روح الاتحاد تُلهِمُ نجاحاً وإنجازاً
عندما يلعبون في ملعبهم يبدون كمن يستلهمون روح الدولة التي يحمل هذا الملعب اسمَها وتجربتَها التي لا مثيل لها في تحقيق نجاح مشهود خلال عقود قليلة إلا تجربة الصين. إنهم لاعبو فريق مانشستر سيتي، أو مان سيتي، في ملعبه الذي يحمل اسم الاتحاد (اتحاد الإمارات العربية المتحدة). وحتى عندما يلعبون في ملاعب فِرق أخرى في الدوري الإنجليزي الممتاز «البريميرليج»، أو في دوري الأبطال الأوروبي «تشامبيونز ليج»، يبدو أنهم يستحضرون هذه الروح. أصبح هذا الملعبُ أكثرَ ملاعب كرة القدم شهرةً في العالم بعد الإنجازات الكبيرة التي حقَّقها ويُحقَّقها، فريق «مان سيتي» برئاسة الشيخ منصور بن زايد. لقد حصل مجدداً، ومنذ أيام، على بطولة الدوري الإنجليزي قبل أن يصل إلى نهايته إثر تعثر منافسه الوحيد في الموسم الحالي يوم 20 مايو الماضي، وتُوج باللقب في اليوم التالي بعد مباراته التي فاز فيها على فريق «تشيلسي».
غير أن أكثر ما يجعل ملعبَ الاتحاد في قلب اهتمام مئات الملايين الذين يتابعون الكرةَ الأوروبية عبر وسائل البث المختلفة، هو اكتساح «مان سيتي» منافسَه الكبير «ريال مدريد» بأربعة أهداف نظيفة وتأهُّله لنهائي دوري الأبطال الأوروبي في 10 يونيو المقبل. فقد أصبح على بُعد مباراة واحدة من الكأس ذات الأذنين التي يحلم بحملها كلُّ فريق في أوروبا.
وكان طبيعياً أن يجذب هذا الفوزُ التاريخيُّ الأنظارَ كلَّها إلى «مان سيتي» وملعب الاتحاد. وهو فوز تاريخي بحق لأنه قلَب الموازينَ، ودشَّن مرحلةً جديدةً يتبوأ فيها «مان سيتي» زعامةَ الكرة في أوروبا، بعد انتزاعها من النادي الذي وُصف بأنه ملك هذه المسابقة («تشامبيونز ليج») التي حصل على بطولتها 13 مرةً، وبفَرقٍ كبير عن نادي «آي سي ميلان» الذي يليه في الترتيب لحصوله على سبع بطولات.
ولا يحّقق أصحاب ملعب الاتحاد هذا النجاح بسبب ثراء ناديهم بخلاف ما يظنه البعض، إذ ثمةَ أنديةٌ أوروبيةٌ أخرى لا تقِلُّ ثراءً، بل يزيد بعضُها، مثل نادي «باريس سان جيرمان» الذي يُحقِّق نتائجَ جيدةً، لكنها تبقى عادية مقارنةً بنجاح «مان سيتي». ولو كانت القدرة على شراء خدمات أكثر اللاعبين مهارةً هي المعيار، لتفوق «باريس سان جيرمان» الذي يلعب له اللاعب الأفضل في العالم ليونيل ميسي، وعددٌ من اللاعبين الأكثر كفاءةً وشهرةً مثل نيمار وكيليان مبابي ومينديز وغيرهم. لكن إنجاز النادي الفرنسي، الذي يضم كلَّ هؤلاء النجوم، يبقى محلياً ومحصوراً في الدوري الفرنسي الأضعف كثيراً من الدوري الإنجليزي. ورغم أنه فاز ببطولة هذا الدوري قبل أيام، فقد كان أداؤه متواضعاً في تقدير معظم النُقاَّد الرياضيين، وودَّع دوري أبطال أوروبا مبكراً، لأنه يفتقر إلى الروح التي تُلهم «مان سيتي»، روحُ الاتحاد التي يحملها فوقَ صدره في القميص الذي يرتديه لاعبوه والمكتوب عليه ETIHAD.. روحٌ تُلهمه في مجاله شيئاً من تجربة دولة اتحاد الإمارات ونجاحها المشهود.
*مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية