«نحن الإمارات 2031» وخريطة الذكاء الاصطناعي العالمية
الإمارات من الدول الرائدة عالمياً في التحول الرقمي، ومحاور الاستراتيجيات الاقتصادية للدولة وخطة مئوية الإمارات 2071 التي تشمل رؤية شاملة وطويلة الأمد لمدة خمسة عقود تتضمن محور اقتصاد متنوع قائم على المعرفة. كما تمثل رؤية «نحن الإمارات2031» خطة جديدة ترسم ملامح العشر السنوات القادمة في التقدم الاجتماعي والاقتصادي والعلاقات الدولية، وهي خطة وطنية تعطي الأولوية لاقتصاد المستقبل القائم على مجتمع متلاحم واقتصاد ذي بنية تكنولوجية مستدامة تساهم في تعزيز تمكين أهداف مئوية الإمارات 2071 في الاقتصاد المعرفي المتنوع وتطوير التعليم الذي يعطي الأولوية للتكنولوجيا المتقدمة والهندسة، مع تعزيز القيم الإماراتية في الأجيال القادمة.
«نحن الإمارات 2031» هي خطة عمل استراتيجية تساهم في تعزيز الارتقاء بدولة الإمارات العربية المتحدة بين الدول الأكثر تقدماً في العالم بحلول عامها الـ 100 - ولا شك أن الذكاء الاصطناعي، بالطبع، يلعب دوراً رئيسياً في تحقيق الركيزة الأساسية لاقتصاد المعرفة المتنوع والتكنولوجيا المتقدمة. التطورات التكنولوجية التي سنشهدها في العقود القادمة في كافة القطاعات سواء في الطب، الغذاء، الطاقة، الصناعة، الخدمات اللوجستية، الخدمات المالية وغيرها، جميعها ستقوم على الذكاء الاصطناعي والعلوم المتقدمة.
الذكاء الاصطناعي لا يقوم على أسس موارد طبيعية ولا مواقع جغرافية.. وبتسخير هذه التكنولوجيا أصبح من السهل جداً التنافس في مجالات اقتصادية لم تكن متاحة من قبل، كما تساهم في تعزيز جودة الحياة بتمكين هذه التكنولوجيا في عدة قطاعات رئيسية. قيمة سوق الذكاء الاصطناعي العالمي تبلغ في الوقت الحالي 136.6 مليار دولار أميركي ومن المتوقع نموها إلى 1.81 تريليون دولار بحلول عام 2030. أما بالنسبة لمنطقة الشرق الأوسط، فثمة توقعات بأن يبلغ سوق الذكاء الاصطناعي 320 مليار دولار أميركي – ومن المتوقع أن تشهد دولة الإمارات تأثيراً ملموساً بنسبة 14% على ناتجها المحلي الإجمالي.
وتشير التقارير من «بي دبليو سي» إلى أن الاستثمارات في الذكاء الاصطناعي ستكون الأكثر في قطاع التجزئة والتجارة الإلكترونية بنسبة 19%، الخدمات اللوجستية والتعليم والصحة بنسبة 18.6%، يليها قطاع النقل والخدمات اللوجستية بنسبة 15.2% ثم قطاع الإعلام والاتصال والتكنولوجيا بنسبة 14%، أما نسبة سوق الذكاء الاصطناعي في الاستثمارات والخدمات المالية والطاقة فهي 13.6%. يليها قطاع البناء والصناعة بنسبة 12.4% ثم قطاع الطاقة بنسبة 6.3%.
النسخة الأولى من مؤتمر أبوظبي للذكاء الاصطناعي جمعت نخبة من العلماء البارزين والخبراء لعرض مساهمات الذكاء الاصطناعي في خدمة البشرية ومناقشة كيفية تشكيل نظام بيئي تكنولوجي مستدام، يكون له آثار عالمية في تحسين جودة الحياة للبشرية جمعاء، من خلال تطبيقات التكنولوجيا المتقدمة والابتكار والعلوم.
المؤتمر ناقش العديد من المحاور الرئيسية الخاصة بالذكاء الاصطناعي وتعليم الآلة، حيث تناول الخبراء مجموعة واسعة من الموضوعات والتحديات والفرص التي يمثلها الذكاء الاصطناعي، وكيفية بناء تكنولوجيا متقدمة مع الأخذ بعين الاعتبار الاستدامة، تغير المناخ، ونماذج الذكاء الاصطناعي العامة التي يجب تطويرها من أجل مستقبل أفضل للبشرية في جميع النواحي مثل الطاقة، الغذاء، الصحة والاقتصاد الأخضر وغيرها. ولعل من اللبنات الأساسية لأي نظام بيئي تكنولوجي مستدام هو تنمية مواهب شركات التكنولوجيا الناشئة ومن خلال هذا المسعى، قدم مؤتمر أبوظبي للذكاء الاصطناعي منصة لربط رواد أعمال الذكاء الاصطناعي الشباب بالمستثمرين والخبراء ومطوري التكنولوجيا ومزوديها وخدمات الدعم التي يحتاجونها لإطلاق وتنمية شركاتهم الناشئة لتصبح شركات ناجحة تساهم في تقديم نماذج قائمة على الذكاء الاصطناعي، بدراسة الفجوات الحالية الموجودة وتقديم حلول مبتكرة في هذا القطاع. كما تمت مناقشة أبرز مساهمات تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في حل مشاكل عالمية تتقدم الأجندات الدولية حالياً مثل الاستدامة، كفاءة الطاقة، الحياد الكربوني والتقدم الطبي في معالجة الأوبئة أو السيطرة عليها.
وتناولت جلسات المؤتمر نماذج تساهم في الحفاظ على البيئة والتقدم العلمي، مع أهمية دراسة البصمة الكربونية لهذه النماذج، وكيف يمكن المساهمة في الذكاء الاصطناعي الأخضر. والجدير بالذكر أن تقريراً صادراً عن منظمة الذكاء الاصطناعي للكوكب AI for planet بالتعاون مع بوسطن الاستشارية، ينص على أن 87% من قادة القطاعين العام والخاص الذين يشرفون على المناخ وموضوعات الذكاء الاصطناعي يعتقدون أن الذكاء الاصطناعي هو أحد الحلول الأساسية في مكافحة تغير المناخ. كما عرضت جلسات المؤتمر أهمية بناء الأنظمة الذكية والحوسبة الفائقة السرعة وذكاء الحافة القادمة والأتمتة بآليات تعتمد على خوارزميات جديدة لمواكبة النمو السريع في معالجة البيانات الضخمة، وتعزيز تمكين التكنولوجيا في قطاعات مهمة مثل الصحة والاتصالات اللاسلكية والشبكات الرادوية والغذاء والطاقة.
وخلال مؤتمر أبوظبي للذكاء الاصطناعي أشار نخبة من علماء وخبراء الذكاء الاصطناعي أن البداية يجب أن تكون قائمة على أسس متينة بالإجماع لضمان استدامة التقدم التكنولوجي في كافة المحاور من اقتصاد أو فائدة مجتمعية أو تقدم تكنولوجي في الصحة، الغذاء، الطاقة أو غيرها. لذلك من المهم مواصلة الحوار العالمي والتعاون بين مختلف القطاعات والمجتمعات العلمية والاقتصادية ورواد الأعمال لرسم خريطة الذكاء الاصطناعي العالمية وتمكين مساهمات الذكاء الاصطناعي المستدامة في مختلف القطاعات، مع مراعاة الأمن الرقمي والبعد الأخلاقي والحوكمة الرقمية المتكاملة لبناء نماذج تكنولوجية متقدمة وابتكارات علمية تساهم في جودة الحياة.
*رئيس اللجنة المنظمة لمؤتمر أبوظبي للذكاء الاصطناعي- رئيس وحدة الذكاء الاصطناعي في معهد الابتكار التكنولوجي، ذراع البحوث التطبيقية لمجلس أبحاث التكنولوجيا المتطورة في أبوظبي.