترحات من حيث كونهم شركاء أصلاء في رسم السياسات المفيدة للدولة والمجتمع والمواطنين.

ولأن علم الاقتصاد مرتبط ارتباطاً وثيقاً بعلم السياسة، فإن كلا العلمين فرعان أساسيان من العلوم الاجتماعية ويتبادلان إيضاح رسم السياسة المتعلقة بالموارد وتنسيق عمليات توفير متطلبات الدولة والمجتمع والأفراد.

*كاتب إماراتي