في إطار مساعيه المتواصلة لتعزيز قيم السلم العالمي، وترسيخ مبادئ الأخوة الإنسانية، وتوسيع الشراكات والتحالفات مع صنّاع السلام في العالم، يشارك منتدى أبوظبي للسلم، في المؤتمر التاريخي متعدد الديانات الذي يُعقد الآن في مدينة هيروشيما اليابانية تحت عنوان «أخلاقيات الذكاء الاصطناعي في خدمة السلام: أديان العالم تلتزم بنداء روما»، بشراكة مع الأكاديمية البابوية للحياة، ومؤسسة «أديان من أجل السلم» في اليابان.

ومن المهم التأكيد على أنه في الوقت الذي يُعقد فيه هذا المؤتمر التاريخي في ظرف استثنائي في ظل التقلبات الجيوسياسية وانتشار النزاعات، كانت دولة الإمارات سبّاقة إلى إرساء مقاربة شاملة لتعزيز الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي ودعم قيم التسامح الديني والتعايش السلمي بين الأديان والطوائف.

وهي مقاربة أرسى دعائمَها صاحب السّمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، حيث يقول سموه: «ستظلّ سياسة دولة الإمارات، داعمة للسلام والاستقرار في منطقتنا والعالم، وعوناً للشقيق والصديق، وداعية إلى الحكمة والتعاون من أجل خير البشرية وتقدّمها، وسنستمر في نهجنا الراسخ في تعزيز جسور الشراكة والحوار والعلاقات الفاعلة والمتوازنة، لتحقيق الاستقرار والازدهار للجميع». وتأتي مشاركة منتدى أبوظبي للسلم في هذا المؤتمر الذي يجمع زعماء الديانات الكبرى في العالم، للتأكيد على أهمية توجيه وإرشاد تطور الذكاء الاصطناعي بالمبادئ الأخلاقية، لضمان استخدامه لصالح الإنسانية.

ويهدف المؤتمر إلى تعزيز رؤية مفادها أن مقاربةً متعددة الديانات للتساؤلات الحيوية، كما هي الحال في أخلاقيات الذكاء الاصطناعي، هي الطريق الذي يلزم اتّباعه. فالديانات تلعب دوراً حاسماً في رسم معالم العالم، بحيث يسير مفهوم التطور جنباً إلى جنب مع حماية كرامة كلّ إنسان، والحفاظ على كوكبنا المشترك.

وقد تم عقد ثلاث جلسات أمس، وهو اليوم الأول للمؤتمر، حيث ركزت الجلسة الأولى على «المنظور العلمي: مخاطر وفرص الذكاء الاصطناعي»، بينما تناولت الجلسة الثانية «المنظور التكنولوجي: تطبيقات عملية للذكاء الاصطناعي الأخلاقي»، أما الجلسة الثالثة، فقد ناقشت حكامة الذكاء الاصطناعي، والتي تعني وضع إطار قانوني لضمان أن تقنيات التعلم الآلي مدروسة جيداً ومتطورة بهدف مساعدة البشرية على استخدام أنظمة الذكاء الاصطناعي بشكل عادل. ويُخصَّص برنامج الفعاليات اليوم الأربعاء، وهو اليوم الثاني للمؤتمر، للاحتفال بتوقيع «نداء روما لأخلاقيات الذكاء الاصطناعي» من قبل زعماء الديانات العالمية، حيث سيقام الحدث في مركز هيروشيما الدولي للمؤتمرات.

وبعد شهادة لأحد الناجين من القنبلة النووية، من المقرر أن يذهب المشاركون سيراً على الأقدام إلى الحديقة التذكارية لزيارة النصُب التذكاري، ووضع أكاليل من الزهور. ويتضمن «نداء روما»، الذي أطلق في مارس 2020، ستة مبادئ أساسية لضمان عدم انحراف الذكاء الاصطناعي عن مساره السليم، واستخدامه في ممارسات ضارة، وتشمل هذه المبادئ: الشفافية في تصميم وبناء وتشغيل هذه النظم، والشمولية في الاستخدام، والمسؤولية، والحياد، والموثوقية، والأمن، والخصوصية.ويعمل منتدى أبوظبي للسلم، منذ انطلاقته الأولى عام 2014، على نشر قيم السلم والتسامح من خلال تأصيل مفاهيم السلم في المجتمعات الإنسانية، وتفنيد دعاوى التطرف والكراهية، من خلال استراتيجية متكاملة لأعماله، بهدف بناء مبادرات جديدة تسهم في نشر قيم السلم ووقف الحرب وتعزيز التعايش، والوصول بجهود السلام إلى شرائح واسعة من المجتمعات الإنسانية حول العالم.

وتتميز دولة الإمارات بكونها حاضنة لقيم التسامح والسلم والأمان والتعددية الثقافية، وشريكاً أساسياً في اتفاقيات ومعاهدات دولية عدة ترتبط بنبذ العنف والتطرف والتمييز، كما تبنت الإمارات مبادراتٍ دوليةً عدة ترسخ الأمن والسلم العالمي، وتحقق العيش الكريم للجميع، ما أهلها لتصبح وجهةً عالمية لتعزيز السلام والتقارب بين الشعوب كافة.

وفي الواقع، فإن دولة الإمارات قد رسخت موقعها الريادي عالمياً بتبنيها منظومة القيم المؤسَّسة على الانفتاح والتسامح، وحفظ الحقوق وترسيخ العدالة، وحفظ الكرامة البشرية، واحترام الثقافات، وترسيخ الأخوة الإنسانية واحترام الهويات الوطنية، ودعمت الإمارات تلك المبادئ بحزمة من القوانين والتشريعات الكفيلة بضمان تلك التوجهات، حتى أصبحت الإمارات رمزاً وعاصمة للتسامح في العالم.

*صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.