الأسلحة الكيماوية: تاريخ الرعب
شهد الأسبوع الماضي تبادل الادعاءات بين روسيا وأوكرانيا، بأن كلا الطرفين يمهد الأرضية لاستخدام الأسلحة الكيماوية، من خلال الاتهام المسبق للطرف الآخر، بأنه ينوي استخدام هذا النوع من الأسلحة! وبعيداً عن هذه الادعاءات والاتهامات المتقابلة، التي هي خارج نطاق هذا المقال، سنكتفي هنا بتعريف الأسلحة الكيماوية، واستعراض أنواعها، وبعض من تاريخ استخدامها في الحروب والصراعات المسلحة، وأحياناً حتى في الاغتيالات السياسية للمعارضين.
فبداية، تُعرّف الأسلحة الكيماوية على أنها الأسلحة التي تستخدم ذخائر تحتوي على سموم أو مواد كيماوية مصنعة خصيصاً، يمكنها أن تقتل البشر، أو أن تتسبب في أذى وضرر شديد لهم. وتقسم الأسلحة الكيماوية إلى عدة أقسام أو أصناف، منها: الغازات الخانقة، مثل غاز «الفوسجين» والذي يهاجم أنسجة الرئتين والجهاز التنفسي، ويؤدي إلى غرق الضحية في إفرازات رئتيه، ومن ثم وفاته اختناقاً. وهناك أيضاً العوامل الحارقة، وأشهرها غاز الخردل، والتي تؤدي إلى حروق وقروح في الجلد، وفي قرنية العين تؤدي لاحقاً إلى إصابة الشخص بالعمى.
أما أخطر أنواع الأسلحة الكيماوية وأشدها فتكاً، فهي الطائفة المعروفة بغازات الأعصاب، والتي تعيق وتؤثر على التواصل العصبي بين المخ والعضلات. وتبلغ درجة خطورة هذا النوع من الأسلحة الكيماوية، أن كمية ضئيلة جداً منها، يمكن أن تكون قاتلة. فمثلاً في حالة غاز الأعصاب (VX)، يمكن لنص مليجرام فقط، أن يقتل شخصاً بالغاً. وأحياناً ما تصنف بعض المواد الكيماوية التي لا تقتل ولا تسبب أذى كبيراً غالباً، ضمن أنواع الأسلحة الكيماوية.
مثل الغازات المسيلة للدموع، أو رذاذ الفلفل الحار الذي يستخدم أيضاً على نطاق واسع من قبل قوات الشرطة أو للحماية الشخصية. ورغم أن الأسلحة الكيماوية يعود تاريخ استخدامها إلى عصور غابرة، في أشكال بسيطة وبدائية، إلا أن بداية استخدامها على نطاق واسع كان خلال الحرب العالمية الأولى، ما جعل البعض يصفها بأنها كانت (حرب علماء الكيمياء).
ففي بداية الحرب استخدم غاز الكلورين، ليستبدل لاحقاً بغازات الفوسجين والخردل، الأكثر خطورة وفتكاً. وكنتيجة للرعب العالمي الذي تسببت فيه الأسلحة الكيماوية حينها، والمآسي الإنسانية التي نتجت عنها، تم تصنيفها ضمن أسلحة الدمار الشامل. وحالياً يحرم استخدام الأسلحة الكيماوية تماماً، حسب اتفاقية عام 1997، والتي وقعت عليها معظم دول العالم. ويشرف حالياً على تنفيذ بنود هذه الاتفاقية والالتزام بها، منظمة حظر الأسلحة الكيميائية (OPCW)، وهي منظمة دولية يقع مقرها في لاهاي بهولندا، وإنْ كان هذا لم يمنع استخدام الأسلحة الكيماوية بين الحين والآخر على نطاق محدود.
* كاتب متخصص في الشؤون العلمية.