«جمهوريون» يؤيدون الطاقة الخضراء!
بعض أعضاء مجلس الشيوخ «الجمهوريين» البارزين ممن انتقدوا جهود وول ستريت لمعالجة تغير المناخ هم أنفسهم من كبار المؤيدين للطاقة الخضراء. وتشمل القائمة تشاك جراسلي (أيوا)، ومايك كرابو (أيداهو)، وميت رومني (يوتا). وقد انتقد الثلاثة الاستثمار البيئي والاجتماعي.. الذي يساعد على توجيه الأموال إلى الطاقة النظيفة، وعارضوا قانون الرئيس جو بايدن للحد من التضخم وأحكامه المتعلقة بالمناخ. لكن كلا منهم كان من المدافعين منذ فترة طويلة عن الطاقة المتجددة في ولاياتهم الأصلية، وفي بعض الحالات تلقوا مساهمات في الحملات من الشركات المستفيدة.
ومن جانبه، لا يرى جراسلي تضارباً بين انتقاده للحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية في واشنطن ودفاعه عن الطاقة الخضراء في ولايته. وقال المتحدث باسمه، تايلور فوي، إن الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية تتضمن «عناصر قسرية» تتعارض مع وجهة نظر جراسلي القائلة بأن أسواق رأس المال يجب أن تقود تحولا منخفض التكلفة إلى الطاقة النظيفة.
وهذا في حين أنه ليس سراً أن بعض السياسيين يقولون أحياناً شيئاً ويفعلون شيئاً آخر، إلا أن التناقض بين الأقوال والأفعال يكون صارخاً بشكل خاص عندما يتعلق الأمر بالحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية، وهي شأن مالي ضخم شوهه «الجمهوريون». وفي حين أن داعميهم الماليين في شركات النفط الكبرى والصناعات الملوِّثة الأخرى يدفعون بمعارضة الطاقة المستدامة، فمن المرجح أن يكافئهم ناخبوهم على جلب وظائف خضراء (ملائمة للبيئة) إلى ولاياتهم.
ومن المحتمل أن يؤدي قانون خفض التضخم إلى استثمار تريليونات الدولارات في كل شيء من الطاقة الشمسية إلى محطات الشحن. وبالإضافة إلى ولايات آيوا وأيداهو ويوتا، يتم بناء العديد من مصانع السيارات الكهربائية والبطاريات الجديدة التي ستستفيد منها ولايات أخرى يديرها الحزب الجمهوري مثل تينيسي وأوهايو وجورجيا. وعلى الرغم من أنَّ كل عضو جمهوري في الكونجرس عارض القانون، فإن الكثيرين قد روجوا لإقامة استثمارات مناخية بمليارات الدولارات في مناطقهم.
وقال كاري كروسنسكي، أستاذ الاستثمار المستدام في جامعتي ييل وبراون: «هذه تناقضات.. الجمهوريون يخاطرون بالدفاع ضد الأشياء التي يفعلونها بالفعل ويشجعونها».
وكان جراسلي ضمن مجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين الذين هددوا العشرات من مكاتب المحاماة في نوفمبر الماضي بإجراء تحقيقات حول ما إذا كان عملاؤهم قد ارتكبوا انتهاكات لمكافحة الاحتكار من خلال المشاركة في «كارتلات المناخ» أو «مخططات الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية غير الحكيمة». وفي الشهر الماضي، صوّت الرجل البالغ من العمر 89 عاماً لمنع قانون وزارة العمل الذي يسمح لخطط التقاعد بالنظر في تغير المناخ وقضايا أخرى تتعلق بالحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية، مما أدى إلى أول فيتو لبايدن.
ولعقود من الزمان، كان جراسلي داعماً قوياً للطاقة المتجددة، حتى أنه يشار إليه باعتباره «أبُ» طاقة الرياح الأميركية. ففي أوائل التسعينيات، كتب أول ائتمان ضريبي لطاقة الرياح وقدم فواتير لتعزيز الوقود الحيوي، والذي تعد ولاية أيوا بقطاعها الزراعي الضخم من بين أكبر منتجيه.
ويسلط الموقع الإلكتروني الخاص بجراسلي الضوءَ على كيفية خفض طاقة الرياح لانبعاثات غازات الاحتباس الحراري، ويقول إن السناتور مهّد الطريقَ لولاية أيوا لتقليص بصمتها الكربونية. ويضيف الموقع أن الأسواق ستقود في النهاية تحولا منخفض التكلفة إلى وقود أنظف إذا كانت قادرة على المنافسة.
وأحصى السناتور شركة بويت Poet لصناعة الوقود الحيوي من بين كبار المتبرعين له، حيث ساهمت بنحو 36,000 دولار خلال حملته الأخيرة، وفقاً للبيانات التي جمعتها مجموعة المراقبة «أوبن سيكريتس» Open Secrets. وأفادت المجموعة التي تتخذ من واشنطن مقراً لها أنه تلقى أيضاً 27,500 دولار من شركة جروث إنيرجي لتصنيع الإيثانول ونفس المبلغ من عملاق تطوير مصادر الطاقة المتجددة «نيكست إرا إنيرجي» NextEra Energy. كما ساهمت شركة جنرال إلكتريك، مورد توربينات الرياح، بأكثر من 23,000 دولار، وفقاً لمجموعة أوبن سيكريتس.
وبعد أن تولى بايدن منصبه، حثه جراسلي على الوفاء بتعهداته بشأن الطاقة الخضراء، قائلاً إن طاقة الرياح ستكون حيوية لخلق فرص العمل وخفض الانبعاثات. ويقدر البيت الأبيض أن ولاية أيوا ستجذب ما يقرب من 25 مليار دولار من الاستثمارات في مشاريع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والتخزين حتى نهاية العقد نتيجة لقانون خفض التضخم.
وفي ولاية أيداهو، هناك تناقض مماثل، حيث هاجم السيناتور كرابو، كما فعل جراسلي، الاستثمارَ في الحوكمة البيئية والاجتماعية على عدة جبهات، على الرغم من جهوده لتعزيز الطاقة النظيفة. ولسنوات، كان السيناتور البالغ من العمر 71 عاماً يعارض التوجيه الفيدرالي للمعاشات التقاعدية بشأن الحوكمة البيئية والاجتماعية، مدعياً أنه سيضحي بالأرباح لصالح خفض الانبعاثات. وفي مايو الماضي، كان كرابو من بين 10 مسؤولين في أيداهو انتقدوا شركة التصنيف الائتماني ستاندرد & بورز جلوبال لإصدارها تقريراً عن مخاطر الحوكمة البيئية والاجتماعية للولايات، ووصف المقاييس بأنها «منحازة سياسياً». وفي يونيو، شارك في استضافة اجتماع ركز على الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات، ادعى فيه أن إدارة بايدن تعمل على تطوير أجندة «مناخية ومالية جذرية».
لكن في العام السابق، قدم كرابو مشروعَ قانون من الحزبين مع أحد أشد المدافعين عن المناخ في الكونجرس، ألا وهو السناتور الديمقراطي شيلدون وايتهاوس (رود آيلاند)، ومن شأن مشروع القانون هذا أن يساعد في تعزيز الابتكار في تقنيات الطاقة النظيفة.
وهناك رومني الذي كان من بين عشرات المشرعين في ولاية يوتا الذين انتقدوا ستاندرد آند بورز جلوبال العام الماضي لتحليلها بشأن الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية للولايات. كما انتقد مؤخراً قانون الحوكمة البيئية والاجتماعية الفيدرالي للتقاعد، قائلاً إنه يسيّس مدخرات التقاعد لصالح «التفضيلات الأيديولوجية» لبايدن. ومع ذلك، قال رومني (76 عاماً)، وهو عضو في تجمع حلول المناخ في مجلس الشيوخ، إن طريقة معالجة تغير المناخ هي من خلال ابتكار القطاع الخاص. وهو يدعم تمويل أبحاث الطاقة الشمسية والنووية والمناخية.
سايجيل كيشان وآري ناتار
صحفيان لدى «بلومبيرج»
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست لايسينج آند سينديكيشن»