الالتزام الإماراتي بالعمل البيئي
الاهتمام بالبيئة والحفاظ عليها وحمايتها ليست بالأمر الطارئ أو الجديد على دولة الإمارات، فهي في الأساس موروث وثقافة أصيلة، أرسَت لها حكومة الإمارات منذ تأسيسها نُظمًا للعمل بها ونشر الوعي حول أهميتها، من منطلقات علمية وثقافية واقتصادية واجتماعية.
ولا أقل في هذا المجال من أن دولة الإمارات خصّصت وزارةً للبيئة، هي «وزارة التغير المناخي والبيئة»، التي تعمل على تنفيذ مجموعة واسعة من الخطط والمبادرات البيئية الوطنية سواء في المحافظة على التنوع البيولوجي، أو مكافحة التصحر، أو استدامة البيئة البحرية والساحلية، وغيرها من الاستراتيجيات البيئية.
وكانت الإمارات سباقة إلى المشاركة في الجهود الدولية المتعلقة بحماية طبقة الأوزون والتخفيف من تغير المناخ والتكيف معه، حيث بادرت الدولة إلى التوقيع على اتفاقية «فيينا»، وبروتوكول «مونتريال» الخاص بالمواد المسببة لتآكل طبقة الأوزون عام 1989. أعقب ذلك جهودها الملموسة لتنظيم استخدام المواد المستنفدة لطبقة للأوزون، بما يتوافق مع اتفاقية «فيينا» وبروتوكول «مونتريال»، ووضعت الدولة تشريعات وقوانين تنظم تداول هذه المواد، ومكافحة التجارة غير المشروعة بها، ونظمت عملية التخلص منها، ناهيك عن الجهود التوعوية التي بذلتها الدولة لرفع الوعي المعرفي لدى العاملين في القطاعين العام والخاص. كما صادقت الإمارات أيضًا على جميع التعديلات التي طالت بروتوكول «مونتريال»، انطلاقًا من حرصها على تأكيد التزامها بالجهود الدولية في المحافظة على طبقة الأوزون وحماية البيئة والإنسان.
حققت الإمارات أيضًا نقلة نوعية في مجال العمل البيئي، عند انضمامها إلى اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، التي جرى التفاوض عليها في مؤتمر الأمم المتّحدة المعني بالبيئة والتنمية (UNCED) في مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية في العام 1992، إلى أن دخلت هذه المعاهدة حيّز التنفيذ عام 1994، وأنشأت الاتفاقية منتدىً سنويًّا، يُعرف باسم مؤتمر الأطراف أو «COP»، والذي عقد دورته الأولى في العاصمة الألمانية برلين عام 1995. واستمرت الإمارات في الانضمام إلى المعاهدات الدولية والبروتوكولات، حتى أصبح عددها نحو 30 معاهدة واتفاقية دولية وبروتوكولاً خاصاً بحماية البيئة والموارد الطبيعة، وذلك من منطلق إدراكها لدور الاتفاقيات البيئية في بناء جسور التعاون الدولي المشترك الذي يعود بالكثير من الفرص الاستثمارية الخضراء، ويوثق الحضور الدولي البيئي.
وكانت الإمارات أول دولة في المنطقة توقع وتصادق على «اتفاق باريس للمناخ» إلى أن تُوِّج نشاطها البيئي والمناخي، بفوزها باستضافة الدورة الـ28 لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ «COP28»، الذي سيُعقد في مدينة إكسبو دبي في الفترة من 30 نوفمبر وحتى 12 ديسمبر المقبلين. ويُعتبر اختيار الإمارات لاستضافة مؤتمر الأطراف «COP28» تقديراً لدورها الريادي في تعزيز العمل الجماعي لحماية الأرض والموارد الطبيعية، فقد أثبتت الإمارات خلال مسيرتها التزامها بالعمل البيئي، قولًا وفعلًا، حتى غدت نموذجًا عالميًا يحتذى به، في هذا المجال.
*عن نشرة«أخبار الساعة»الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.