تتميز إمارة أبوظبي بكونها الإمارة التي تضم أكثر من مدينة رئيسة، مثل مدينة أبوظبي التي تستوعب أكثر المناطق الاستراتيجية للمنظمات والشؤون الدولية والدبلوماسية والمحتضنة لمقر رئيس الدولة ومجلس الوزراء. ومدينة العين التي نشأ بها المغفور له الوالد الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه. وإلى جانب ذلك تضم منطقة الظفرة سبع مدن هي: ليوا، ومدينة زايد، وغياثي، والمرفأ، والسلع، والرويس، وجزيرة دلما. وعليه فإن العاصمة أبوظبي هي المركز الرائد للتنقل وخدمات الحركة، حيث إنها تشمل أفضل الخدمات اللوجستية للتنقل، وعلى هذا الأساس بُنيت وتأسست «إدارة حركة التنقل TMM» المنبثقة بموجب «استراتيجية إدارة حركة التنقل» في الإمارة، بكافة الطرق البرية والبحرية والجوية. وتهدف هذه الاستراتيجية إلى استدامة حركة التنقل في أبوظبي، حيث يأتي دورها في استخدام أكبر وسائل التنقل والحركة لتحفيز الاستدامة، ولتحسين التعاملات بين المؤسسات، كما أنها تعزز المكانة الاقتصادية للدولة، وكذلك تحد من الاختناقات المرورية والازدحامات المتكررة في بعض المناطق.
وفي مسألة حركة النقل لتحقيق الاستدامة، يأتي عالم الأرقام موضحاً المؤشرات المتعلقة بقطاعات الحركة والنقل في إمارة أبوظبي لعام 2020، متسلسلة بالترتيب الآتي: حصلت أبوظبي على الترتيب الثاني عالمياً وفقاً لمؤشر «جودة النقل الجوي» لمادة الكتاب السنوي للتنافسية الذي يصدر عن المعهد الدولي للتنمية الإدارية. وقد حققت الإمارةُ الترتيبَ الرابعَ في مؤشر توقيت الشحنة، والترتيب الخامس في مؤشر الشحنات الدولية، كما وضّح تقرير الأداء اللوجستي الذي يصدره البنك الدولي. ووفقاً لتقرير التنافسية العالمية 4.0 فقد حصلت أبوظبي على الترتيب 12 في مؤشر كفاءة الموانئ البحرية والترتيب 13 في مؤشر ربط خطوط الملاحة البحرية المنتظمة، وهذا يدل على اهتمام الإمارة بالنقل البحري كونه أكثر سبل التنقل والحركة أماناً.
وبالنسبة لتقرير تنافسية السياحة والسفر الذي يصدر عن المنتدى الاقتصادي العالمي، فقد حصلت أبوظبي على المرتبة 15 على مؤشر كفاءة النقل البري. وفي السنة التالية صُنِّفت أبوظبي بوصفها الوجهةَ الأقل ازدحاماً على مستوى العالم في عام 2021، وذلك على مؤشر حركة المرور في الاستبيان السنوي الصادر عن شركة «توم توم» المختص بالملاحة والذي يضم 416 مدينة من 57 دولة حول العالم.
وتتجانس أهداف «استراتيجية إدارة حركة التنقل» في أبوظبي مع أهداف عام الاستدامة الذي تمت خلاله استضافة مؤتمر الأمم المتحدة للدول الأطراف في الاتفاقية الإطارية بشأن تغيير المناخ المسمى «كوب 28».
وقد طرأ على هذه الاستراتيجية توجُّهُ الاستدامة نحو حركة التنقل لتُصبح مُستدامة وأكثر فاعلية بغية تسهيل أمور الحياة للأفراد والمؤسسات وكافة القطاعات في أبوظبي. كما تسعى الاستراتيجية للمحافظة على البيئة وللحد من الانبعاثات الكربونية، وذلك عن طريق استخدام وسائل الطاقة النظيفة حين يتم تفعيلها للعمل بشكل تطويري ومتكامل. وتتكاتف الجهود من أجل تحقيق الاستدامة بشأن حركة التنقل في إمارة أبوظبي، وذلك بواسطة استخدام المركبات الذكية والكهربائية والهجينة كالحافلات الذكية أو الدراجات الهوائية.. وهي الأجهزة التي تعمل على تحفيز المجتمع لدفع الاقتصاد وفي الوقت ذاته المحافظة على البيئة بغية جعلها أكثر استدامةً ومُلاءَمةً لصنع مستقبل مستدام بلا تلوث.
ولعل ذلك يوضّح الهدفَ السامي الذي تصبو إليه قيادتنا الرشيدة في إرساء مدن مُستدامة، وتوسيع الاعتماد على الطاقات النظيفة للحد من التلوث والازدحام والاختناق المروري. وبلا شك فإن رؤية استدامة التنقل هي مستقبلنا الدائم ومستقبل أبنائنا الآتي في العاصمة وهي الجزء المُفنّد الواعد لخطة أبوظبي 2023 المستمدة من رؤية الإمارة لعام 2023.
*كاتبة إماراتية