يمثل التشكيل الوزاري الجديد الذي اعتمده صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، خطوة جديدة على طريق تعزيز الاستقرار السياسي والرخاء الاقتصادي والمكانة الدولية الرفيعة التي رسَّختها دولة الإمارات العربية المتحدة لنفسها عبر عقود من العمل الدولي المسؤول، والإسهام الفعال في الجهود الرامية إلى تعزيز الأمن والاستقرار في العالم، وبناء جسور التعاون السياسي والاقتصادي مع كل دُوله، وإرساء قيم السلم والتسامح والتفاهم بين جميع الدول والشعوب.

وقد عبّر صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، عن الإطار الفكري والسياسي لهذا التشكيل الوزاري، والرؤية المُحكمة والواضحة التي ينطلق منها، بقوله: «نؤكد أن التغيير جزء من رحلة التطوير، والتطوير جزء من طموح لا يعرف الحدود، وقادمنا أفضل ما دمنا نتحرك للأمام، ومستقبلنا مزهر ما دمنا نحلم بالأجمل لوطننا». وينطلق هذا اليقين بالمستقبل المزدهر في دولة الإمارات من أسس متينة، فقد نجحت الحكومات المتعاقبة في الحفاظ على وتيرة ثابتة من الأداء الرفيع الذي شمل كل نواحي الحياة. ففي تقرير الكتاب السنوي للتنافسية العالمية 2024، الصادر عن «مركز التنافسية العالمي» التابع لـ«المعهد الدولي للتنمية الإدارية»، تبوأت الدولة المركز الثاني عالميّاً في الأداء الاقتصادي، والمركز الرابع عالميّاً في الأداء الحكومي. وقد انعكس ذلك في تقييم أداء الحكومة في دولة الإمارات من إحدى زواياه المهمة.

فقد احتلت الدولة المركز الثالث عالميّاً في الثقة بأداء الحكومة، وفقًا لنتائج «مؤشر أيدلمان للثقة» لعام 2024، أحد أهم التصنيفات العالمية في هذا المجال، والذي يعتمد على إجراء استطلاع لآراء نحو 32 ألف مشارك من 28 دولة، لقياس مستوى الثقة في أداء الحكومات، والشركات، والمنظمات غير الحكومية، ووسائل الإعلام.

ولم يكن غريباً أن يحظى قطاع التعليم باهتمام كبير في التشكيل الوزاري الجديد، بالنظر إلى اليقين الكامل في كل مؤسسات الدولة بكونه الرافعة الأساسية لتحقيق كل الطموحات المستقبلية للدولة، في ظل حرص القيادة الرشيدة للدولة منذ تأسيسها على بناء هذا اليقين وتعميق أسسه، كما يظهر في قول صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، إن «الثروة الحقيقية والمكسب الفعلي للوطن يكمن في الشباب الذي يتسلح بالعلم والمعرفة، باعتبارهما وسيلة ومنهجاً يسعى من خلالهما إلى بناء الوطن، وتعزيز منعته، في كل موقع من مواقع العطاء والبناء».

إن إعادة تشكيل «مجلس التعليم والموارد البشرية وتنمية المجتمع» في دولة الإمارات برئاسة سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، وتولي سمو الشيخة مريم بنت محمد بن زايد آل نهيان منصب نائب رئيس المجلس، يفتح آفاقاً واسعة أمام السير بخطوات واسعة في اتجاه المزيد من نجاح العملية التعليمية في كل جوانبها ومراحلها.

ويوفر توسيع مظلة المجلس لتشمل وزارة تنمية المجتمع، ووزارة التربية التعليم، ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي، والجامعات الاتحادية ووزارة الموارد البشرية والتوطين، أفضل الفرص للتعامل مع العملية التعليمية بكل أبعادها من خلال منظومة متكاملة، وتيسير سبل اتخاذ الخطوات اللازمة لاستدامة التطوير بأقصى قدر من المرونة والشمول بحكم مساهمة كل الأطراف ذات الصلة فيها، وبما يُعزِّز الربط بين مخرجات التعليم واحتياجات سوق العمل، في إطار من مراعاة السياقات المجتمعية، ودعم التمسك بالقيم الموروثة والهوية الوطنية. كما يعكس استحداث وزارة جديدة لريادة الأعمال واقعاً ملموساً في دولة الإمارات، التي أصبحت ساحة لإطلاق طاقات الابتكار والمبادرة واستثمار قدرات العقل البشري غير المحدودة من أجل توليد الأفكار التي يمكن ترجمتها إلى مشروعات ناجحة، توفر المزيد من الرخاء والازدهار، وتخلق فرصاً للعمل والتوظيف في ظل النمو الاقتصادي المتسارع الذي تشهده الدولة.

أخيراً، يمكن الإشارة إلى تعزيز دور الشباب والمرأة في التشكيل الوزاري الجديد، وتحميلهم مسؤوليات أوسع وأكبر، وهو نهج بدأته دولة الإمارات قبل وقت طويل، استناداً إلى ثقتها في قدرة الشباب والمرأة على تحويل الطموحات إلى واقع نعيشه ونجني ثماره.

*صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.