يزخر سجلّ دولة الإمارات بجهود حافلة في نشر ثقافة السلام واحترام الأديان، إذ تمتلك إرثًا غنيًّا من قيم التسامح كان رائده المؤسِّس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، الذي أرسى دعائمَ مبادئ الأخوّة الإنسانية والتسامح بين جميع الديانات دون تفرقة أو تمييز، وسيظل التاريخ يذكر مواقفَه التي يشهد لها القاصي والداني، ففي الوقت الذي تكفَّل فيه بتحمُّل نفقات ترميم مسجد عمر بن الخطاب عام 2002 في مدينة بيت لحم، عمل أيضًا على ترميم وصيانة كنيسة المهد.
وسيرًا على هذا النهج المُستقرّ، الذي يزداد رسوخًا بفضل دعم القيادة الرشيدة، مُمثَّلةً بصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، فقد اعتمد مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة قرار مكافحة الكراهية الدينية، الذي قدَّمته الدولة، وهو يشدِّد على مواجهة كل ما يمكن أن يشكّل تحريضًا على التمييز أو العداء أو العنف، وضرورة ترسيخ احترام الأديان والتسامح والتعايش السِّلمي، وهي المبادئ التي تبقى السبيلَ الأنجعَ نحو الازدهار والتقدّم والعيش المشترك.
وكانت دولة الإمارات سبَّاقة دومًا في وضع السياسات والأطر القانونية والإجراءات التي تضمَن لرعايا الديانات كافة ممارسة شعائرهم الدينية بكل يُسر، وبناء وتشغيل دُور العبادة الخاصة بهم. فقد وافق المجلس الوطني الاتحادي في 30 مايو 2023 على مشروع قانون اتحادي بشأن تنظيم دُور العبادة لغير المسلمين، بعد أن ناقش وعدَّل واستحدث عددًا من بنوده وموادّه.
كما تحرص دولة الإمارات على سنِّ التشريعات التي من شأنها تجريم الإساءة إلى الرموز الدينية أو تحقيرها بأي شكل من الأشكال، انطلاقًا من إيمانها بأن أي رمز ديني أو وطني لأي شعب أو جماعة من الناس يجب أن يُعامَل بما يليق به من احترام وتقدير.
وغنيٌّ عن البيان أن دولة الإمارات تُقدِّم تجربةً عالميةً مُلهمةً على صعيد التعايش المشترك لكل أتباع الأديان السماوية، وحتى الشرائع الإنسانية المختلفة، لذا لم يكن غريبًا أن تستضيف أكثر من 200 جنسية مُقيمة على أرضها، ما يُمثِّل جزءًا بسيطًا من مفاهيم الاعتدال والوسطية، واستقامة السلوك التي تؤمن بها.
وفي إطار مبادراتها لخَلق بيئة مزدهرة لتلاحم الأديان وبناء الجسور بين الثقافات والشعوب في المجتمع، دشَّنت دولة الإمارات في فبراير الماضي «بيت العائلة الإبراهيمية»، الذي يضمّ كنيسةً ومسجدًا وكنيسًا تحت سقف صرح واحد، في محاولة جادّة لجعل قيم العيش المشترك والتسامح وقبول الآخر واحترامه ركيزةً أساسيةً في سياستها الداخلية والخارجية.
وممّا لا شك فيه أن تلك الجهود المشهودة التي تبذلها دولة الإمارات تؤكد أنها تمضي قدُمًا في الطريق الصحيح نحو خلْق مجتمع أكثر توازنًا يتجسَّد فيه واقع التآخي الإنساني الذي يعيشه أتباع الديانات على هذه الأرض الطيبة.

عن نشرة "أخبار الساعة" الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية