تتنافس دولة الإمارات العربية المتحدة مع معظم دول العالم في الاستثمار بالمورد البشري، وتعمل على تشكيل رؤى جديدة للتعليم تتماشى مع ثورة التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، واحتياجات سوق العمل، انطلاقاً من أن الحاجة إلى تشكيل صورة جديدة لبيئة التعليم أصبحت ملحّة إلى حد كبير، على أن تتواءم مع التغيرات السريعة، والاستثمار في الموارد البشرية وتسليحها بالمعرفة المستقبلية.
ولو أجرينا تقييماً معرفيّاً لأبناء الجيل الحالي، لرأينا أن حصيلتهم المعرفية أكبر مما يملكه أقرانهم من المعرفة قبل عشرة أعوام، فالطفل حاليّاً يدخل المدرسة ولديه معرفة أكثر مما قد يحصل عليه من المنهج المدرسي؛ لأنه يحصل على المعرفة عن طريق تصفح الأجهزة الذكية، ومشاهدة الصور والأفلام وغيرهما. وأشارت دراسة حملت عنوان «الأطفال والتكنولوجيا: الآثار السلبية والإيجابية»، نشرتها جامعة «ماريفيل» الأميركية في موقعها الإلكتروني، إلى أن «التكنولوجيا تساعد الأطفال على التعلُّم المستقل بسرعة كبرى، ذلك أن هؤلاء الأطفال إذا عرفوا آلية الوصول إلى مصادر المعلومات الرقمية بأمان، سيكونون قادرين على استكشاف الموضوعات المهمة»، مضيفة أن«الوصول الباكر إلى التكنولوجيا يؤدي إلى تعلُّم الأطفال مهارات القراءة والكتابة الرقمية التي سيحتاجون إليها في نجاحهم الدراسي مستقبلاً».
وتُشكل التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي رؤية جديدة للتعليم ومهارات المستقبل، فقد أوضح استطلاع رأي أجراه تقرير «دليل الحكومات نحو عام 2071»، الصادر عن القمة العالمية للحكومات، أن نحو 62 في المئة ممن تتراوح أعمارهم بين 15 و34 عاماً، غير راضين عن التعليم، فمهارات الابتكار والتحليل النقدي، وحل المشكلات، والإبداع، والبحث العلمي، واستخدام الذكاء الاصطناعي، يجب أن يملكها الإنسان بنمط تعليمي جديد يوجَّه إلى جيل المستقبل «جيل ألفا»، وتأسيس بيئة تعليمية جاذبة محاطة بالهوية الوطنية واللغة العربية، تُنشئ نموذجاً إماراتيّاً ماهراً وكفؤاً يمثل وطنه أفضل تمثيل، وذلك عن طريق التوصية بما يأتي:
- فهْم متطلبات جيل ألفا التعليمية لإشباع شغفه المعرفي والعلمي عن طريق تنويع المسارات التخصصية والتطبيقية.
- ربط كل وسائل المعرفة والتعليم والمناهج بالهوية الوطنية واللغة العربية، مع بيان أهميتهما للجيل الحالي.
- يفرض التغيير المتسارع في أنماط وأنواع المهارات الحديثة والتقليدية والمنتهية صلاحياتها نوعاً من أنواع التعلم الذكي والمرن في سهولة الوصول إلى المعلومة.
- الوعي بأهمية الدراسات والبحوث التي تضع تصورات التعليم في المستقبل، والاستفادة منها في تشكيل صورة حديثة للتعليم المستقبلي.
- نظراً إلى أن التغييرات المستمرة في بيئة التعليم أنهكت الطلبة وأولياء الأمور والمعلمين، فإننا نحتاج إلى استدامة بيئة تعليمية مرنة قابلة للتحسين والتطوير.
- التشجيع على فتح آفاق جديدة لأنواع التعليم تستهدف جميع فئات المجتمع، مثل: التعليم من المنزل، والتعليم الإلكتروني، والتعليم عن بعد، بالتعاون مع مدارس عالمية خارج الدولة، وغيرها.
- الاستثمار في المعلمين ودعمهم لتطوير مهاراتهم باستمرار؛ بهدف زيادة الثقة بينهم وبين طلبتهم، وتقليل التفاوت المعرفي بينهم.
- تقليل السنوات الدراسية إلى أقل من 12 عاماً، فالحصول على المعلومة أصبح أسرع وأسهل مما كان عليه قبل عشرة أعوام، مع التركيز على أن الهدف نقل المعرفة والمهارة وليس التلقين.
- التركيز على أن جودة المعلومات، لا كميتها، لا يقلل من الحصول على مخرجات تعليمية عالية الجودة.
- توفير جميع الأدوات لبيئة تعليمية تتواءم مع التكنولوجيا، وجودة الحياة النفسية والصحية.
*مدربة معتمدة في برنامج التبادل المعرفي الحكومي التابع لرئاسة مجلس الوزراء