في شهادةٍ جديدة على التفوق والتنافسية العالمية لدولة الإمارات، ناقشت المجلة الأميركية للنقل، ضمن مقال نُشر بتاريخ 17 يونيو 2024، كيف تحوّلت الإمارات إلى مركز لوجستي عالمي بفضل الدعم الحكومي الكبير والمبادرات الاستراتيجية الجريئة والاستثمار في الحلول الذكية؛ وبصورة أصبحت معها أحد أهم ركائز التجارة الدولية. وتؤكد المجلة الصادرة في ولاية ماساتشوستس أن صعود الإمارات في هذا القطاع ليس من قبيل المصادفة، بل جاء نتيجةً لجهود محسوبة وتخطيط حكيم نجحت من خلالهما دولة الإمارات في تقديم رؤية عالمية متقدمة ومثال يحتذى به في الخدمات اللوجستية للقرن الحادي والعشرين.
وترى المجلة أن الموقع الجغرافي الاستراتيجي لدولة الإمارات أتاح لها ميزة أن تتبوأ هذه الأهمية اللوجستية، وأن تكون مركزاً لحركة التجارة العالمية ونشاطاتها المختلفة. وتضع المجلة أسباباً أخرى لتفوق الإمارات، تتمثَّل في الاستثمارات التي ضختها الحكومة في البنية التحتية المتطورة لإنشاء واحدة من أفضل البيئات العالمية للخدمات اللوجستية؛ فعلى سبيل المثال، يتميز ميناء خليفة ذو الأهمية الاستراتيجية بامتلاكه تكنولوجيات متقدمة ومرافق جهزت بقدرات على المناولة الموسّعة لضمان السرعة والكفاءة في معالجة البضائع، كما تتميز مطارات الدولة بقدرات استثنائية في مناولة البضائع، وفق أرفع المعايير الدولية. وعزز تطوير شبكة الاتحاد للسكك الحديدية ووجود الطرق الحديثة مزايا الإمارات اللوجستية، مع توفير الدولة مناطق حرَّة تخدم الشركات في تبسيط عملياتها رغم التعقيد الذي يرافق عادةً سلاسل التوريد في المناطق اللوجستية الأخرى حول العالم.
وتؤكد المجلة أن سرعة احتضان دولة الإمارات الابتكارات والحلول التقنية المتقدمة عززت كثيراً مستويات الكفاءة اللوجستية؛ حيث تعمل التكنولوجيات، مثل الذكاء الاصطناعي، والبلوك تشين، وإنترنت الأشياء والروبوتات، ضمن المطارات والموانئ والمستودعات على تبسيط العمليات، وتقليل الأخطاء البشرية وزيادة الإنتاجية، في حين تقوم منصات إدارة الخدمات الرقمية على أتمتة الإجراءات ضمن سلاسل التوريد المعقدة، وتوفير خدمات التتبُّع في الوقت الفعلي وتحليلات معمقة للبيانات؛ وهي جميعها تمثِّل نقاط جذب للشركات العالمية الباحثة عن الحلول اللوجستية المتطورة .
وأظهرت حكومة الإمارات تفوُّقاً في تصميم الأطر التنظيمية الملائمة للأعمال التجارية العالمية؛ حيث تُعتبر سياساتها الداعمة للإعفاءات الضريبية والإجراءات الجمركية الخالية من التعقيد من بين الأفضل في العالم، إضافة إلى السعي المستمر لإقامة شراكات استراتيجية مع شركات الخدمات اللوجستية العالمية، وهي في مجملها أمثلة على الكيفية التي نجحت الإمارات من خلالها في تعزيز جاذبيتها مركزاً لوجستياً عالمياً.
وهناك عاملٌ آخر رسّخ مكانة الإمارات مركزاً لوجستياً عالمياً، يتمثل في تركيز الدولة على الاستدامة محوراً أساسياً ضمن استراتيجياتها اللوجستية، وتجلَّت صور ذلك في اعتماد الممارسات الخضراء الرامية إلى الحد من الآثار البيئية في مختلف الأنشطة اللوجستية، وتنفيذ مشروعات البنية التحتية الصديقة للبيئة بما يشمل استخدامها للطاقة المتجددة، مع جهود كبيرة تُبذل في تقليل الانبعاثات الكربونية من وسائل النقل والشحن، وكلها أمور منحت الدولة تميزاً كمركز عالمي يستشرف حلول الاستدامة المتقدمة ضمن قطاع اللوجستيات وأنشطته المختلفة.
وتدعم الدولة طموحاتها اللوجستية بالتركيز بشدة على التدريب والتعليم ركنين أساسيين في التنافسية العالمية؛ حيث تقدِّم جامعاتها ومعاهدها برامج متخصصة لتطوير القوى العاملة الماهرة وإعدادها وفقاً لأفضل المعايير العالمية في صناعة الخدمات اللوجستية، وبما يمكن معه رفع جاهزية التعامل مع الأسواق الدولية والتحديات التي يفرضها عالم اللوجستيات وشبكاته شديدة التعقيد.
إن نجاح دولة الإمارات في أن تصبح مركزاً لوجستيّاً عالميّاً أتى بفضل الدعم الكبير من القيادة الرشيدة، والمبادرات الاستراتيجية الجريئة التي أطلقتها الحكومة، إضافةً إلى ما تشهده البنية التحتية في الإمارات من تطوُّر مستمر وجهود استدامة، وتوجُّه نحو توظيف الحلول المتقدمة. وبالنظر إلى المستقبل، فإن قطاع الخدمات اللوجستية في دولة الإمارات يبدو أكثر إشراقاً مع استمرار النمو الاقتصادي، واحتضان هذا القطاع للتكنولوجيات الذكية وبسرعة تفوق غيره من القطاعات اللوجستية من حول العالم.

*صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية